السقوط عند اللمسة الأخيرة
القصة الآن تتكرر في جسر الجريفات المنشية بحيث هزمنا الصبر على خرصنة آخر مراحل الجسر من جهة الشرق.. لتتبح حكومة ولاية الخرطوم لبعض الأسافير أن تحتفل على طريقتها بهذا الإنجاز العظيم !! ذلك عندما تصبح لعبة السياسة مثل ماراثونات كرة القدم.. بحيث لا يستطيع الخصم من إحراز هدف إلا بعد أن يحدث خطأ من الخصم الأمر.. فالحكومة على سبيل المثال تستطيع أن تحتفل بصناعة منجز كبير مثل الجسور.. وفي المقابل ليس بمقدور المعارضة أن تحتفل إلا بعد أن تكتشف أن ثمة خطأ حدث في تفاصيل تشييد هذا الجسور ..
وللذين يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة.. أنا أفرق هنا بين الأقلام الوطنية إلتي نهضت بقيمة المحافظة على المال العام ومعاقبة المقصرين وإعمال المزيد من الرقابة والإحسان والمهنية في صناعة المشروعات.. وأن نبتعد عن ثقافة (دفن الليل أب كراعا برة) كما وصفها صديقنا مزمل أبو القاسم في زاوية افتضح فيها عطر المعالجة الرصينة.. غير أن جهات أخرى قد احتفلت بالحدث على طريقة مصائب قوم عند قوم فوائد ..
وأذكر لما كانت تحتفل بعض الأسافير ذات خريف بفشل نفق عفراء في تصريف المياه.. قد خرج إلى الإعلام يومئذٍ السيد الوالي الدكتور عبدالحليم المتعافي وهو يمتلك الجرأة للاعتراف في السقوط عند اللمسة الأخيرة.. لكنه استطرد قائلا إن ولاة الحكومات الغابرة لم يقعوا في مثل هذه الأخطاء ليس لأنهم حاذقون أكثر منا.. بل لأنهم أصلا لم يصنعوا جسورا وأنفاقا تعرضهم لعمليات أخطاء.. على أن الذي يعمل معرض للخطأ والذي لا يعمل لا يتعرض للخطأ !!
وأذكر أيضاً لما خرج السيد الإمام الصادق المهدي للإعلام محتفلا بتأخير افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض لمدة أسبوعين لخطأ في تمرير (اللمسة الأخيرة).. أذكر اني قد استدركت الرجل الكبير بأن هذا المشروع قد تأخر إلى أكثر من عقدين من الزمان السوداني المهدر وليس لاسبوعين.. وذلك عندما لم يصنعه السيد الإمام في تعدديته الأولى ولا الثانية.. سيما وأن المشروع ينهض في قلاع نفوذ حزب الأمة التأريخية !!
تحتاج حكومة ولاية الخرطوم لمدرب حاذق يعلمها التهديف من خارج المنطقة ويدربها على إتقان اللمسة الأخيرة.. فلا يعقل أن تعمل وتتسيد الملعب وتسيطر على المباراة ثم تتعثر في اللمسة الأخيرة متيحا للخصم تسديد كرات سهلة في مرماك !!
[/RIGHT]