الطاهر ساتي

لمجلس الصحافة وبعض الضمائر ..!!

[ALIGN=CENTER] لمجلس الصحافة وبعض الضمائر ..!! [/ALIGN] ** كما كتبت عن صمتهم السلبي يوم السبت الفائت ، فلاخير فيما كتبت إن لم أشكر أساتذتي الأفاضل على حراكهم الإيجابي اليوم ..لقد استجابت الأمانة العامة لمجلس صحافتنا للنداء ، وأرسلت توجيها للصحف بعدم نشر إعلانات صادرة عن كيانات وقبائل تناصر أفرادها وجماعاتها في بعض القضايا ، وإستند المجلس في توجيهه الإيجابي هذا على دستور البلد وقانون الصحافة وميثاق الشرف الصحفي ، حيث فيها مايجب أن يقرأ كالآتي : عدم إثارة الفتنة الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الدعوة للحرب والعنف ..هكذا جاء توجيه المجلس البارحة مع التنبيه بما قد يحدث للناس و مجتمعاتهم المتماسكة ما لم تنبذ الصحف مظاهر الفرقة والفتنة والشتات بإيقاف هذا النوع من النشر .. وكما وثقت خطأ الصمت بالسبت ، أوثق اليوم : أحسنت بهذا التوجيه يا مجلس الصحافة ..!!
** وتوجيه المجلس هذا – كما تعلم صديقي القارئ – يأتي غيضا من فيض قضية لو لم يتدخل فيها وزير العدل لإنتهت بذات خصوصيتها التي بدأت بها ، ولكن هذا التدخل غير الحميد المنسوب لوزير العدل هو الذي تفرعت منه بيانات الكيانات والقبائل التي أزعجت الأمانة العامة لمجلس الصحافة وكل الحادبين على الوطن وأمنه الإجتماعي وسلامة تماسك مجتمعه..ومن لم يحمل هذه الإستراتيجيات المهمة هما يوميا مؤرقا لفكره وعقله وعمله يجب أن يحاسب بلامحباة ، مواطنا كان أووزيرا أوصحافة ..وكما الديمقراطية لاتعني أن تستغل الصحافة سلطتها في بث المخاطر ، كذلك هي تعني ألا يستغل وزير أو والٍ سلطته في غرس بذور تلك المخاطر..وسواسية كل السلطات – من أولها إلي رابعها – في توفير العدالة للمجتمع وحمايتها باحترام كل القوانين التي تحقق تلك العدالة..ويجب ألا يكون في دنيا الناس كبيرا على القانون يا صحفنا و يا .. وزير عدلنا ..!!
** وليس بعيدا.. قبل شهر تقريبا ، تقدم وزير العدل المكسيكي باستقالته عندما نشب صراع دموي بين عصابات المخدرات في بلده ..سيادته لم يكن رئيسا في عصابة ولا عضوا في أخرى ، بل كان مكلفا من قبل حكومته بمتابعة إستراتيجيتها في مكافحة المخدرات ، وعندما إشتعلت حرب الشوارع بين العصابات أثار المجتمع هناك جدلا واسعا ، ومن ذاك الجدل الشعبي والإعلامي نبع ضمير وزير العدل بفيض تأنيب أرغمه على تقديم إستقالته ، فأرتاح ضميره ولكن حتما أن من جاء بعده لن يكون ضميره مرتاحا حتى يقضي على عصابات المخدرات أويحد من نموها ..هكذا العظة من الإقالة والإستقالة ، بحيث هي ليست تجريما للأفراد بقدر ما هي إصلاحا للأمم والشعوب..ولاحظ – صديقي القارئ – أن ضمير ذاك الوزير تألم بالجدل الشعبي فقط لاغير وليس بقرار رئاسي أو حكم قضائي ، وهذا دليل بأن من تحضر الدول أن جدل شعوبها في أية قضية يؤرق ضمائر ولاة أمر تلك القضية ..!!
** دع وزير العدل المكسيكي ، لقد كان مسؤولا مباشرا عن ملف المخدرات.. قبل سنتين ، أيضا تقدم وزير العدل والشرطة المجري باستقالته لأن ضابطا بشرطة المرور اغتصب فتاة خالفت حركة المرور..وكان قبل إستقالته أوصى رئيس وزراء حكومته بفصل رئيس الشرطة ، وتم الفصل فورا ، وتحديدا قبل مضي أربع وعشرين ساعة من زمن الجريمة .. وقد تسأل هنا ببراءة مواطن العالم الثالث : ماعلاقة وزير العدل بجريمة الضابط ، ولماذا يستقيل خاصة أنه ساهم في إقالة رئيس الشرطة ..؟..هكذا تسأل ، والإجابة التي وثقها الوزير في استقالته هي : الجريمة أثارت جدلا إجتماعيا واسعا ، وما لم أتخلَ عن هذا المنصب قد تتخلى ثقة شعبنا عن الشرطة ..تأمل هذا التفكيرالمسؤول صديقي القارئ ..حيث تفكير الوزير جاء بميزان ، ووضع على إحدى الكفتين إبقاء ذاته في المنصب وعلى الكفة الأخرى إبقاء ثقة مواطنه في شرطته ، وسرعان مارجح عقله أهمية إبقاء ثقة المواطن في شرطته ، فتقدم باستقالته ..وهكذا يرسم جدل المجتمعات معالم الطريق القويم للأنظمة هناك ، ولهذا سميت بالدول المتحضرة ..فالحضارة لم تعد تمثالا أثريا تجذب به المتاحف سواحها ، بل هي ..( يقظة الضمير ) ..!!
إليكم – الصحافة الاثنين 05/10/2009 العدد 5847
tahersati@hotmail.com

تعليق واحد

  1. الاخ الطاهر سلامات

    شكرا … لكما ولكل صاحب ضمير حي يقظ .. فقد استصدرت توجيها هاما في امر هام من مجلس زاد احترامنا له بهذا التفاعل السريع … واعتقد ان هناك الكثير من التوجيهات التي تحتاجها بعض صحافتنا خاصة الرياضية والاجتماعية .. والتي تثير الكثير من التشاحن والبغضاء في الوسط الرياضي خاصة والوسط المجتمعي عموما .. راجع وسترى كم نحتاج من توجيهات مثلما فعل مجلس الصحافة المحترم اليوم .. اما يقظة الضمير والتفاعل مع جدل المجتمعات فهذه حضارة وتقدم لا تزال الشخصية السودانية النمطية تفتقده كثيرا .. اما ادب الاستقالات فهو فكر لايزال الناس لا يعرفون دروبه في بلادنا الا نادرا ، والسبب تركيبتنا الاجتماعية التي تقيد الكثير من المفاهيم الراقية ولا تفهم من الاستقالة الا ان المستقيل شخص فاشل .. ومن منا لا يخاف من وصمة هذه الصفة الغليظة ؟؟ اكرر لك ولمجلس الصحافة تقديري والي الامام دوما ..