“نضافة” البرلمان
* البرلمان الذي يعتبر المكان المناط به (نظافة الأداء التنفيذي) من كل ما علق به من أدران، بات مهدداً بأن يظل مبناه (متسخاً) ما لم (يتكرم) النائب البرلماني (صاحب ومدير الشركة التي فازت بعطاء نظافة المبنى) عبد الله ميرغني بزيادة أجور العمال الذين تقدموا قبل يومين باستقالات جماعية لتدني أجورهم وركضهم حول (وعود زيادة سراب)، مع أن (كل الزيادات) التي جعلتهم يفرون من السوق فرار السليم من الأجرب تمت المصادقة عليها من داخل (المبنى الذي يقومون بنظافته) ويحتله النواب .
* لن أقول إني كنت أتمنى أن يقع عطاء (نظافة المبنى) لشركة لا علاقة لها بأحد الجالسين (تحت القبة)، ولكن هذا التمني ليس مربط الفرس، ولن أقف عنده كثيراً فنحن نعيش في بلد يسقط فيها الواجب ناهيك من أن يمني المرء نفسه بوضع مثالي، و(ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن) .!!
* يأتي النائب للبرلمان ليبث (هموم سكان منطقة) وينقل (شكاوى أهل دائرة)، والمكان الذي يعتبر (مستودع شكاوى) أهل السودان ضاق صدر نائب رئيسه د. عيسى بشرى بشكوى (عمال نظافة البرلمان) وتضجر لأن هؤلاء (الغلابة المسحوقين) شكوا سوء أوضاعهم للصحافيين وأعلنوا تقديمهم استقالات جماعية إذا لم يف( صاحب الشركة والنائب البرلماني) عبد الله ميرغني بوعوده لهم ويقوم بزيادة مرتباتهم .!!
* حتى هذه اللحظة الأمر عادي جدا.. عمال طالبوا بزيادة لم تحدث، قاموا بكل احترام ورقي بنقل شكواهم للصحافيين الموجودين معهم في ذات المكان (المختلف على قيمة نظافته).. لم يخرجوا في مظاهرات بالشارع أو يسعوا لإغلاق كبري أم درمان العتيق رغم أنه عددهم (37) عاملاً، ومخدمهم (النائب البرلماني) الذي ينتظر زيادة 9 ملايين على قيمة تعاقده.. علل عدم تنفيذه وعد الزيادة بأسباب لا علاقة لهم بها من شاكلة: (العقد المبرم مع البرلمان بقيمة 23 مليونا.. وبزيدهم لو سحبوا استقالاتهم.. وأنا ماسكهم على مضض عشان فاتحين بيوت) .!!
* قبل العودة لصلب الموضوع، اسمحوا لي بتذكير النائب البرلماني (صاحب عطاء نظافة البرلمان) أن أصوات الناخبين يمكن أن تمنح الشخص حصانة، وتأتي به عضواً بالمجلس الوطني.. ولكنها لا يمكن أن تمنحه حق توزيع الأرزاق على الناس، فمن لا يعمل عنده يموت جوعاً أو يغلق أبواب بيته على أقل تقدير، لذا ليس من الحكمة استفزاز (رجال يأكلون من عرق جبينهم) ويعملون بسواعدهم بعبارات سخيفة مثل: (ماسكهم على مضض عشان فاتحين بيوت)، ودعوني أقول – على مضض- لسعادة النائب الهمام: ( إن من يتصدق بماله لا يقول لمن يحسن إليهم كلاما جارحا وظالما كالذي تفوهت به، فما بالك بمن يرفض زيادة أجور العاملين معه ويشترط عليهم لزيادتها سحب استقالاتهم). !
* عودة على ما هو ذو فائدة بالموضوع، وبعد تجاوز (الكلام الفارغ) دعونا نقف عند ما فعله نائب رئيس المجلس الوطني د. عيسى بشرى – فذاك هو غير العادي في الموضوع – فالرجل دعا أمس الأول الصحافيين الذين يقومون بتغطية البرلمان في مكتبه لـ(مسألة مستعجلة) وصب جام غضبه عليهم، لنقلهم خبر استقالات عمال النظافة الجماعية، وعندما قارعوه بالحجة وأفحموه وقالوا له إن كل ما تم نشره صحيح، فعلام الغضب؟، قدم بشرى محاضرة في التحرير الصحافي معلناً تحفظه على (الخطوط العريضة) التي تم استخراجها للخبر وردد (كلاماً ميتاً) عن عدم إيراد اسم الشركة في (المانشيتات) ليقتل بالكلام اللا منطقي (قضية مطالبة حية) .!!
* ثمة سؤال يفرض نفسه: هل يعتقد بشرى أن الصحافيين البرلمانيين (ضباط علاقات عامة) يعملون عنده، وينقلون الأخبار لصحفهم على هواه الخاص، فيكتبون عن الورش وينقلون تهانئ النواب، و(ينظفون) أخبارهم من (مطالبات عمال النظافة) حتى يرضى (سيادته عنهم) .؟؟
* نشهد للزملاء من الصحافيين البرلمانيين بالمهنية العالية وحسن الأداء منذ سنوات طوال، فأسماء صحافية كثيرة تعاقبت على تغطيات جلسات البرلمان، وبعضهم الآن يشغل مناصب تحريرية رفيعة، ومن يتواجدون تحت القبة الآن أقلام واعية وأمينة ومشبعة بكريم الأخلاق ووافر الاحترام .
* (رمي الكلام) يمثل أزمة قيادات البلاد التنفيذية والتشريعية، فها هو نائب رئيس المجلس الوطني عيسى بشرى في خبر محدود عن (نقل مأساة عمال نظافة بمجلسه) اتهم الصحافيين البرلمانيين بأنهم (أصحاب أجندة مرة واحدة)، فإلى متى سيظل هذا التخبط وتوزيع الاتهامات بالمجان، وكان الله في عون عمال نظافة البرلمان !!.
نفس أخير:
* سارعوا بحل المشكلة من جذورها، فالبرلمان يحتاج لنظافة .!!
[/JUSTIFY]ضد التيار – صحيفة اليوم التالي