أسقطوا الوطني.. وثبتوا الوطن
قد لا يعلم الكثير من الطيبين والمتحمسين لنا وللثورة داخل البلد وخارجه أهمية عملية الإنقاذ الهائلة للربيع التونسي والتجربة الديمقراطية الوليدة التي قمنا بها، إذ أقدمنا على تلك الخطوات التي صنعت ما بات يعرف في المصطلح السياسي الدولي بـ (الاستثناء التونسي)، إنهم يجهلون أن البلد كان طيلة العام 2013 – ولا سيما بعد الزلزال المصري- متجها إلى استقطاب شديد، وصدام شامل بين جبهتين كبيرتين: جبهة المعارضة بقيادة السيد الباجي قايد السبسي (نداء تونس وحلفاؤه) وبين النهضة وحلفائها..
واضح أن قطارين ضخمين كانا متجهين إلى الصدام لا محالة وأنه بتلك السياسات تمت عملية تحويل هائلة لخطوط السير ..
انتهى حديث الغنوشي والآن الحديث لمؤسسة الملاذات الجناح الاستراتيجي.. فلو أن البعض يزعم أن الحالة السودانية لا يصدق لها توصيف “قطارين ضخمين متجهين للتصادم” على افتراض أن المعارضة لا تمثل ندا حقيقيا.. ففي هذه الحالة وبهذا المنطق هل يقبل هولاء أن يصطدم قطارا ضخما بعربة أمجاد أو قل حتى عربة ركشة.. ماذا ستكون النتيجة.. نحن لا نقبل أن يطحن هذا القطار ركشة بسائقها فقط فضلا عن عربات بأكملها ..
* والسؤال الذي ينهض هنا.. كيف تتفادى ركشاتنا وأمجاداتنا هذا القطار المندفع بقوة ! والإجابة في وصفة الشيخ راشد الغنوشي التي تدعو إلى تغيير مسار أحزاب المعارضة من طريق المواجهة إلى أدبيات المنافسة.. فلو استقدمت المعارضة من أمرها ما استدبرت لاتخذت إلى صناديق الانتخابات سبيلا.. بدلا عن الاستعصام بـ (نداء السودان) والاستقواء بالحركات المسلحة.. هنالك طريقان لا ثالث لهما لكي تنجو بلادنا.. طاولة الحوار وصندوق الانتخابات.. وحتى الآن أن معارضتنا بشقيها المسلح والمصلح تتجه إلى كل الجهات إلا جهة الحوار والانتخابات و.. و..
* للذين يقرأون بتطرف واجندة مسبقة.. أنا هنا لا أدعو الجماهير لتخرج إلى صناديق الاقتراع لتنتخب حزب المؤتمر الوطني.. بقدر ما أرى في الممارسة الديمقراطية نفسها نصرة للوطن برمته، وانتخابا للأسلوب الحضاري الذي يرسي مبدأ الاحتكام إلى صناديق الانتخابات بدلا عن الاحتكام إلى صناديق الذخيرة.. وبعد ذلك لا يهم من أتى على صهوة الصناديق.. المهم ألا يحمل الوطن على أسنة الرماح..
* والدعوة موجهة هنا بالدرجة الأولى للجماهير صاحبة المصلحة في الاستقرار والتنمية، لأن طلاب السلطة من السياسيين همهم الكراسي، ولو كان على ركام وأنقاض الوطن.. ففي صعدة وصنعاء وكل الأصعدة المحتربة من العبر ما يكفي إلى الانحياز إلى خيار انتخاب الوطن ..
[/JUSTIFY]