أبشر الماحي الصائم

إحاطة سوار بمعصم الجهاز

[JUSTIFY]لما كانت صحافتنا تنتحب على إثر حالة نزيف اجتاحت جامعاتنا السودانية.. بحيث انضم ألوف من أساتذة جامعاتنا السودانية إلى جماعة (التفكير في الهجرة).. أذكر أني خرجت يومها بمقال مصنوع غير مفجوع على أن الأمر ليس كله محض شر.. فعلى الأقل هنالك دول تصمم كوادر بأكملها (للصادر).. وإن لنا من الجامعات والخريجين العاطلين ما لا يجب أن تتعطل له عقولنا وأفق حلولنا.. ودعوت صحافتنا وحكومتنا إلى تجاوز صدمة نزيف الهجرة إلى إجراء بعض الاسعافات لتدارك المتبقين وتوظيف مكتسبات الراحلين.. غير أن لسوء حظي أو لحسنه لا أدري أن فلسفة توظيف قوة طاقة المغتربين تقع على عاتق هذا الجهاز الذي صمم منذ عقود لإدارة ملف المواطنين الخارجين من الداخل.. ليطرح السؤال من جديد عن قدرة جهاز السودانيين العاملين بالخارج في الإحاطة بقضايا المهاجرين والمغتربين وتوظيف مدخراتهم الفكرية وخبراتهم التراكمية ومدخراتهم المادية لصالح الوطن.. إذ أن البقاء بالوطن ليس مقياسا لدرجة الولاء والوفاء.. فكم من مغترب بعيد قريب بدعمه ماديا ومعنويا للوطن.. وفي المقابل كم من شخص يعيش وسط مؤسسات الوطن هو أخطر على الوطن بانخفاض درجة حماسته القومية.. تلك قصة أخرى سنعرض لها في حينها ..

أتواصل هذه الأيام مع بعض الإخوان المغتربين من الذين حملوا الوطن على رؤوسهم وافئدتهم.. وهم يومئذٍ مطلعون ومعايشون لتجارب الجنسيات والجاليات الأخرى.. كيف أن تلك الدول تمتلك من العبقرية ما يجعل مقتربوها يتدفقون بمدخراتهم وأسهمهم للمشاركة في اقتصاديات بلادهم.. ونحن نمتلك من الغباء في كثير من الأحيان ما يجعل مغتربينا يهربون من حالات تقريش وطنيتهم ذلك بمراوحة محطة (دخلوها وصقيرها حام).

عندما لا نجيد مخاطبة هذه القوة الضاربة باللغة الملهمة الجاذبة.. أتصور أن في وجدان كل سوداني مغزى.. ما هنت يا سوداننا يوما علينا.. ففطرة المغتربين بيضاء ناصعة البياض وجهاز المغتربين أما أن يزيدها بياضا أو يسودها و.. و..

كنت أتعشم أن يتغير الخطاب على عهد الأخ سوار لنتجاوز معه ثقافة استقدام المطربين والمطربات عند مواسم الاستقلال والمناسبات.. لنخلف غداة الاحتفال أطنانا من الزجاجات الفارغة والأفكار الخاوية.. كنت أتمنى أن نعبئ الأفئدة بمشروعات ذات قيمة وعائدات تدعم الاقتصاد، وهذه أفضل هدية يمكن أن نقدمها للوطن في عيد ميلاده.. أما الغناء فلا يحتاج إلى عناء التذاكر والحجز على النزل من ذوات الخمسة نجوم.. (ومبروك عليك الليلة يانعومة).. ففضائياتنا التي بلغ غناؤها ما بلغ الليل والنهار.. جزاها الله خيرا.. هي تقوم بهذا الدور خير قيام، فنحن بفضل جهدها نقترب من حصد لقب (المليون مطرب).. ليصبح لكل ثلاثين شخصا مطربا حتى بتنا نخشى أن يأتي علينا اليوم الذي لا نجد من نغني له !!

* يا جماعة الخير نحتاج إلى بعض عبقرية ورؤية وروية تجعلنا ننتج من الأفكار الجاذبة ما يحعل مدخرات المغتربين تتدفق طوعا للمساهمة في مشروعات وطنهم كما يفعل الآخرون.. كفانا احتفالات ومهرجانات لا تقوى على إقامة مصنع ثلج أو مشغل تطريز !! وإلا فليعد هذا الدور كاملا إلى وزارة الخارجية وسفاراتها وقنصلياتها.. لكننا نعود ونستدرك بأن نعطي بعض فرصة وأمل للأخ السفير المجاهد سوار لعله يصنع بعض ثورة في جسد هذا الجهاز.. لمعالجة أمراض التخمة والترهل والروماتزيوم (عشرين إدارة) وقعود وعقود من العمل.. وليحيط سوار بجهازه إحاطة السوار بالمعصم.. نرجو ذلك.. نتابع ونفيد ..
[/JUSTIFY]