النسخة الحمراء
* فالآن نطالع في نشرات الأخبار العربية أخبارا مربكة جدا على شاكلة “تنظيم الدولة الإسلامية يشن هجمات على أنصار الله في اليمن”.. ولا تعرف في هذه الحالة.. وعلى طريقة عمنا السيد أن تكون إلى جانب الدولة الإسلامية أم تناصر أنصار الله !! غير أنك لا تملك إلا أن تستعصم بدعاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. اللهم آرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وجنبنا اتباعه..
* ونذكر في هذا السياق قصة طريفة جدا لجدنا مختار (ابسادوبه) رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. كنا لحظتها طلاب ثانوي بالقرية عندما سألني (صحيح الحكومة سوت الشريعة البيضاء).. فقلت له لا وإنما أعلنت حدود الشريعة الإسلامية.. فانتهرني بقوله “نان ماياها الشريعة البيضاء”!! وفيما بعد استدركت أن جدنا مختار رحمه الله كان يعني المصطلح الذي ورد في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم.. تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يذيغ عنها إلا هالك.. كتاب الله وسنتي عضو عليها بالنواجذ.. فكل الناس أعلم منك يا عمر !!
* وأذكر في مرحلة لاحقة لجدلية الشريعة البيضاء عملية تباين الأحزاب السياسية السودانية في أطروحاتها الإسلامية.. فبينما طرح الاتحاديون نسخة (الشريعة السمحاء).. في المقابل خرج علينا حزب الأمة القومي بنهج الصحوة الإسلامية.. وللإسلاميين مشروعهم الحضاري.. وفي ظل هدير الجماهير وهتافاتها التي زلزلت الأرض تحت أقدام الساسة.. لا شرقية ولا غربية إسلامية مائة المائة.. هذا الصوت صوت الشعب وهذا الشعب شعب مسلم.. عندها أوشك اليسار السوداني أن يخرج علينا (بنسخته الحمراء).. إذ دخل الطرح الإسلامي في البرامج السياسية على عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري.. وذلك عندما أصدر تلك النسخة من الشريعة الإسلامية على يد الثلاثي (النيل أبوقرون وعوض الجيد محمد أحمد وبدرية سليمان).. النسخة الإسلامية التي أطلق عليها الإمام الصادق المهدي واليسار السوداني اسم (قوانين سبتمبر) !! ويذكر جدا في هذه الفترة القاضي المكاشفي الكباشي بمدينة بحري، وكان حاسما في التطبيق.. حتى قيل إن رجلا مخمورا رفض أن يستسلم للشرطة بمدينة بحري حتى عبر جسر شمبات عدوا لمدينة أمدرمان.. وعزا ذلك أنه يود أن يخرج من دائرة القاضي الشيخ المكاشفي.. وهذه تذكرنا بواقعة خليجية أخرى.. قيل إن هنالك إمارة تحرم الخمر وأخرى لا تعاقب عليها.. فسكر أحدهم بإمارة ودخل إلى أخرى فلم تملك السلطات إلا أن ترحله إلى بلده وتنهي إقامته.. فضرب يدا على أخرى، وهو يقول “إمارة تسكر وإمارة تسفر”.
تعيش أمتنا الإسلامية لحظة ارتباك فظيعة كأني بها اللحظة التي يصبح فيها الحليم حيرانا.. أنصار الله هنا وأنصار الشريعة هناك والإسلاميون في السجون والحكام المسلمون يحاربون الإخوان المسلمين وكتائب عزالدين القسام.. إنها بامتياز مرحلة (التخابر مع حماس) والتنسيق مع اليهود لملاحقة (الإسلاميين)!! ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
[/JUSTIFY]