جعفر عباس
حشوها بالطعمية أجدى وأنفع
من المظاهر التي ظلت تثير استيائي طوال سنوات عيشي في منطقة الخليج ما أراه حول المدارس عند نهاية كل عام دراسي: يتجمع الطلاب أمام مدخل المدرسة ويقيمون مجزرة للكتب، بمعنى أنهم يقومون بتقطيعها وأحيانا دهسها بالسيارات.. قيل لي إنهم يفعلون ذلك لأن وزارات التربية في المنطقة لا تجمع الكتب القديمة وتعطي طلاب كل سنة ودفعة كتبا جديدة من “الوكالة”.. ومن ثم لا يجد الطلاب ما يمنعهم من تمزيق الكتب بنهاية السنة الدراسية.. ولكنني أعتقد أن عمليات التقطيع تعبير عن انتقام من مناهج سخيفة ومملة وعقيمة تم إرغام الطلاب على حشوها في رؤوسهم، وإذلالهم نحو ست مرات في السنة باختبارات غايتها تقصي قدراتهم الببغاوية .. عندنا في السودان يدرس تلميذ المرحلة الابتدائية نحو 19 مادة.. هذا ضرب من “وأد” الطفولة.. في بلاد الله التي تخرج أنظمتها التعليمية العباقرة والعلماء والمخترعين لا يدرس الإنسان منذ مرحلة الروضة حتى الجامعة 19 مادة.
منذ ان كنا في المرحلة الثانوية وإلى يومنا هذا، فإن طالب الشهادة الثانوية عندنا مطالب بحفظ معلقة من الشعر الجاهلي مع شرح كل كلمة وبيت فيها.. لماذا كل شيء يتعلق بالجاهلية مرفوض ولكن شعرها تعويذة تعلق في الرقاب، أو بالأحرى أنشوطة تلتف حول الرقاب وتخنقها؟ كان علينا حفظ معلقة لبيد بن ربيعة العامري.. وأظن أنني شكوت أكثر من مائة مرة في مقالاتي من أن تلك المعلقة سببت لي إعاقة عقلية مازلت أعاني منها.. أحرزت تقدير ممتاز في الأدب العربي لأنني كنت أحفظ المعلقة وشروحها عن ظهر قلب، ولكنني لا أذكر منها اليوم سوى البيتين الأولين وأترك لك أيها القارئ ان تحكم بنفسك ما إذا كان هذان البيتان باللغة العربية أم الأوردو:
عفت الديار محلها فمقامها / بمنىً تأبد غولها فرجامها
ومدافع الريان عري رسمها / خلقا كما ضمن الوُحِي سِلامها
الكلمة الوحيدة التي أستطيع أن أجزم بأنها عربية هي “الديار”.. ولا تعرض نفسك للسخرية بالقول بأن “”مدافع”” عربية لأن المدافع التي “في بالك” لم تكن موجودة في زمن لبيد.. ولكنني أحفظ جانبا من معلقة زهير والكثير من شعر المتنبي والسياب وأمل دنقل وعبقري الشعر السوداني التيجاني يوسف البشير وغيرهم.. بل أحفظ خطبة زياد بن ابيه (البتراء) بالكامل لأن لغتها الجميلة أسرتني فتسللت مفرداتها وجملها الى دماغي على الرحب والسعة.
فيا صاحبي الذي سرق الكتب في دسوق وباعها لجماعة الطعمية في السوق فعلت خيرا برغم أنك خنت الأمانة.. وربما يدعو لك بالإفلات من العقوبة الطلاب الذين سيحرمون و”يُرحمون” من تلك الكتب.
زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com
الأستاذ الفاضل جعفر عباس تحية واحتراما لك وكل سنة وانت موفور الصحة كامل الجنان وخالي من أي جنان ، لقد داعبت خيالي تلك الكتب الكثيرة التي كنا نقرأها حتى أن احدنا قال بسخرية الكتب دي حمار ابوي مايقدر يشيلها وعاوزني ابوي انجح فيها حقا فقد كانت معظمها زبدا ذهب معظمها جفاء ولم يبق منها إلا تلك الشهادات التي حصلنا عليها .. وأما الان فحدث ولاحرج المواد التي يدرسها طفل الأساس تهد حيل ذلك الطفل وهو يحمل حقيبته ذهابا وأيابا ولست أدري لماذا يصر تربويينا على ذلك إلا أن كانوا يريدون الإنتقام لأنهم ضاقوا الويل وسهر الليل من كثرة المواد في السابق.. يجب علينا أن نغير من مناهجنا و طريقة تدريسها والبحث في أنجع الوسائل التي يمكن من خلالها خلق جيل محب للتعليم وليس كالحمار يحمل أسفارا .. واخر الكلام أتمنى أن أرى مقرر السنة الدراسية عبارة عن كتبيات صغيرة ومعامل كبيرة ونخبة من المعلمين مستنيرة وحتى ذلك الوقت اللهم اهدي للصواب معدي المناهج والتربوية وجنب الكتب لف الطعمية .
الخوف من اليابوسة يا استاذ 😎
تحمل ابنتي التلميذة بمرحلة الاساس كل يوم شنطة يكاد من ثقلها و ( ثقالتها ) ينخلع لها كتفيها فقلت لها لماذا لاتحملي كتبك حسب الجدول فأجابت : وماالفائدة فان المتبقي من الجدول فقط كتاب وكراس وأحيانا لاشيء .. فاعتمادالمناهج علي الكم دون الكيف أحد أسباب تدني ولانقول انهيار التعليم واحتقار الكتب المدرسية واحترام الاشعار الجاهلية ..!!
فى ايى جريدة بتكتب شايفك بس مش مزكر الجريده فى البحرين