فدوى موسى

شكوى مستمرة

[JUSTIFY]
شكوى مستمرة

هذه هي المتعة الحقيقية في الحياة أن تكون مشغولاً بهدف تعرف أنه ذو قيمة كبيرة بدلاً من أن تكون كتلة أنانية صغيرة من الأوجاع والمظالم.. شاكياً أن العالم لن يكرس نفسه من أجل سعادتك ..(برنارد شو).. لخص في مقولته تصنيف البعض في احكام منقطع النظير هؤلاء الذين يحملون نقمة الاستمرار في الشكاوى المرة من الواقع الذي كثيراً ما يكون قاسياً ومؤلماً بل وطارداً، ولكن كيف يمكن أن يتوافق الفرد على إيجاد معادلة لحياته في ظل هذا الوضع لا يجدي أن تكون كثير الشكوى والتظلم دون أن تحرك قواك وعزائمك لهزم هذا الواقع المأزوم أصلاً، كم من متقدم الآن جاء من حواري الألم والنقص والضعف، لأنه عرف كيف يحرك قوته ويهزم صعوبات واقعة نعم المرء يحكي يخفف احتقان الواقع، ويكتب ليتنفس العداء ويرسم معالم السبيل.. ولكن البعض قد ارتسمت ملامحهم على الشكوى الدائمة بل حتى ارتبط اسمهم بها والحكي الدائم عنها لا أحد ينكر أن هناك شكاوى كبرى لابد أن يكون هناك منادياً صادحاً بها بديمومة أن تتحقق فيها العدالة والانصاف، ولكن في ذات الوقت أن تكون هي مصممة بحقها ومستحقها.. أما على المستوى الفردي فهناك دائماً كثيري الشكوى من ظلم الحياة وأنهم أفضل من ذاك وذاك ولكنها (دنيا بت كلب) أو (ما بتدي حريف) أو يرمون اللوم على الأوضاع جملة وتفصيلا بالتأكيد ليست كل الحياة إظلام وظلاميات، بل هناك معالم ومعابر للنجاح لكل فرد ولكن كيف يتواثق الاثنان على البدء والوصول والعبور.. أنه فن الحياة الممكنة، كلنا يشدو منذ الصباح الباكر في الطرقات.. في العمل.. في المنازل.. هناك منقصات.. هناك أوجاع ولكن ما من سبيل إلا أن تقهر حتى تنزوي في مكان قصي، وتفسح المجال للأمل والانفراج والتقدم خطوات، ولكن مشكلة جنون العالم تخلق فينا العنف والانحراف والاحتقان، ثم أن تجبر البعض وإحكامهم القبضة قد يزيد من هذا الإحساس الذي يكون لازمه فك الطوق بأي تعدٍ ممكن نعم هناك محقون في شكاويهم وليس من العدل الدعوة لكبتهم.. ولكن هناك طرقاً لتحويل الشكاوى الى واقع عمل يفرض نفسه لاصلاحها من منطلقها الصحيح، المظلوم يعمل على أن يحقق عدالته المرجوة.. المكبوت ينتزع الحرية انتزاعاً.. الموجوع يخرج من دائرة الوجع الى دائرة الأمل.. هي ليست (نصائح باردة) بل هي دلائل الحراك الحياتي الأصيل والباقي (صديقتي الحبيبة) ترى أن كل أوجاعها ومظالمها سببها الحزب الحاكم، وأن الحياة لن تستقيم لها إلا بذهاب دولته التي ترى أنها عزلتها كمواطن من فرص كثيرة للحياة بالداخل والخارج، وسطرت بها مظالم الحاضر والمستقبل، ولأنها ترى تلك الزاوية لم تستطع حتى الآن أن تجد لها طريقة تخرج بها من الدائرة تلك في تعاطيها مع الحياة، وهي تنتظر شرطها لوقف الشكوى حتى تستطيع عزم المواصلة، ولأننا في الجانب الآخر ندعوها دائماً للسعي فيما تراه ممكناً، لأن الشرط لا يعرف متى يتحقق اليوم أم الغد، ونحن جميعاً نعلم أن دوام الحال من المحال، وأن الحياة قابلة للتعاطي معها لو حاول الفرد منا التصالح مع بعض جوانبها دون الدخول لمتونها…

آخر الكلام: ليس معيباً أن نشكي.. كلنا يشكو الوجع والأحلام الضائعة والأمنيات الصعبة.. وكلنا نخشى أن نشكو الأقدار والأيام التي هي من روح الخالق.. لا نسب الدهر ولا حتميه.. قد نكون أكثر تفاؤلاً إن قلنا إن نتصالح بقدر ما يحفظ الحياة بشكل ما.
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]