داليا الياس

السادة أصحاب النفوذ.. ومالا يجوز

[JUSTIFY]من الثوابت الأيدلوجية الإنسانية الراسخة في كل الأديان والتشريعات والأعراف والموروثات الاجتماعية أن التواضع شيمة النبلاء.. وأن الكبار يظلون كبارا ببساطتهم وتعاطفهم.. وأن المسؤول الناجح هو الذي يسوس الناس بالمحبة لا الخوف ولا الترهيب.. وأن صاحب النفوذ عليه أن يتقي الله في عباده.. وأن.. وأن.. من القيم (القديمة) التي تحث على ضرورة الترفق والحنو والاحترام والإخلاص في العمل وإيفاء الذمم والحرص على يقظة الضمائر.!!

الآن.. يصلح كل ذلك لأحاجي الحبوبات – إن وجدت- وأصبح في الغالب من القصص التي نجترها ونحن نمصمص الشفاه تحسرا على ما آلت إليه الأمور والأوضاع وأخلاق الرجال والإحساس الحقيقي بقيمة المناصب التي نتولاها والتقدير الأمثل للمسؤوليات.!!

السواد الأعظم من أصحاب المعالي والنفوذ على أيامنا هذه يسيئون استخدام الصلاحيات المكفولة لهم.. ويوظفونها في اتجاه مصالحهم الشخصية ومصالح ذوي القربى وبصورة سافرة لا تقوى فيها ولا حياء.!!

ويتفاوت ذلك الأمر من شخص لآخر حسب مستوى سلطاته.. بدءً بالغفير.. وانتهاءً بالمدير.

وكنت قد بدأت أتعايش مع هذه المحسوبية التي شملت كل المرافق وسيطرت على غالبية الناس.. وأرجعتها للفطرة البشرية الجانحة نحو الأنانية والظروف القاهرة التي فرضت علينا مثل هذا التردي.

ولكن أن يبلغ الأمر أصحاب النفوذ والسلطات العدلية التي نتكئ عليها باطمئنان.. فذلك مالا يمكن السكوت عليه ويحتاج لوقفة صلبة وتمحيص.

وقبل أن أبدأ في الكشف عن البينات والحكايات.. أتساءل عما قولكم في وكيل نيابة يستصدر أوامر القبض في حق الأبرياء دون تحر ولا تقص ولا تدقيق؟.. فقط لأن متحريا متواطئا أوصى بذلك أو لأن محامي الخصم كان أحد معارفه.!!

وكلكم يعلم الكيفية التي يمكن أن يتم بها تنفيذ أمر القبض والآثار النفسية والمعنوية وحتى الاجتماعية وربما المادية المترتبة على ذلك.!!

هذا يحدث الآن في بلادي.. بعض وكلاء النيابة أصحاب الحصانات الذين من واجبهم تحقيق العدالة يمشون بين الناس بالظلم والترويع والترهيب.. يؤخرون مصالح الناس.. ويمارسون عملهم بالكثير من التعالي والغرور.. لا يحسنون التعامل ولا يجيدون الابتسام.. يرون أن الإحراج و(المساخة) والبرود جزء لا يتجزأ من طبيعتهم الوظيفية، فتجدهم مكروهين.. يتلقون اللعنات سرا.. ويرسبون الحنق في النفوس.. ويعرقلون سير العدالة وهم في الغالب لا يفقهون حتى ما يجب وما لا يجب من إجراءات وقوانين تخص مهنتهم المقدسة.!!

الكثير منهم لا يجتهد في تحديث معلوماته.. ولا يلاحق تطورات العالم من حوله.. ولا يفقه أبجديات المهنة.. ويكتفي بما درسه على مقاعد الجامعة وما منح إياه من نفوذ وحصانة دون أن يسعى لتطوير نفسه حتى يؤدي عمله على الوجه الأمثل والأعدل.!!

قد يكون منهم الكثير من النبلاء الرائعين.. لكن مثل هذه النماذج المريضة تفسد الصورة الفخيمة التي نرسمها في أذهاننا لوكلاء النيابة أصحاب الفخامة والمعالي والألقاب البراقة التي نالت احترامنا زمنا.. وحتى نبدأ فتح ملفان العدل المعوج.. أطرح السؤال التالي على قراءنا الأعزاء من أصحاب الوظائف العدلية إن وجدوا.. وأنتظر التوضيح والتفسير: (هل يحق لوكيل نيابة ما إصدار أمر قبض لشاك في قضية ما كونه لم يتمكن لأسباب منطقية من الحضور لتنفيذ إجراء ما في البلاغ – هب أنه مثلا مضاهاة توقيع -ولم يتم تكليفه بالحضور ولا إعلانه بالإجراء).؟

أهكذا تحققون العدالة وتعيدون الحقوق لأصحابها..؟ أهكذا تحفظون كرامة الإنسان في بلادي..؟ أهكذا تعتاشون وتتلقون رواتبكم ومخصصاتكم المجزية..؟ ما لكم كيف تحكمون؟!!.. ولنا عودة.!!

تلويح:

ألجمني هول الصدمة.. وتسلسل الأحداث المزعجة قد يبدأ من الصغار.. الذين لا يتجاوزون (نجمة ) يتيمة على أكتافهم.. لكنهم قادرون -للأسف- على النيل من كل المقامات!!.. فكيف بهم وهم عظام.!؟
[/JUSTIFY]