مصطفى أبو العزائم

دردشة مع السفير الإسرائيلي!


[JUSTIFY]
دردشة مع السفير الإسرائيلي!

السفير المعني هنا هو سفير دولة إسرائيل في الجارة أريتريا، والدردشة مسرحها العاصمة الأريترية «أسمرا» وجرت بين السفيرين الأمريكي والإسرائيلي من جانب، وبين زميلنا الصحفي الكبير والسياسي المخضرم الأستاذ صلاح عمر الشيخ، الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين، وذلك قبل أيام خلال جولة قام بها السفيران الأمريكي والإسرائيلي معاً داخل معرض نظمته شركة «سودان اكسبو» التي يملكها ويديرها الأخ الأستاذ عمر الشيخ.

السفيران دخلا إلى الجناح السوداني وصافحا القائم بأمره وهو الأستاذ صلاح عمر الشيخ الذي لم يعرف هوية أو صفة زائريه الاثنين، إلا بعد أن قدما نفسيهما له، وقد فوجيء بمن كان يتحدث إليه بلغة عربية فصيحة بلكنة شامية، وهو يقول معرفاً نفسه إنه سفير إسرائيل في أريتريا.

والأخبار في زماننا هذا لا حابس لها، بل إنها تطير في الهواء كالدخان قبل أن ينتبه صناعها أو أطرافها، فجاءت الأخبار من «أسمرا» على أجنحة السرعة والخيال بـ «مصافحة بين سفير إسرائيل ومسؤول سوداني» ثم أعقبها خبر آخر بنشوء «دردشة» بين الطرفين كان ثالثهما فيها السفير الأمريكي.

و.. قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن، وأصبح هناك متوعدون بالويل والثبور وعظائم الأمور للأستاذ صلاح عمر الشيخ لأنه صافح إسرائيلياً في درجة سفير وتبادل معه أطراف الحديث.. بل وباعه بعض المنتجات السودانية.

بالله عليكم، أي خطل هذا الذي يدور، وأي جدل «ما جايب حقو» يجري على صفحات الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي كأنما مصافحة الإسرائيليين تستوجب الإعدام.

لا بد لنا من أن نفرق بين المواقف السياسية الرسمية، وما بين المواقف الإنسانية، أو الغامضة التي لا نستبين فيها شخصية الطرف الآخر قبل أن يعرف نفسه، أو يقدم بطاقته.

ما حدث للأستاذ صلاح أمر عادي قد يحدث لأي منا، وقد يحدث حتى لكبار سياسيينا أو زعمائنا وقادة أحزابنا، وما لقاء السيد الصادق المهدي بشيمون بيريز في «مدريد» ببعيد. ولا نعلم كم من سفرائنا في الخارج قابل سفراء «دولة الكيان الصهيوني»..!

بعضنا يحاول أن يرمي اللوم على الأخ الأستاذ صلاح وما هو محل لوم.. إذ كيف يلام من جاءه رجل مبتسم ماداً يده للمصافحة وهو يتحدث إليه بلغة عربية فصيحة وبلهجة أهل الشام، هل كان المحتجون يريدون منه أن يصفعه وقد جاءه زائراً في عقر داره، إن اعتبرنا الجناح السوداني داراً للأستاذ صلاح وللعاملين معه..؟ أم كانوا يريدون منه أن يشيح عنه بوجهه وهو لم يعرف هويته بعد..!!

لماذا التسرع.. لماذا الظلم.. لماذا الصيد في الماء العكر ومحاولة اغتيال صحفي وطني لا نشك في وطنيته وعرفناه منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، كان نموذجاً للصدق والشرف والأمانة، وهي صفات حملها عندما كان معنا، وحملها عندما غادرنا للعمل في دولة الإمارات العربية الشقيقة.. لماذا..

سبق لكاتب هذه المادة في أكتوبر عام 2891م أن التقى بوفد إسرائيلي كبير مكون من عدد من أساتذة الجامعات وعشرات الطلاب والطالبات في تلك الجامعات الإسرائيلية، وقد كنا عائدين من «أسوان» إلى «القاهرة» بعد أن قام وفد وزاري سوداني قاده اللواء أركان حرب خالد حسن عباس وزير النقل وقتها، بتدشين الباخرتين «سيناء» و«ساق النعام».

ذهبنا إلى «أسوان» من القاهرة جواً، لكننا آثرنا العودة عن طريق السكة الحديد، وتم الحجز لنا في القطار «الفرنسي» وهو أحدث قطار وقتها، وكان أن ذهبت ومعي زميلي المصور من وزارة الإعلام الأستاذ أحمد أبو دبر إلى صالون القطار، لنجد جمعاً شبابياً سرعان ما أفسحوا لنا مجالاً بينهم لأكتشف بعد وقت وجيز أنهم إسرائيليون.. انسحب زميلي وبقيت مثل السيف وحدي، وعدت إلى السودان، وكتبت قصة ذلك اللقاء الذي تم على الأرض المصرية داخل القطار الفرنسي مع ركاب إسرائيليين.

الأستاذ صلاح عمر الشيخ لم يقم بأكثر مما كان سيقوم به أي شخص منا، إلا إذا كنا نريد التجريم والتحريم قبل أن نستبين الملامح ونتلمس الدواخل بدعوى الوضوء بماء الوطنية.

[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]


تعليق واحد

  1. اذا كان الفلسطينيين اصحاب الجلد والراس والوجعة يتعايشون يوميا مع الاسرائيليين فى الاسواق والشوارع بل وفى البارات فى تل ابيب .وعدد من

    الدول العربية طبّع علاقته معها ( بينها مصر اخت بلادى الكبرى) نحن فى

    شنو شايليين وش القباحة, درس الاف السودانيين المبعوثين مع الطلاب

    الاسرائيليين , دع عنك المهاجرين المندمجين معهم فى اوروبا وامريكا