سهاد عيني
* كلما داهمتني لواعجي ركنت لصوت (ترباس) المترع بالحنين والشجن لأهدهد دواخلي وأربت على مزاجي المعتكر يومها بفعل الوجد والأشواق وربما الغيره والخصام.
ولا يزال ذلك الصوت يبرع في إعادتي للجلوس على طاولة المفاوضات مع ذاتي.. لأصالحها أو أهادنها حتى أجد الحلول الملائمه لمآزقي العاطفية الشائكة.
فحين يغني (ترباس) (يا ريت) تشهق الأمنيات الحسيرة بأعماقي وتهز رأسها ثم تنخرط في بكاء محموم.. وكلما نما إلى مسامعي تأكيده الصادق بأن (زول بريدك زيي مافي) شعرت بأنه يتقمص دور جميع العاشقين فيكون لسان حالهم, ثم يشكو بشكواهم وهو يستجدي المحبوب بكثير من العتاب أن (سيبني في عز الجمر).
* وعبر تاريخي الكتابي المقدر لم أتمن يوماً لو أنني كنت صاحبة نص لكاتب آخر مثلما تمنيت مراراً لو قدر لي أن أكتب قصيدة (إنت المهم) للرائع (عبد العال السيد) والتي صادفت هوى في نفوس جميع السودانيين وهي تعرب عن إحساس صادق لعاشق متيم تساقط كل متاع الدنيا من عينيه وحياته ولم يبق في خارطة أيامه ومشاعره وأحلامه سوى شخص وااااحد يرى فيه كل الناس ويؤكد له مراراً أن غاية هواجسه أن (خايف تفوت والسكه بيك ما تلمني) على أمل أن يقدر المعني ما بنا من هيام ونحن نرجوه أن (نسيني يا عمري الضياع) ففي راحتيك كل الأمان.
* وكلما عصفت بي رياح الشدة وكاد اليأس والإحباط ينسف قواعدي أتاني صوته مردداً: (ما تهتموا للأيام.. ظروف بتعدى.. طبيعة الدنيا زي الموج.. تشيل وتودي).. وكأنه يلهمني الصبر ويواسيني.. فلا أملك إلا أن أتنهد وأهدئ من روعي وأعاود السعي والفلاح والتشبث بالحياة وأنا أبذل الرجاء أن (عينيا ما تبكي).. لإيماني المطلق بأن (الغرام يخطي ويصيب.. مرات يشيل مرات يجيب)… و(أصلو الندم بيفيد شنو؟).
ولا تنس يا حبيبي أنك من يجرم دائماً في حق ودادنا لأن (الغلط منك.. أصلو ما مني).. وأخشي أن تدور الدوائر على إهمالك لي واستهانتك بأشواقي فتعود يوماً لـ(تفتش الماضي) فيكون رد المجيب الآلي أن (خلاص الماضي ولّى زمان).
* وكلما تململت في فراشي من الأرق.. أحاط بي (ترباس) مردداً: (يداعب في لحاظ عينيك.. تطوف في الدنيا أسرابو.. سهاد عيني.. وداعتك كانت أسبابو).. وهو التبرير المنطقي الوحيد لذلك الشوق الحانق الذي يعتريني.
* تلويح:
لو لم يغن ترباس سوى (أمي الله يسلمك).. لكفاه.. مع تحياتي للجميل التجاني حاج موسى.
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي