التحول (4)

[JUSTIFY]
التحول (4)

«1»
> .. وما لا يقوله لسان.. وما لا تراه العيون.. وما لا تفهمه العقول.. هو ما يدير = أو يدمر = السودان اليوم.
> فكل شيء.. تحت الأرض.. تحت الأرض.
> ولسنوات نحدث أهل الفهم عن كل شيء.. ونجد شيئاً واحداً..
> نحدث عن أزمة سياسية.. أو نزاع.. أو خراب.. أو…
> وما نجده دائماً يظل هو نظرة معينة.. في العيون.. نظرة السخرية.. سخرية من يستمع إلى من يحدثه عن شيء يجهله الجهل كله..
> … ونغوص .. لنعلم ما هناك..
> وهناك بعض ما نجده هو أن التمرد.. والمحادثات والاتفاقيات والنزاع بين الإسلاميين… و… كلها.. كلها جذورها هي شيء مما لا يخطر ببالك.. لا يخطر.. لا يخطر..
> ونغوص.. نبحث جذور إنشقاق الإسلاميين.. وهناك طبقات الحقائق المقتتلة يجعلك تعود إلى القاموس تبحث عن معنى كله حقيقة.
> ونغوص في غابة الخراب المالي والسياسي.. نبحث عما تعرفه العيون التي تنظر إلى الناس في سخرية..
> وننتهي إلى (الحوار)..
> وعن الحوار.. وعن الحقائق نعود إلى (كتاب المطالعة) الذي كنا نقرأه لما كنا أطفالاً..
> .. وفي كتاب المطالعة قصة النسَّاج الذي يوهم الملك أنه ينسج له ثياباً هي شيء (لا يراه الحاسد والجاهل… و.. و..) .. والنساج يظل أياماً وشهوراً يحرك يديه كمن يصنع الثياب.. ويطلب المزيد من الحرير والقطن..
> ثم يجعل الملك يخلع ثيابه ويرتدي الملابس الجديدة هذه..
> ولأن الملابس هذه لا يراها الحاسد والحاقد والجاهل فإن الجميع هناك = وحتى لا يتهم بالحقد والجهل = يتظاهر بأنه يراها ويظل يمدح.
> .. وننتهي إلى أن الحديث حول الحوار.. وحول التمرد والمحادثات.. وحول الفساد.. وحول.. وحول.. هو حديث يطلقه الآن من يخشون اتهام الناس لهم بالجهل أو الحسد.. بينما كل شيء يمشي عرياناً..
(2)
> .. وشيء آخر هو أكثر خطورة..
> وكلمة (مشروع الجزيرة) تصبح رمزاً للخراب الذي لا أمل في إصلاحه.. لكن..
> العام الماضي بروفيسور الزبير بشير ومجاهدون معه ينجحون (ينجحون بالفعل) في إنتاج تقاوى قمح تبلغ سبعة آلاف ومائتي طن.
> .. ولزراعة مائة وخمسين ألف فدان.. قمحاً.
> ولإنتاج نصف مليون طن قمحاً..
> .. ثم .. مع مشروعات أخرى السودان يخرج من مشنقة القمح والديون.. والخراب..
> لكن!!
> الجهة الوحيدة في السودان التي تعرف ما تفعل تنطلق طبولها حول الزبير..
> والزبير.. يقال من منصب الوالي.. والمشروع يموت.
> قبلها مشروعات لا تنتهي نسرد بعضها هنا.. ما أن تبدو أولى أوراق نجاحها حتى تضرب..
> .. والناس حين يسألون عن السبب.. ما يجدونه = كل ما يجدونه = هو نظرة التعالي الساخرة التي تلهب وجوههم منطلقة من عيون.. من يعرفون.
(3)
> وأنموذج قمح الزبير يكشف عن جذور أخرى.. فالمجاهدون يتصلون بنا ليسألوا عن: كيف.. ولماذا.. تنشط بعض الصحف الآن.. الآن.. ضد الزبير.. كان هذا أيام نجاح مشروع القمح..
> وعن الفساد.
> قالوا: هل تعرفون ما تفعله الكتابات هذه ـ عن الفساد = في معنويات المقاتلين هنا!!
> .. وغريب أن الحديث عن الجيش والمعنويات من هنا..
> وعن الجيش وحظرالحديث عنه من هناك..
> وعن الجيش (ذاتاً.. ومعنى) من هناك أشياء نلتقي بها في غابة البحث.. البحث عما يقال وما لا يقال..
> وعن المعنويات نذهب إلى نظافة الشيوعيين.. السوڤيت.
> وأيام فوز (باسترناك) بجائزة نوبل (عن رواية دكتور زيفاجو) ولما كان الإعلام في روسيا يشتمه وإعلام الغرب يمدحه كانت صحيفة البرافدا تنشر مقالة لأحد المزارعين يقول فيها
: ما هذا الضجيج؟.. نسمع أن بعض الضفادع عندكم (ويعني باستراك).. تقول إنها غير راضية عن الحال.
> نحن هنا نزرع القمح وسط الأوحال ونحن سعداء..
> ابعثوا بالضفادع إلى الخارج فهي تقتل معنويات الرفاق..
> المزارع كان مصيباً جداً هناك.
> .. والحديث عن الجيش.. وعن القانون الذي يمنع الحديث عن الجيش يذهب بنا إلى حقيقة أن ما أضاع فلسطين هو القانون هذا..
> أيام حرب فلسطين كان الجيش الأعظم لإسرائيل هو الخيانة التي تمد الجنود بذخيرة فاسدة..
> .. والجنود عندما يقولون للقادة إنها فاسدة يجدون صرخة (الانضباط).
> اضرب يا عسكري.
> ويضرب.
> والمدفع ينفجر في وجهه هو..
> والانضباط.. وقانون حظر الحديث عن الجيش يذهب بفلسطين.
> وجيشنا = الذي يقاتل لخمسين سنة دون أن ينهزم = التمرد الوحيد في إفريقيا وآسيا الذي لم يصل إلى السلطة هو التمرد السوداني… الجيش هذا الذي يسجل انتصاراته على المستحيل وعلى العدو هو جيش يصلحه تماماً تعديل قانونه.
> … و..
(4)
> السرية = سرية الدمامل = إذن وسط الجهة الحاكمة .. والفرق الهائل بين ما يظنه الناس ويرونه على السطح وبين حقيقة الأشياء تحت الأرض.. الأظافر المضللة هذه والمقتتلة هي ما يقتل البلاد..
> وهي ما يجعل الدمامل تنبت (الآن) في كل مكان (رسمي وشعبي)..
> وهي ما يجعل الحوار مستحيلاً.. و..
> وتظن أنت الآن أن حديثنا هذا هو نوع من الجراحة..
> … بينما الجراحة هذه هي شيء يمكن أن يصبح سلاحاً رائعاً تديره المخابرات الأجنبية بخناجر جديدة في معدة السودان.
> ونحدث عن صناعة الخمر من التمر.. كيف؟
> والخمر والميسر فيهما إثمٌ ومنافع والوطني مثل ذلك.. والمعارضة مثل ذلك.. وعن هذا.. وهذا نحدث.

[/JUSTIFY]

آخر الليل – اسحق احمد فضل الله
صحيفة الانتباهة
[EMAIL]akhrallail@gmail.com[/EMAIL]

Exit mobile version