[ALIGN=CENTER]العودة للدفاتر المغلقة [/ALIGN]
لحظات تحس فيها أنك تطفو فوق مياه الحياة الخريرة .. عندما تهز أغوارك ولجج نفسك عظمة الإبتلاء والامتحان، أين كان هذا الامتحان، ربما ذلك بمثابة التنبيه والتيقظ بأنك جاوزت حد الإفتراء والغرور، ربما كانت شارة ما بين الأحمر والأخضر ما بين الحياة والموت.. إذن لابد من عودة لأرض الواقع، لدنيا المحيطين بك لتصفح عن مسيء لك وتستسمح من ظلمتهم متجبراً ومتكبراً لتعترف بأنك قاصر أمام الأقدار وتدافعها على أرض الواقع.. كذا حدث (عوض) نفسه وهو يتأمل حياته الطويلة التي عاشها في ثنايا الأوضاع المتيسرة وما انفك يحس أنه مميز بين الآخرين مما جعله مترفعاً عنهم الى أن أصابه ذلك المرض اللعين الذي جعل حياته ما بين البقاء والذهاب وتركه يجتر دفاتر الذكريات ويبحث عن كل الذين كان يتفادى لقاءهم وكان لسانه رطباً بمقولة (التدورو والتابا تكوس لي ليمو ما تلقى). ü دفتر ثانٍ: ظل (عوض) حبيس الماضي البعيد الذي يتراءى له كأنه رهاب لا يدركه الظاميء ولا يقطع العشم منه.. ففي هذا الماضي أمه التي هجرها هناك في البلد وحيدة رغم أن الوحدة في البلد لا تجوز، فالكل هناك بعض والبعض هناك كل .. كل دوره تجاهها انحصر في إرسال المصروف الشهري ولكن كيف تدور أحداث يومياتها لا يعرف، ولسماحة أهل البلد يتناوب على خدمتها كل يوم أحد الصابرين بقاءً في جفاف وحدة مناخ البلد.. وكل ثلاث أو أربع سنين كان يتفضل بزيارتها على عجل، فهو محكوم برأي زوجته القاسية التي ترفض أن يأتي بها الى العاصمة وتحول بينه وبين الذهاب اليها الى ان آل حاله الى ما آل اليه، فظل يستجدي الأيام عودة للوراء ليخفف مما قترفه في حق أمه الراحلة الى دار الخلود، حيث جاء معزياً مثله ومثل الآخرين .. اليوم تتخلى عنه زوجته ليواجهه (فشل الكُلى) وحيداً إلا من بعض الأصدقاء الذين يزورنه أحياناً، حتى أبناءه باتوا يتأففون من ممارضته.. عندما بكى (عوض) اجتر شريط هجره لأمه التي نذرت حياتها له بعد رحيل والده باكراً.. بكى حاله ماضياً وحاضراً. آخر الكلام: كثيراً ما تجد نفسك مجبراً على مراجعة الدفاتر القديمة، خاصة إن لم تحسن إغلاقها وأرشفتها، حتى لا تذرف دموع (عوض).
سياج – آخر لحظة السبت 12/09/2009 العدد 1116
fadwamusa8@hotmail.com