النوبة: نحن شماليون حتى النخاع
الطريق ما بين الخرطوم الى مدينة الدلنج الواقعة فى أقصى ولاية جنوب كردفان محفوف بالطبيعة المتقلبة مابين رمال كردفان وصحاريها الى خضرة مايلة الى أشجار شبه غابية وتمر بمحطات ومعالم ومناطق كثيرة تحمل مدلولات القبائل التى تقطن تلك المناطق.. جرادل الفسيخ والجبنة الممتدة على النيل الأبيض تقول للمسافر انك على مشارف مدينة الدويم ، ورائحة الاسماك تلفتك الى مدينة كوستى.. أما الماشية: أبقار وأغنام وجمال فتتقاطع ليلا ونهارا أمام الباصات العابرة لطريق كوستى الأبيض الدلنج تشير الى ان تلك الخيام والرواكيب الصغيرة تتبع لقبائل البقارة والحمر وغيرهم من عرب كردفان.
—–
(1)
أما (عروس الجبال) مدينة الدلنج فيزينها جبل شامخ يسمى الدلنج أخذ اسمه من قبيلة الدلنج التى أخذ منها اسم المنطقة وهى أحد فروع قبائل النوبة البالغة حوالى ثمانين قبيلة ويقف على رأس تلك القبيلة زعيمها المك سليمان جبر الدار عمدة الدلنج و عبدالحميد النور عيسى على امارة الاجانج التى تنحدر منها قبيلة الدلنج…. على أعلى الجبل نحتت عبارة (امارة الاجانج.. مكوكية الدلنج) ليدل على ملكية المنطقة لهذه القبيلة.
الاجانج بحسب لغة النوبة تعنى ( الرجل العنيد او المتمرد)، ويحكى التاريخ ان الاجانج هم نوبة الشمال احتموا بجبال الدلنج عندما تمردوا على ضرائب الحكم التركى، وتفيد المعلومات الى أن لغتهم هي نفس لغة النوبيين فى أقصى الشمال.
(2)
العم آدم بشير النور فى العقد الثامن من عمره يقول ان جده السابع ولد فى هذا الجبل قبل قرن من الزمان، وقال ان تلك المنطقة تعود للقرن التاسع عشر الميلادي حيث نشأت كقرية مركزية صغيرة يسكنها النوبة والحوازمة والفلاتة وعدد كبير من الرزيقات والمسيرية جاءوا الينا بماشيتهم زاوجناهم وأصبحوا الآن جزءاً من المنطقة. ويقول بشير لـ (الرأي العام) ان المنطقة بالرغم من انها محافظة على عاداتها وتقاليدها المتمثلة فى الكجور والدواس والمصارعة إلاّ أن بعض التغييرات الاجتماعية ظهرت عليها بسبب الوفود من طلاب الاقاليم والموظفين بجامعة الدلنج ، فضلا عن هجرة سكان المنطقة الاصليين للعاصمة وللخارج.
مدينة الدلنج تعيش هذه الايام اجواء خريفية اكتست بها الجبال بالخضرة والارض بالمياه وانخفضت فيها الحرارة لدرجة تجعل الزائر من الخرطوم يصاب بالزكام والبرد.
ويقول فى هذا الاتجاه معتمد الدلنج عبدو جماع مصطفى ان ولاياته شكلت لجاناً ووضعت استراتيجية لمراقبة الطرق والمسارات حتى تتفادى نزاعات المزارعين مع العائدين من الرحل.
(3)
وتعانى المدينة هذه الايام أوضاعاً صحية صعبة تتمثل فى أمراض الملاريا وبعض الاسهالات وأمراض الخريف، وتتمتع المدينة بمستشفيات أهمها المستشفى الملكي ومستشفى الام بخيتة والمستشفى العسكرى وجميعها تعانى الاهمال ونقص حاد فى الاطباء بحسب شكوى المواطنين، ومع ان المعتمد كشف عن لجنة طوارئ لمجابهة أمراض الخريف ولجان عليا لاصحاح البيئة إلاَّ ان الوضع الصحى سيزيد سواء بزيادة معدلات الأمطار.
وبالرغم من هطول الأمطار وكثرة الحشائش إلاّ أن الماشية لا تزال عليها معالم كفاف ما قبل الخريف وما يدلل على ذلك أن أسعار الخضروات والفاكهة لاتزال فى ارتفاع شديد وحتى السلع الغذائية التى تشتهر بها المنطقة من كركدى وتبلدى وعسل نحل من العام الماضى.
أما التيار الكهربائى فلا صوت يعلو فى المدينة على صوت المولدات الكهربائية وتنتشر فى المدينة الكرجاكة (المضخة) وهى آلة تعمل على رفع الماء من البئر وهى تدل على معاناة المدينة من نقص المياه، ولكن جامعة الدلنج أنشأت مشروعاً يسمى حصاد المياه الذى يعمل على معالجة مياه الامطار وتخزينها وهى صالحة للشرب وهذا المشروع يغطى كافة المرافق السكنية للجامعة بتكلفة تقدر بحوالى مليار ونصف المليار جنيه.
