أرباحك هي ضنك حياتهم .. فكيف تهنأ بها ..؟؟

[ALIGN=CENTER]أرباحك هي ضنك حياتهم .. فكيف تهنأ بها ..؟؟ [/ALIGN] ** الخصخصة رمت بأثقالها على كاهل العاملين بهيئة الموانئ البحرية .. والبارحة فقد أكثر من خمسمائة عامل من عمال قسم السلامة بالهيئة مصادر رزقهم .. كانوا من البسطاء الذين ينظفون الميناء بصفة عمال مؤقتين .. ومنذ عقد ونصفه من الزمان ظلوا على تلك صفة العمالة المؤقتة ، بحيث لم تستوعبهم ميزانية الهيئة ليصبحوا عمالة دائمة .. خمسة عشر عاما من عمليات الكنس والمسح والتنظيف ووظائفهم ظلت مؤقتة ..بدأت بهم إدارة الهيئة مشوار الخصخصة والتخلص من العمالة ..لأنهم ، البسطاء ، الذين لاصوت لهم ليرتفع برفض الفصل والتخلص ، لأن إدارة الهيئة و بصمت نقابة العاملين فيها ، ظلت تضعهم طوال الخمسة عشر عاما في سجل المفصولين تحت بند : العمالة المؤقتة ..رغم أنهم ظلوا يواظبون على العمل ويعاقبون إذا تخلفوا ، ومع ذلك لم ترحمهم الهيئة بصفة عمالة دائمة ، تحسبا ليوم كهذا .. يوم التخلص منهم – بجرة قلم – في ظهيرة رمضان وهم صيام ..!!
** للأسف ، إدارة الهيئة لم تلتزم بمكارم الأخلاق تجاه تلك العمالة .. بل إستغلت حاجتهم للكسب الحلال إستغلالا قبيحا ، يتجلى فيه التحايل الصريح على قانون العمل واللوائح المنظمة للخدمة المدنية ..حيث القانون ينص بوضوح لا لبس فيه بأن العامل المؤقت في أية وظيفة يصبح دائما وثابتا بمجرد أن يكمل الثلاثة أشهر من تاريخ توظيفه بتلك الوظيفة .. ولكن إدارة الهيئة لم تكن تمهل هؤلاء المساكين تلك الأشهر الثلاث ، بل ظلت تفصلهم قبل أن يكملوا الفترة ، ثم تعيد توظيفهم في اليوم التالي ..ظلوا على هذا الوضع عاما وآخر و حتى بلغوا الخمسة عشر عاما ..تأملوا هذا الظلم الفادح الذي لم تستح منه إدارة الهيئة ولم تغضب عليه نقابة العاملين طوال هذه الفترة ..بظلمهم المبين وبعدم يقظة ضمائرهم أضاع سادة الإدارة وقادة النقابة على هؤلاء الكثير من الحقوق التي هم يعرفونها جيدا ويتمتعون بها وهم في أبراجهم العاجية البعيدة – مسافة وإحساسا – عن رهق هؤلاء البسطاء وضنك عيشهم .. ومثلما بخلوا عليهم بحقوق التوظيف الدائم طوال العقد ونصفه من تاريخ إستخدامهم ، ها هم يبخلون عليهم اليوم حتى بحق التوظيف المؤقت الذي لايتجاوز راتبه المائة دولار، ويتخلصون منهم قبل عيد الفطر بأسبوعين ونيف .. بالله عليكم ، كيف ينصركم الله ، وأنتم تنكدون حياة عباده الضعفاء بكل هذه القسوة التي لا تراعى حتى رحمة هذا الشهر الكريم ..؟؟
** والهيئة لم تتخلص منهم لأنها ليست بحاجة إلي عمال نظافة ، بل تخلصت منهم لصالح إحدى شركاتها المسماة بشركة الموانئ الهندسية ، أى هذه الشركة هى المناط بها أداء مهام هؤلاء المشردين ..ولأنها شركة هندسية غير متخصصة فى مجال النظافة ، تم تفوضيها من قبل الإدارة لتستعين بشركة أخرى عاملة في هذا المجال .. تأمل صديقي القارئ هذا اللعب غير النظيف ..تشريد عمال النظافة ثم تفويض إحدى شركات الهيئة لتتعاقد مع شركة خاصة ..والمدير العام للهيئة ، المهندس إبراهيم الأمين أحمد ، يخلق تبريرا لهذا اللعب غير النظيف ، بحيث قال نصا في الزميلة السوداني : منحنا الإمتياز لشركة الموانئ الهندسية لتستعين بأية شركة نظافة خاصة لأن لدينا فيها أسهما ولنستفيد من أرباحها .. هكذا يبرر المدير ..يشرد المساكين ويمنح الإمتياز لشركته لتتعاقد مع شركة خاصة وتربح .. فالهم عنده هو أن تربح شركة الموانئ ، أما على حساب معاناة من تربح ؟، فهذا لايهمه كثيرا ، بل لايهمه أصلا ..ولو كانت معاناة هؤلاء الحيارى تهمه لما منح شركة الموانئ حق التعاقد من الباطن مع شركة خاصة ، بل كان سيلزم شركة الموانئ باستيعابهم ..ولكن شركة الموانئ لن تستوعبهم ، ولم يلزمها المدير بذلك ، لأن هناك شركة خاصة تنتظر مصالحها خلف هذا التشريد الجماعي ..وبإذن العلي القدير نعد هؤلاء البسطاء وأسرهم بأن نتابع حتى يتم التعاقد لنكشف لهم كل ملامح سعيدة الحظ – الشركة الخاصة – وأصحابها ..وهذا أضعف الإيمان .. أما أنت ، سيدي المدير ، فاستمتع بأسهم شركة الموانئ التى ستربح من تعاقدها مع الشركة الخاصة على حساب ضنك حياة خمسمائة من الضعفاء ..استمتع بها ، ما لم يعكر صفو إستمتاعك دعاء صائم مفصول بغير حق ، فقط لأنه ليس بنافذ في شركتكم العامة ولا برئيس أو سمسار في تلك الخاصة ..!!
إليكم – الصحافة الاربعاء 02/09/2009 العدد 5815
tahersati@hotmail.com