زيارة لدار عزة
قمت بزيارة لدار عزة للطباعة والنشر التي يقوم على أمرها صديقنا الأستاذ نور الهدى محمد نور، فهو رجل ظل يعمل لـ(45) عاماً متواصلة في مجالي النشر وطباعة الكتاب يسكن في فضاء ويقيم في غلاف.
أن تقوم بزيارة لدار نشر ذلك ما يعني زيارة التاريخ والحاضر والمستقبل.. زيارة التاريخ تجسّدها عناوين كتب من رحلوا وأشرقوا في طريقنا بذلك الضوء الذي مازلنا نسلكه، وزيارة الحاضر هي أن تلتقي بأغلفة كتب من هم على قيد الحياة يدلون ويدونوا ويمدوا أكفهم للتاريخ. وزيارة المستقبل تعني تلك الكتب المستشرفة التي ترى المستقبل بأعين ذات بصيرة زائدة و بقريحة خصها بها الله.
أصدرت دار عزة منذ العام 2001 حتى بدايات هذا العام «420» عنواناً لكتب توزَّعها التاريخ والاقتصاد والسياسة والترجمة والرواية والقصة والشعر والمسرح والدراسات الأدبية النقدية.. ولأن النشر صناعة وللصناعة مدخلات وتحولات،أشفق على نور الهدى من هذه المعادلة التي تنتهي بقيمة نقدية لا يوفيها عادةً من هم في صف الحكمة وفي مخيم القراءة.. ورغم ذلك رمى نور الهدى بنفسه في أتون هذا التعقيد دون أدنى شفقة على نفسه مانحاً هذا الحق لغيره كي يشفق عليه ورغم أنني أشفق عليه وعبّرت عن تلك الشفقة بشراء عناوين كثيرة إلا أنني أطالبه بالمزيد من العناوين للمزيد من الخسارة حتى يقول «النشوف آخرتا»!
حرصت على زيارة عزة لأسباب كثيرة أولها رغبتي في الإطلاع على جديد الكتابة السودانية وثانيها لهفي للالتقاء بشخصيات كثيرة ضاعت مني في تجوالي وترحالي وأسفاري المستمرة، وبالفعل التقيت بعشرات منهم واجترحت مثلاً جديداً «الرايح ليهو مثقف يلقاهو في دار عزة»!
له الثواب الحسن فنور الهدى لا يكل من تقديم الشاي والقهوة والماء الصافي ويتفضل بتقديم المياه الغازية لمن نجوا من مصادقة «السكري» ومع كل نوع يوزع خبراً ثقافياً ومعلومة وإفادات حول معرض الكتاب القادم.
سرني كثيراً أن دار عزة ظلت ترشح روائيين سودانيين لجائزة «البوكر العربية» التي نادراً ما تجد بين متنافسيها روائياً من السودان.. ادعوا لصاحبنا نور الهدى بالمزيد من النجاح والخسارة معاً!
[/JUSTIFY]
أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني