التغطية مستمرة
نسخة الاثنين الأخيرة من برنامج (حتى تكتمل الصورة) الذي تبثه قناة النيل الأزرق.. كانت بتقديرنا حلقة استثنائية جدا.. وبالمناسبة هذا البرنامج يكاد ينقذ القناة من مأزق اتهام البعض بأنها قناة تغرد خارج السرب.. غير أن الحلقة المشار إليها كانت حلقة الموسم لكونها لامست أم القضايا الحياتية الملحة واقتربت من المسكوت عنه.. الحلقة التي هرب منها أهل المطاحن دون أن يتركوا وراءهم أي أسباب مقنعة غير الرسالة التي فهمت من السياق بأنهم لا يرغبون الخوض في هذا الموضوع!! نظرت الحلقة في قضية الخبز من زواياها المختلفة.. أزمة الخبز التي تتطل برأسها كل بعد فترة كسيف مسلط على رقاب الجميع حكومة وشعبا.. أين تكمن الأزمة.. في اتحاد المخابز أم آليات توزيع الدقيق أم في المطاحن.. الأسئلة المتدرجة.. وإن شئت.. المستدرجة التي انتهت بنا إلى بيت قصيد الأزمة.. والتي هي باختصار شديد تكمن في أن سياستنا الحكومية الحالية تكرس إلى ثقافة (توطين استيراد القمح)!! فبحسب السيد المتعافي أحد ضيوف الحلقة.. أن ما ينفق على عمليات الاستيراد المحتكرة يكفي لإحداث ثورة في زراعة القمح.. على أن طريق تمرحل الحلقة السلس قد أفضى بنا إلى (إمبراطورية القمح) حسب توصيف الأخ الزميل ابوالقاسم.. الضيف الآخر في الحلقة.. وهو يعني مباشرة منظومة المطاحن الباهظة التي تحتكر عملية استيراد هذه السلعة السياسية الاستراتيجية المهمة.. التي طالما هزت عروشا وزلزلت الأرض تحت أنظمة بأكملها.. فالذي يعلمه القليلون جدا هو أن مصير حكومة السودان الآن بيد هذه المطاحن التي أحكمت سيطرتها على الدولة السودانية ..
فالبنك المركزي لا يملك في هذه الحالة خيارا آخر تحت سطوة المطاحن غير أن يعطي الأولوية في ما بيدينا من عملات حرة وبسعر ميسر لهذه الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.. وهنا تخسر الدولة خسارات مركبة مادية ومعنوية وسيادية على أن أفدح خسارة تتمثل في تكريس ثقافة الاستيراد.. ثم استنزاف العملات الأجنبية الصعبة.. فضلا عن فروقات سعر الدولار ومفارقات وضع مصير البلاد في يد مجموعة رجال أعمال.. ومن المضحك المبكي أننا كثيرا ما خرجنا من الاستديوهات إلى بث مباشر لحفلات افتتاح منشآت اهدتها المطاحن ورجالها هدية للشعب السوداني.. حكاية ترقى لتراجيديا أحمد مطر.. أسمنت الدروب وحجارة الشرفات ومعدن الشفرات وزيت النفط.. كلها ميراث جدك في مراكش والجزائر.. برواية أخرى هى بضاعتنا قد ردت إلينا!!
لا أعرف قضية في سودان المفاوضات أعظم وأهم من قضية توطين إنتاج قوت السودانيين.. القضية التي يفترض أن ترهق خيل المجلس الوطني والمؤتمر والحكومة.. فالذي أعرفه أننا نحتاج أن ندير مفاوضاتنا مع أرضنا ونعقد صلحا مع قمحنا حتى إذا أكلنا وشبعنا وصدرنا.. نذهب إلى أديس والدوحة مرفوعي الرأس نبحث عن خيارين اثنين.. أحد السلامين.. سلام بالحسنى أو بالشتاء الساخن أو الصيف البارد.. فلعمري ماذا سيحقق مفاوضا يستورد قمحه من وسطاء المفاوضات !!
يا جماعة الخير نحتاج أن نفتح هذا الملف داخل طاولاتنا كلها وجالسنا وفضائياتنا وقارعة طرقاتنا بالطرق المتواصل.. ولنا عودة بحول الله وقوته ..
[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائمملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]