حراك سياسى كبير تشهده مدينة الدلنج متمثلاً فى التعداد السكانى استعداداً لملحق الانتخابات، وتنتظر جنوب كردفان عملية مشورة شعبية تحدد تبعيتها الى اى من الشمال والجنوب فى مرحلة الاستفتاء القادم. وحول انتماء المنطقة التاريخى يقول عدد من المواطنين استطلعتهم (الرأي العام) حول مشورتهم الشعبية فقالوا ان النوبة يعود تاريخهم للشمال وليس هناك روابط كثيرة بالجنوب سوى الحدود الجفرافية والتعايش الذى شهدته المنطقة والتداخل الذى فرضته ظروف الحروب. عصام الدين أحمد مسؤول العلاقات العامة بجامعة الدلنج يقول فى هذا الخصوص (تفرقنا عن الجنوب العادات والتقاليد والاعراف والدين) وان امكانية الانضمام للجنوب مستحيلة خاصة وان هناك خلافات كبيرة بين أبناء النوبة والحركة الشعبية ظهرت فى اعتقال القائد تلفون كوكو.ويضيف: النوبة شماليون حتى النخاع.
(4)
مدينة الدلنج كانت تشتهر فى الماضى بمعهد تأهيل المعلمين الذى تحول الآن الى بوتقة حضارية تربوية تشغل مساحة كبيرة وسط المدينة تسمى جامعة الدلنج ..
تأسست جامعة الدلنج فى العام 1994 وتضم حوالى خمس كليات أهمها كلية التربية وكلية تنمية المجتمع والعلوم الزراعية وكلية العلوم، وتعيش جامعة الدلنج هذه الايام احداثاً وقعت مطلع الشهر الماضي أدت الى مقتل طالبة وجرح خمسة طلاب آخرين على خلفية صراع بين الطلاب وصندوق دعم الطلاب، وتجدر الاشارة الى ان الأزمة الحالية التى علقت الدراسة الى أجل مسمى هى الثالثة من نوعها وكانت الاحداث السابقة فى العام 2005 أدت الى حريق كامل لممتلكات الجامعة.
ويقول برفيسور آدم أبكر محمود – مدير الجامعة – ان كل الاحداث التى مرت على الجامعة لم تكن ادارة الجامعة طرفا فيها، وأضاف فى حديثه لـ (الرأي العام) الازمة نشبت إثر خلاف بين الطالبات والصندوق القومى امتدت الى أسوار الجامعة كالنبت الشيطانى ولكننا سنعد الطلاب بتقديم كافة الدعم والتسهيلات من أجل قيام الاتحاد هذا العام، وسنبذل قصارى جهدنا من أجل استئناف الدراسة، ولكن المدير يشكو مر الشكوى من ضعف التمويل واشكاليات كبيرة فى تعويض العاملين والبدليل النقدى وشح الموارد ومضى فى القول بأن الأمور (ماشة بالبركة).
(5)
جامعة الدلنج التى تشغل مساحة كبيرة وسط المدينة لاتزال تضم بداخلها منزل وشجرة الشاعر الكبير جعفر محمد عثمان خليل فى قصيدته تبلدية.. قصدت (الرأي العام) الوقوف على هذه الذكرى التى تظل شاخصة أمام ناظر كل طالب شهادة سودانية قبل زوال المقرر العتيق فى كلمات… ذكرى وفاء وودى عندى لبنت التبلدي ..فى كل خفقة قلب وفى كل زفرة وجدى .
(الرأي العام) وجدت تبلدية شامخة تنافس جبل الدلنج ولايزال عطاؤها مثمرا يجنيه دكتور شريف حسن بشير استاذ بكلية المعلمين الذى اصر على الصحافيين تناول كوب من التبلدى لتؤكد الشجرة بأنها تستحق احساس ومشاعر شاعرنا العظيم جعفر محمد عثمان أطال الله عمره.
(6)
وبما أن شجرة تبلدية محطة أساسية فى ذكريات مدينة الدلنج إلاَّ ان العم محمد بلية رجل الفولكور محطة أخرى تزين المدينة بابداع فنى رفيع. بلية له مهارات فريدة تحول منتجات المنطقة المحلية الى مناظر وتحف أصبحت محطة أساسية لزوار المدينة.. (الرأي العام ) وقفت على أعمال بلية بمنزله الأنيق والكائن أسفل جبل الدلنج العتيق الذي ظل لسنوات طوال يتحف زوار الدلنج بأعماله الرائعة.
رحلة : خالد فرح
صحيفة الراي العام
النوبه ليس شمالين وماذا تعنى بالشمال الرقعه الجغرافيه ام الامتداد اللغوى والاثنى
نحن والشمالين اعنى الدناقله وقبيله الاجنق والمحس والحلوفاوين وبعض قبائل غرب السودان تربطنا علاقه اللغه ونحن امتداد الحضاره الفرعونيه دوماء نوبيه تمد الى نوب وهجرت النوبه الى الجبال امتدت الى قرون عديده من عهد الفراعنه ونحن نفتخر بدماءنا الافريقه والنوبيه ولا ادرى ما القصد من نحن شمالين حتى النخاغ ان يكون القصد الانتماء السياسى ام ماذا؟