أبشر الماحي الصائم

فأمَّا الطماطم فلا بواكي لها

[JUSTIFY]تتهاوى الآن بالأسواق أسعار الخضر والفاكهة بصورة يومية.. فعلى الأقل أن منتوجات زراعية مثل الطماطم والبطيخ التي تصل هذه الأيام إلى ذروة موسمها وغزارة إنتاجها مرشحة أن تفقد معظم أسعارها خلال الأيام القليلة المقبلة.. ومن هنا يستطيع الذين يشتغلون بارتفاع معدلات الإنتاج الزراعى أن يلتقطوا بعض الخيوط المهمة جدا في جدلية الإنتاج الإقتصادى.. على أن قاطرة الاقتصاد تكتسب قوتها من مجموعة مقومات من ضمنها عمليات التسويق والحفاظ على معدل معقول للأسعار.. تكون مجدية للمزارع المنتج وفى المقابل غير مرهقة للمواطن المستهلك.. وإذا استحضرنا هذه القيمة الاقتصادية سيكون أفقر الفقراء حريص على انخفاض الأسعار دون مرحلة الانهيار حتى تستدام عمليات الإنتاج.. فعلى سبيل المثال يستطيع أبسط المواطنين أن يشتري كيلو الطماطم بجنيهين، ولكن إذا انهارت الأسعار لدرجة أن تصبح صفيحة الطماطم بأكملها بخمسة جنيهات فقط.. سوف لن يجد المواطنون في مقبل المواسم من يقدم على زراعة هذا المحصول مرة أخرى وهذه من بديهيات العملية الاقتصادية ..

* غير أن الأزمة برمتها هنا لا يسأل عنها المزارع ولا المستهلك، وإنما يسأل عنها المخططون الاستراتيجيون من الذين يديرون دفة الاقتصاد.. هل تصدقوا أن معظم محصولاتنا تعرض للتلف بعيد مواسم إنتاجها.. ذلك لسبب بسيط جدا هو أننا لا نعرف الطريق إلى الصناعات التحويلية والتخزين الحديث.. فالطماطم ليست وحدها هي وصديقها البطيخ.. فهنالك مجموعة من المحصولات تبدأ بالبصل والتمور والليمون والموز وغيرها من المنتجات التي نستمتع بها بين يدى الموسم ثم لا نلبث إلا نستوردها بالعملات الصعبة.. فمحصول الطماطم الذي يتلف بين يدي الموسم ولا نستطيع أن نحفظه عبر مصانع تحويلية بسيطة في فكرتها وكلفتها.. يكلفنا ذلك كثيرا ونحن نصبح من أكبر مستوردي الصلصة.. فانظروا يا رعاكم الله إلى البقالات والسوبرماركات التي تتشكل جل موادها من سوق الاستيراد.. وعلى سبيل المثال ازعم أن كل (الجزم) التي نبيعها في الصيدليات والأسواق هي جلودنا (التخينة) التي تسربت منا.. وكل (اللزق واللزاقات) هي صمغنا العربي الذي لا ينبت إلا في السودان.. وهذه تذكرني بأبيات رائعة لأحمد مطر تقول.. هي كلها ميراثك المسروق.. حجارة الشفرات.. أسفلت الدروب.. أوعية المعاصر.. النفط وزيت النفط.. هي أملاك جدك في مراكش أو دمشق والجزائر.. من خير يسيل بغير آخر ..

وحتى الليمون الذي ندفع به إلى الزبالة بعد تلفه يأتي علينا يوم لا نملك إلا نردد فيه الأهزوجة الشهيرة (قام يتعزز الليون)!! وربعنا أطال الله عمرهم بدلا عن الانشغال بالتحول الصناعي تجدهم مستغرقون للآخر في عمليات التحول الديمقراطي ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم..

* عرف السودان منذ عقود عديدة مصانع تجفيف البصل في كسلا وصناعة التمور في كريمة.. فنحتاج يا رعاكم الله أن نمشي في هذا الاتجاه بإحياء ما اندثر وإنشاء المزيد ..

* أخرج بهذه الطرفة.. قيل إن محمد الرباطابي الابن قال لأبيه.. وحشرة الكربة تمر بين أرجهلهم.. يابا يابا دي بتعضي.. قال الأب (هي دا فاضية من الجري).. والحال هذه نحن ننتظر القوم أن يفرغوا من كل التحولات الديمقراطية والسياسية لنبدأ مسيرة الصناعات التحويلية والتخزينية !!
[/JUSTIFY]