[JUSTIFY] نحن بين يدي خيارين اثنين لا ثالث لهما.. إما أن نذهب إلى صناديق الانتخابات لنشرعن المرحلة المقبلة من حكم البلاد.. ومن ثم نجعل صناديق الانتخاب وسيلة لتداول السلطة.. أو بالعدم الاحتكام إلى البندقية كما هو الحال عند الحركات المسلحة.. فعملية الانتخابات برغم كلفتها المادية الباهظة في بلد مهدود الحيل محدود الموارد.. إلا أنها أقل كلفة من الاحتكام إلى صناديق الذخيرة التي ثمنها الأرواح.. وبرغم أن المزاج العام الجماهيرى قد أصيب بالملل من أحاديث الساسة والانتخابات.. إلا أن مخاطر انزلاق البلاد في أتون فراغ دستوري يمكن أن يستثمر لصالح إحداث فوضى خلاقة لا تبقي ولا تذر.. يحتم علينا هذا أن نستخدم هذا الدواء المُر لأن الأمر منه الفوضى.. ومشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها.. كنت في لحظة فارقة قد دعوت إلى أن تذهب قيمة وكلفة الانتخابات إلى صناعة موسم شتوي ناجح.. على أن فراغ مخازن القمح أفظع من فراغ الدساتير.. لكني عدت أدراجي وملاذاتي إلى عملية ملأ الفراغ الدستوري لما علمت أنه ليس بمقدورنا عبور هذه المرحلة الحرجة بسلام إلا بعد دسترتها.. ذلك برغم أننا قد سئمنا من تكرار جملة (المرحلة الحرجة) على أن مراحلنا كلها قد أصبحت حرجة.. لدرجة خرجنا نحن بصفتنا كتاباً مضطرين في كل مرحلة أن ننزل إلى الجماهير ندعوهم لتمرير المرحلة الحرجة.. غير أن هنالك سؤالاً منطقياً عن مصير قاطرة الحوار الوطني التي يفترض أن تصل إلى محطات إجماع الفرقاء قبل ترسيم المرحلة المقبلة.. وهذا ما لم يحدث.. لكن الحزب الحاكم يطمئننا بأن الانتخابات ليست على حساب العملية التحاورية، وإنما لعبور جسر المرحلة ثم العودة إلى الطاولة.. ونحن على متن حيرة المتنبئ نراوح تساؤلاتنا.. أطويل طريقنا أم يطول؟! المعارضة حتى الآن منقسمة على نفسها.. فاليسار لن يذهب إلى الانتخابات ولو أتت مبرأة من كل عيب.. ولا نحتاج إلى عبقرية لنكتشف أن القصة اليسارية في نسختها الأصلية تتمحور حول أزمة الجماهير.. فتاريخيا ليست لأحزاب اليسار أرصدة جماهيرية كافية تذهب بها إلى صناديق الانتخابات.. لهذا فإن دعوة اليسار إلى الديمقراطية هي دعوة حق أريد بها باطل.. سيظل سيف اليسار مع الحركات الثورية وقلبه مع الحرية والديمقراطية !!
غير أن ثمة فرصة لعبور جسر الانتخابات إذا ما نجح الحزب الحاكم أن يستميل أحزاب الوسط.. فعلى الأقل إن الاتحاديين بمعظم نسخهم سيذهبون إلى الانتخابات.. لتبقى عملية دفع حزب الأمة القومي إلى حلبة النزال الديمقراطى ليست مستحيلة.. على أن عودة السيد الإمام إلى أرض الوطن باتت قريبة فيما يبدو من تصريحات هنا وهناك.. فهذه العودة بمثابة نصف المشوار ويبقى العمل للنصف الآخر ليلحق الأمة بركب الانتخابات.. ثم يصبح الرهان الأكبر على الجماهير فهي رأسمال الصناديق الحقيقي.. فإن أنفق هذا الرصيد بسخاء لصناديق الانتخابات ستربح التجارة ونعبر مرحلة الخسارة.. جابوه بالطيارة وباعوه بالخسارة !!
ليبقى نداؤنا للجماهير الوفية أن لا نعطي المتربصين فرصة فراغ يتسللون منها لأحداث فوضى تفضى بنا.. لا سمح الله.. إلى الانضمام لمنظومة دول اليمن والشام.. فمهما قيل عن الخرطوم فهي أكثر أمنا من مجموعة عواصم عربية كثيرة.. ولئن شكرتم ليزيدنكم الله أمنا وإيمانا.. فيجب أن نذهب إلى الصناديق كمبدأ وممارسة حضارية وليحتفظ كل إنسان بخياراته.. فالذهاب إلى الممارسة هو في المقام الأول والأخير نصرة للوطن.. ولا يضير بعد ذلك أين يكون الصوت.. هذا الصوت صوت الشعب وهذا الشعب شعب مسلم …
[/JUSTIFY]