حيدر المكاشفي

قشف المعارضة وبكش الحكومة

[JUSTIFY]
قشف المعارضة وبكش الحكومة

(قشف وبكش) عبارتان عربيتان فصيحتان، ولهذا لم نضعهما بين معقوفتين، الاولى (قشف) لا جدال حول عروبيتها القحة، أما الثانية (بكش) ففيها قولان بحسب (تموضعها) في الكلام، ففي الفصحى لها معنى هو غير معناها في الدارجة… والقشف هو تلك القشور والبثور الجلدية الصغيرة الجافة التي تظهر على الجلد بسبب جفافه لاي سبب… أما البكش بالعربي الفصيح على ذمة لغوي غير حصيف يتكيء على المعجم الوسيط، فهو من بشك بمعنى كذب أو إختلق اقوالاً غير حقيقية ليحتال بها على الناس، ويقول قدماء العرب (بَشَك يُبشّك فهو بشّاك)، ولكن رأي محديثهم أن يقلبوا الكلمة إستسهالاً للنطق فجعلوها (بكش يبكش فهو بكاش) وهو الشائع الآن مع ملاحظة أن الاستخدام الدارجي للكلمة يختلف إختلاف مقدار عن استخدامها الفصيح، فهي في الدارجة لا ترقى لمستوى الكذب الصراح واختلاق الاقوال بغرض الاحتيال وإنما بهدف التجمل على غرار (أنا لا أكذب ولكني أتجمل)، فاذا قال لك (عنقالي) يا بكّاش فهو لا يعني أنك كاذب وبالضرورة لا يعني أنك صادق، بل أنك بين ذلك عوان، قفزت فوق الحقيقة وذوّقت الواقع وجملّته بما ليس فيه، وبهذا المعنى فإن البكّاش يبقى نديداً لـ (الهرّاش)…

أركان الحكومة وأقطابها و(ترلاتها) نراهم في غاية الغبطة والحبور، بل صاروا بين الفينة والأخرى يعّرضون بالمعارضة ويسخرون منها، يتندرون بها و(يتنبرون) عليها، لانها فاشلة وعاجزة عن تحريك شعرة في رأسهم دعك عن تحريك الشارع، من قبل والآن وفي الغد، وهذا قول لا نستطيع ان نرده او نغالط فيه ولو من باب المكابرة ، ولكن الحكومة في زهوها وتبخترها على المعارضة المسكينة لم تقف عند هذا الحد ولم تكتف بتحدي المعارضة والسخرية منها وكان الله يحب الحكومة وبس خلاص، وانما دفعت المعارضة بيدها جانبا لتخاطب الشعب في عمومه و(عامته)، تقرظه وتمدحه و(تكسر له التلج) ، فتصفه بأنه شعب واع وصبور ومتفهم ومدرك لاسباب الغلاء الطاحن الذي يعايشه والحال البائس الذي يكابده، ولهذا فهو لم يصرخ في وجهها او يحتج عليها ويخرج للشوارع في تظاهرات هادرة ضدها كما فعلت شعوب اخرى ، ففي اعتقاد الحكومة ما دام ان الشعب هادئ و(مستكين) ومتعايش مع هذه الاجواء المأزومة فهو اذن متقبل لها وواع بها وراض عنها، وإلا لكان قد خرج للتظاهر ضدها كما خرج اشقاؤه العرب، ولا شأن لنا بما تعتقده الحكومة فهي حرة في اعتقادها ولها الحق ان تعتقد ما تشاء، ولتضحك على المعارضة حتى تستلقي على قفاها، ولتقلل من شأنها إلى أي مدى تشاءه حتى لو بدت لها المعارضة في حجم (حبة سمسم)، فضحكها على المعارضة لن يزيد عن كونه ضحك ابو سنينة على ابو سنينتين كما في المثل الشعبي، وسخريتها منها لا تعدو كونها سخرية الجمل من طول رقبة الزرافة، فلا هذه قد رحمت الشعب ولا تلك قد قاتلت من اجله وللشعب رب يحميه، فحذاري من الضحك عليه بمثل هذه المقولات والاوصاف غير الحقيقية ، فهو ليس (طيبان) لدرجة أن (تأكل الغنماية عشاءه)، وارجو ان لا يخالجها ادنى شك في انه ليس ادنى قامة ولا اقل حيوية من تلك الشعوب العربية …
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي

تعليق واحد

  1. مشكور أوصلت الرسالة الصامتة للشعب(الصابر)،ونتمنى أن تُثمِر الرسالة.