فدوى موسى

ناس ما شاء الله


[ALIGN=CENTER] ناس ما شاء الله [/ALIGN] الوسواس.. الذي يتلبس (عبدو) يجعله يعتقد ان كل الناس ينظرون اليه ويحسدونه على ما هو فيه من حال.. كل المحيطين به يعرفون خوف (عبدو) من العين والحسد وعدم ظنه الخير في نظرة ينظر إليه بها أحد.. وصاروا كلما يلقونه يبتدرونه قبل السلام بتقديم المشيئة «ماشاء الله يا عبدو .. السلام عليكم» حتى أنهم لقبوا أهل بيته «بيت ناس ماشاء الله».. وعبدو في حالة ارتجافة دائمة من كل بياض وسواد عين.. أصدقاؤه في العمل يجعلون من خوفه موضوعاً للتندر و(المشاغلة).. فعندما يغير عبدو لبسته او تسريحة شعره يتهامسون عليه بصوت ملاحظ، وهو لا يعلم انهم يريدون اثارة مخاوفه فتسري في جسده حالة رعب شديدة ويهمهم بالتعاويذ كلها.. وهم يتضاحكون «دوَّرناهو».. وعبدو يتعوذ من عيونهم التي يراها فارغة وحارقة.. وإمعاناً في الامر كل واحد منهم يضيف اليه تعليق او «رمية جديدة» .. «لكن ما شبط اللابسو الليلة..»، فيهمهم في نفسه «خلاص انقطع.. اعوذ بالله من عينكم».. «ايه ياعبدو القميص دا حاجة ما تخلص»، وتنفرج شفتاه بصمت «خلاص انشرط» … «ايه يا عبدو البنطلون البني دا» .. ويكاد صوته يسمع «خلاص انقد».. وهكذا حال عبدو مع العين.. جاءه في ذلك الصباح (المراسلة) لينقل له خبر ان المدير العام يريده الان «الحين الحين» عاجلاً بمكتبه.. وهو يعرف ان المدير العام لا يدعو العاملين إليه الا ان يكون في الامر شيئاً ما .. تسارع اليه طرق على الباب ودلف.. وجده يتوسط مجموعة من كبار الموظفين بالمؤسسة.. دعاه للجلوس.. وبلا مقدمات علق عليه «ايه عبدو .. وشك منور كده .. دي خلقة ولا مصطنعات».. فهمهم عبدو في نفسه «كمان عين المدير.. لا حول ولا قوة الا بالله خلاص انقرضت تب.. انتهيت..».. وسأله عن بعض التكاليف واطلق سراحه. اخر الكلام … عبدو من مكتب المدير .. هرول نحو حافظة الماء.. صب قليلاً منه في كوب وجعل يتلو بعض الآيات عليه .. ويغسل به وجهه الذي علق عليه المدير .. «يا ربي تحفظ الوجه من العين والشين.. وابعدنا من موية النار».
سياج – آخر لحظة الثلاثاء 20/10/2009 العدد 1151
fadwamusa8@hotmail.com