فدوى موسى

أكل الجمر

[ALIGN=CENTER] أكل الجمر [/ALIGN] دائماً ما يبدو مهندماً .. يرتدي اللبسة الكاملة وينتعل الحذاء الفاخر .. تنتظره دائماً العربة الفخيمة بسائقها ذو الزي المتكامل التناسق.. عندما تنظر إليه تتمنى أن تخرج منه الكلمة لتسمع صوته الذي يضن به على الكل .. ويالها من صورة رائعة يطمح الناس لإكمال مؤثراتها الصوتية .. (عبدو) دائماً ما يثير حفيظة المحيطين به والذين لم يسمعوا كلامه من قبل وبعد … ذات مرة طل على بعضهم بطلته المهيبة «وبدلته وكرفتته الأنيقة» وكان لابد أن يخاطبهم في تلك الجلسة بحكم أنه مالك المؤسسة التي تدر المال الوفير الذي يجعله صاحب سطوة والكل ينتظر منه الكلام ليحدد الى مدى يستطيع (عبدو) الوريث الوحيد لمالك مجموعة الأراضي والمؤسسات الناجحة الحديث والخطابة بعيداً عن لغة الحسابات والصادر والوارد .. وقد كانت دهشتهم بالغة عندما دشن (عبدو) حديثه بكل عفوية .. وبدا في حديثه كأنه طفل يتخجل من مواجهة الأغراب.. يتلعثم مرة ويبح صوته مرة.. وتخرج منه كلمة خارج السياق .. وايقن الموجودون أنه لا يعرف شيئاً عن كيفية الحديث للآخرين.. وربما أصابتهم حالة من الضحك والتهكم حيال بعض كلماته .. ويبدو أن بعض من يتقنون لغة المال تعوزهم الفصاحة والبلاغة وإن صورتهم وهندامهم يتضاءلان عندما يفتح أحدهم فاهه متحدثاً غير لبق ولا مقنع .. عندها يحس البعض بأن ما يملكونه من مواهب أفضل مئات المرات مما ورثة (عبدو) من جاه … خاصة عندما قال لهم «عاينوا يا جماعة قروش أبوي دي ما جابها باخوي وأخوك لكن الله يرحمه وطي الجمر عشان كده أي زول فيكم يفرط في شغله حا اخليه ياكل الجمر حار النار…» فصاروا يتهامسون فيما بينهم .. «آكال الجمر جاء .. آكال الجمر فات» آخر الكلام قد تخدعك المظاهر بعض الوقت أو قل كثيراً من الوقت ولكنك بالتأكيد تتجاوزها الى العمق البعيد للجوهر.. وقد تكتفي بكلمة واحدة تعرف فيها محتوى ومضمون ما تخفي الملابس والأحذية من نوعيات البشر.. وإيه البلاغة دي يا عبدو؟؟؟
سياج – آخر لحظة السبت 24/10/2009 العدد 1154
fadwamusa8@hotmail.com