تحقيقات وتقارير

ما وراء القلق الصيني.. دارفور والأولمبياد

[ALIGN=JUSTIFY]بينما بدأت الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام الدولية المشتركة (يوناميد) إجلاء موظفيها غير الأساسيين من دارفور, استكملت الصين نشر آخر دفعة من قواتها في الإقليم المضطرب بانضمام 170 جندياً جديداً إلى زملائهم الذين سبقوهم.

الصين وعلى لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها أعربت عن “قلقها البالغ” جراء طلب الادعاء في محكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير.

وجاء القلق الصيني بعد فترة تريث أعقبت طلب مدعي محكمة الجنايات الدولية بلاهاي لويس مورينيو أوكامبو بهدف استطلاع ودراسة مواقف أطراف دولية أخرى حاولت فيها بكين اختيار كلماتها بعناية فائقة وصياغة موقف يرضي السودان ولا يغضب أطرافاً دولية.

ودعا المبعوث الصيني الخاص لدارفور ليو غوي جين المجتمع الدولي للاستماع إلى أصوات الأفارقة والعرب عشية اجتماعين مرتقبين للاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وإلى عدم إرسال رسائل خاطئة وإشارات مشوشة من شأنها توتير الوضع.

وأضاف أن الصين ستواصل العمل مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية للحيلولة دون تفاقم الوضع بشكل أكبر.

لكنه رفض إعطاء موقف بشأن مشروعية إصدار مذكرة اعتقال لرئيس دولة ذات سيادة وهو لا يزال في منصبه في بادرة هي الأولى من نوعها, لكنه أبقى الباب مفتوحاً أمام سيناريو محتمل وهو إقناع الحكومة السودانية بتسليم الوزير أحمد هارون وزميله الصادر بحقهما مذكرة اعتقال مقابل إسقاط الطلب عن الرئيس البشير. واشترط المسؤول الصيني لتحقيق ذلك موافقة المجتمع الدولي والحكومة السودانية.

حسابات دقيقة
الصين تحسب موقفها بدقة فالخطوة جاءت في وقت حرج جداً بالنسبة لها حيث أن قلقها البالغ وخشيتها ومخاوفها تنصب جميعها على تحقيق الحلم الصيني باستضافة دورة الألعاب الأولمبية القادمة. وباتت ترى في حركة “أي جناح بعوضة يهتز في دارفور” بأنه قد يؤدي إلى عواصف كبيرة تغطي عش العصفور الذي سيشهد حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في الصين الشهر القادم.

قد يكون لدى بكين الحق في هذه الهواجس وهي لم تعد قادرة على إخفاء التوتر والقلق خاصة بعد عدة محاولات دولية لربط الأولمبياد بمسألة دارفور وتسميته “أولمبياد الإبادة”. وهي السبب في استقالة المخرج الهوليودي ستيفن سبيلبيرغ من تنظيم حفل افتتاح الأولمبياد.

الأولمبياد بالنسبة لبكين أكثر من مجرد مهرجان رياضي. وليس من قبيل المبالغة القول بأن نجاح الصين في تنظيم هذه الدورة الأولمبية يساوي حجم الصين ذاتها بكل كثافتها السكانية وبكل تاريخها واقتصادها ودبلوماسيتها ووضعها وصورتها على المسرح الدولي.

وتخشى الصين من أن قرار المحكمة الدولية قد يؤدي إلى إقدام بعض رؤساء الدول الغربية على الغياب عن حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية إلى جانب رئيس “متهم بجرائم إبادة”. ولهذا سارع المبعوث الصيني ليو غوي جين إلى التحذير من أي محاولة لتسييس الأولمبياد.

لكن هل تلقى هذه الدعوة آذانا صاغية خاصة أن الذاكرة لم تنس بعد أن الصين كانت أول من زاوج بين السياسة والرياضة في سبعينيات القرن الماضي فيما عرف بدبلوماسية البينغ بونغ التي أدت إلى تطبيع العلاقات مع واشنطن. فهل تنجح الآن بإشهار الطلاق بينهما؟

عزت شحرور-بكين:الجزيرة نت [/ALIGN]