احلام مستغانمي

من سيفوز أخيراً بإهداء الكأس إلى إسرائيل ؟

[JUSTIFY]بعد أسبوع على الذكرى الثالثة لأسوأ كارثة في تاريخ الرياضة المصرية 22 شاب مصري يقع قتيلاً جرّاء تدافع المشجعين في ملعب لكرة القدم ، في مواجهة مع رجال الأمن !
رقم يضاف إلى أرقام الموت العبثي في عالم عربي مجنون ، فنحن نقصد الملاعب لنلاعب الموت ،ولنشجع أعداءنا على استرخاص أرواحنا بين الأمم .
لا أملك تعليقاً إلاّ ما كتبته قبل أعوام من الآن ، يوم تلك المباراة اللعينة التي كادت تشعل حرباً بين شعبيْ الجزائر ومصر الحبيبة :

من سيفوز أخيراً بإهداء الكأس إلى إسرائيل ؟
أثناء انشغال العالم العربي بما ظنّته الشعوب ربيعاً ،تعيش إسرائيل مواسم ازدهارها ، وفصول مباهجها . فقد اتّضح لنا ، خراباً عربياً بعد آخر، أن الربيع – في نهاية المطاف – كان يُزهر في مكان آخر غير الذي توقّعناه ، وأنّ ” خراب البصرة” وأخواتها من المدن العربية ، كان مخططاً له على يد ” العزيز هنري” كيسنجر قبل نصف قرن من الآن، أثناء سُباتنا الشتوي في أحضان التاريخ .
ما حاجة اسرائيل إلى القتال ؟ لقد تكفّلنا بذلك . أصبح بإمكانها أن تتفرّغ لمشاهدة نشرات الأخبار، وتقهقه حتى تقع على قفاها من الضحك ، وهي تُغيّر القنوات بين العراق، وسوريا ، ومصر، وليبيا، وتونس، واليمن ، وترى كم وفّرنا عليها من أموال ، ومن حروب، ومن قتلى ومخطوفين .
لقد أقسمنا برأس جدّنا الحجاج – الذي كان يعيش” ربيعاً ” دائماً ، ويعود من شمّ النسيم بباقة من الرؤوس المقطوفة، يزيّن بها كلّ يوم مائدته ، ويفتح بها شهيّته – بأن تكون مائدة الحرب كلّها على حسابنا . إنّه بعض من كرمنا .
أقسمنا بأغلظ الأيمان ، ألا نترك لإسرائيل فاتورة الحساب ، كل ولائم الموت على حسابنا ، كل المذابح ، والقصف ، والتفجيرات ،والاغتيالات المدبّرة ، والخراب المبرمج ، والدمار الشامل ، هو بقشيشاً تركناه إكرامية لردّ جميل مذابحها وجرائمها عبر التاريخ .
لعلّ السؤال الأصعب الذي ستواجهه إسرائيل في المستقبل، يختصره عنوان أغنية فرنسيّة شهيرة ” والآن ماذا عليّ أن أفعل ؟ ” ماذا ستفعل إسرائيل بربكم بجيوشها، وجحافل جواسيسها ، وترسانة أسلحتها ؟ حتى مخبريها سيعانون من البطالة ، فخونتنا وعملاؤنا ما تركوا لهم من مهمّة .
كان بيغين يقول ” من كلّ خمسة رجال لدى عرفات لي منهم 2 ” لم يصدّقه عرفات ،إلاّ عندما تأخّر الوقت كثيراً ، و انتهى المسكين مسموماً على يد أحد الرجلين !
بلى . . .
ثمّة لإسرائيل ما يمكن أن تلهو به ،بينما أوطاننا تزهر جثثاً مشوّهة ، ورؤوساً مفصولة ، وقلوباً وأفئدة بشريّة مأكولة بشهادة الكاميرات . بإمكانها أن تقتل الوقت بقتل الفلسطينيين ، مواصلة بعيدا عن الأضواء التنكيل بهم ، والإجهاز عليهم ، تجويعا وإبادة وحصاراً . فتستولي على أراضيهم ، وتهدّ بيوتهم ، وتقتلع أشجارهم ، وتلتهم القدس ” دار دار زنقة زنقة ” في غفلة من العالم المتواطئ معها تعتيمًا .
من سيحاسبها على جرائمها والعالم يشاهدنا يومياً ، تقترف ما هو أفظع منها ؟
أذكر يوم مباراة كرة القدم بين الجزائر ومصر ، وسقوط جرحى من الطرفين ، ووقوفنا على حافة حرب عربية بين البلدين ،أن شريط الأخبار كان ينقل أسفل الشاشة في جملة عابرة ، إعلان إسرائيل الشروع في بناء 1000 وحدة سكنيّة في القدس . لم يستوقف الخبر أحدًا ، الكلّ كان مشغولاً بشحذ سكاكين الضغينة ، وإيقاظ الفتنة ، استباقا للمعركة المصيريّة بين بلدين عربيين ، مذ أصبحنا العدوّ البديل لبعضنا البعض . حتى أنّ مسؤولاً إسرائيلياً لم يُخفِ أمنيته بأن تكون هناك مباراة لكرة القدم بين فتح وحماس ، عساها تنتهي بتصفية كل منهما للفريق الآخر .
منذ سنتين والمباراة مستمرة . في كل بلد عربي فريقان يتقاتلان باسم الوطنيّة في ملعب الوطن ، يزايدان على بعضهما وحشيّة وتطرّفا . ما عاد بإمكان أحد إيقاف كل هذا الجنون ولا أنهار الدم ، فقد تمّ قتل الحكَم ، وتفجير مدرجات المشاهدين ، وتفخيخ الكرة ، وتزيين المرمى بجماجم الفريق الآخر . . ولا ندري من سيفوز بإهداء الكأس إلى إسرائيل .![/JUSTIFY]