عمر الهناء
ترى ما هو الفرق العمري المناسب بين شريكي الحياة لتحقيق الانسجام المطلوب والتوافق التام ليعيشا معاً في سعادة واستقرار وهناء؟!
البعض يعتقد أن عمر الزوج لابد أن يكون أكبر من عمر الزوجة بنحو عشر سنوات تقريباً!! آخرون يؤكدون ضرورة أن لا يتجاوز الفرق ثلاث أو أربع سنوات! فئة ثالته تفترض أنه كلما تجاوز الفرق العشر سنوات فما فوق توفر النضج اللازم والحكمة المطلوبة للزوج ونجح في منح الزواج الهدوء الإيجابي على اعتبار حقه في القوامة!!
هذا لأنه – بحسب وجهة نظرهم – كلما زادت سنوات الفرق العمري.. شعرت الزوجة تجاه الزوج بالاحترام، وفرض هو عليها ما يلزم من الهيبة والسطوة التي تخلق بداخلها خشية لا تسمح لها بتجاوز كل المحاذير!!
فهل يجب أن يكون في الزواج حقاً محاذير؟ وهل يوفر فرق العمر وحده كل ما يحتاجه الطرفان للشعور بالتقدير وعدم تخطي الحدود المطلوبة في أي تعامل إنساني؟!
في اعتقادي أن العمر وحده لا يجعل من أحدهم ناضجاً وقادراً على قيادة حياته الزوجية بأمان.. فكل ما يحتاجه الزوج الرائع هو الإحساس الكامل بالمسؤولية المادية والمعنوية تجاه امرأة قرر طائعاً أن يأخذها من بيت أهلها ليصبح هو كل أهلها!
كما أن الحكمة التي يتطلبها الزواج لا تقتصر على الزوج وحده.. بل إن المرأة منا أكثر حاجة للنضج والحكمة كونها الدينمو المحرك فعلياً، ويقع على عاتقها تصريف شؤون أفراد أسرتها ووضع الهندسة الداخلية لذلك الصرح العظيم الذي يجب علينا أن نقرر البدء في بنائه ونحن مدفوعون برغبة أكيدة في أن يكون صرح العمر الذي نحيا في حماه .
أعرف العديد من الزيجات المتقاربة عمرياً ناجحة جداً ويتمتع طرفاها بفهم متشابه للحياة وتفاصيل مشتركة.. وأعرف زيجات أخرى يتعرض طرفاها بعد حين لهزة عاطفية وإحساس بالندم ويجنح أحدهما بمشاعره تجاه آخر ولو سراً لأنه فقد حماسه لتلك الشراكة!!
هذا قد يتسبب في كوارث اجتماعية غير محمودة.. وهو ما يجعل ضرورة أن يكون الزوج أكبر من زوجته أمراً يحقق الكثير من الأمان ويجعله مصفحاً ضد النزوات والانحرافات!!
كل تلك الفرضيات لا تعدو كونها فرضيات نسبية.. لا علاقة لها بمعدل نجاح الزواج واستمراريته.. فعمر الإنسان لا يحدد أبداً ثقافته وشكل تفكيره وأسلوب حياته.. ولاعلاقة له بصدق إحساسه ومدى اهتمامه واحترامه لشريكه.. وإن كنت أسقط كل ما تقدم على الرجل.. فلا تزال فكرة أن تكون الزوجة في المطلق أكبر من زوجها فكرة تطرح على استحياء ولا تجد الحماس اللازم مهما توفر للمعنيين من حب ورغبة.
عموماً سواء أكان الفرق العمري كبيراً أو مناسباً أو بسيطاً أو كان الطرفان في ذات العمر.. يظل السبب المباشر في نجاح أي زواج هو احترامنا للآخر وتفاصيله وعدم التفكير في ضرورة تغييره، عما كان عليه، ليكون صورة منا وتقدير اهتماماته واحتمال طبيعته الإنسانية والتعايش معها.. وقبل كل ذلك الاقتناع والرضا بنصيبنا من الزواج.
تلويح:
تزوجوا صغاراً.. واجعلوا العشرة والستر يمنحانكما ما تبقى من عمر وتجارب.
إندياح – صحيفة اليوم التالي