فدوى موسى

فدوى موسى : سكرتيرة عبدو


.. تتلفّت يمنة ويسرة.. ترفع الهاتف الثابت ليرنّ الجوّال.. تهزّ برأسها للجلوس بالمكتب أن ينتظروا قليلاً.. تضع كل شيء، وتدلف لمكتب السيد المدير (عبدو) لتعود لتهمس لأحد الحضور، بأن الحضور غداً لملاقاة المدير أفضل؛ لأنّ الوفد الفلانيّ في الطريق إليه.. ليرنّ مرة أخرى الهاتف، فتدفع بعبارة محفوظة: «سيادتو في اجتماع مطوّل».. وقبل كل ذلك، عليها أن تنتقي عباراتها عندما تتّصل زوجة المدير، التي تهدف لمراقبتها في شخصها «آلو.. أيوه مدام».. «أها سيادتو في المكتب ولاّ طلع..».. «أيوه يا مدام، موجود، أحوّلك عليهو..» «لا… لا، بس كنت دايرة اطمئن، لأنّو عندنا اتفاق وموعد..» لتتنبّه الآنسة السكرتيرة فجأة، إلى أنّ تلفونات المدام كثرت.. خاصة وأنّ مثل هذه التساؤلات من زوجته تتكرّر، بصورة مزعجة، فتدرك أنّها هي المعنيّة بها، وليس سيادتو، أو سعادتو، لتكتشف أنّها مجبرة على خلق جوّ صداقة مع المدام لتتفادى شكوكها وظنونها، ولكنّ المدام لا تكتفي بصداقة التلفونات، بل تقوم بتسجيل هدف أعمق، بأن تسجّل زيارات أسريّة لهذه السكرتيرة؛ إيماناً بنظريّة «كسر العين.. والملح والملاح..» ظنّاً منها «أنّ السكرتيرة ربما تخجل من أن تقدم على فكرة الارتباط، أو المحبّة لسيادتو؛ احتراماً لعلاقتها مع المدام.. لذلك تنحصر فكرتها في حدود الاستقبال، والردّ على التلفونات، والطباعة.. ليراود المدام محاولة اتّباع الفتوى الإرضاعية المشهورة.. رغم أنّها فكرة مجنونة، لكنها «أي مدام عبدو» تفاجئ بها السكرتيرة، قائلة: «عايني.. عرفتِ بفتوى رضاعة الزملاء؛ عشان موضوع الخلوة، وكدا.. ممكن تساعدينا بها» لتتّسع حدقات عيونها، ودون أيّ تردد، تسحب وريقة، وتسجل عليها استقالتها، ما دام الأمر جاب ليهو.. رضعات مشبعات، وكده» ولتجد في نفسها الجرأة رداً، وتلجأ سراً: «اسمعي يا مدام… زوجك دا آخر زول ممكن أفكر فيهو.. وكان دايرة ترضعيهو.. خلي يجيب ليك اللبن من الحي الساكنة فيهو..

آخر الكلام

أحياناً نظلم السكرتيرة، خاصة تلك التي كلّ همّها أن تؤدّي عملها، وتأخذ راتبها.