الطاهر ساتي

أحسنوا الجوهر ليحسن المظهر ..!!

[ALIGN=JUSTIFY]* لو كانت تملك وسيلة أخرى للكسب الشريف ، لما خرجت من بيتها وافترشت الطريق لتبيع الشاي للمارة والسيارة .. وعليه ، فإن إقرار وزارة الشئون الإجتماعية بانهاء مهنة بيع النساء للشاي في نهاية العام القادم .. مثل هذا القرار في ظل الوضع الإقتصادي الراهن كالحرث في البحر .. و إن كانت وزارة الشئون الإجتماعية جادة في إيقاف بائعات الشاي والأطعمة عن تلك المهن والمحن ، فعليها البحث عن الأسباب ثم معالجة تلك الأسباب قبل إصدار قرارالمنع .. فاصدار القرار – أى قرار – أمر سهل ، ولايكلف صادره غير ورقة وقلم ودقائق معدودة ، ولكن مربط الفرس هو كيفية تنفيذ القرار ، ومدى استجابة من يهمهم الأمر اليه ، وكذلك الآثار الإجتماعية التي تترتب عليه .. والقرار – أى قرار – ما لم تسبقه دراسة شاملة وخطة محكمة تصطحب حزمة حلول ومعالجات ، ما لم يكن كذلك يصبح مجرد طق حنك وثرثرة ورق و إهدار للجهد والزمن في ما لايفيد ، وكذلك سيذوب قبل ذوبان حبره ، ويتكسر عند جدار التنفيذ .. ولذا على وزارة الشئون الإجتماعية ألا تنام على قرارها المرتقب فقط ، بمظان انه يكفي لمنع النساء عن بيع الشاى والأطعمة في طرقات وأسواق العاصمة ..!!
* هناك حزمة أسباب أخرجتهن من ديارهن وأرغمتهن على تحمل أقدارهن المأساوية ..هى أسباب تعرفها الوزارة جيدا ، ونعرفها جيدا ، ومن قبلنا وبعدنا يعرفها الخالق الرازق ( الما شقالو حنكا وضيعو ) .. وعلى الوزارة – وعلى مؤسسات الدولة الأخرى – تفكيك تلك الأسباب ، وإيجاد حلولها .. وإذا فعلت ذلك – وكذلك مؤسسات الدولة – فلن تجد بائعة شاى أو طعام في الطريق ، سيبقين في بيوتهن طوعا واختيارا ، لا بالإكراه وبلا قرار .. أكل العيش هو السبب الذي يخرجهن فجرا من بيوتهن ، ليعملن أمام الوزارات والمشافي والمدارس والمؤسسات وعلى أرصفة الطرق وزحام السوق .. أكل العيش فقط لا غير .. الحرب أفقدت بعضهن الراعي ، والنزوح أفقد البعض الآخر نعمة الإستقرار في أريافهن ، وكذلك الفقر المدقع في بيوت الطين والكرتون بأطراف العاصمة البعيدة عن الوزارات وجدانا وليس مكانا ، ثم غلاء الأسعار – أيتها الوزارة – حين يداهم أكل عيشهن وعيش صغارهن يلجأن لهذا النوع من العمل ، فهو الحل ، إذ ليس لهن ( بدل غلاء ) .. فالحرة حين تجوع لا تأكل بثديها ، ولكنها تأكل بالكسب الحلال ، بيعا للشاى أو للطعام في الطرقات والأسواق .. ومظهر البيع هذا يزعج الوزارة الإجتماعية وعاصمتها الحضارية وبعض الرومانسيين الذين يدفنون رأس الجوهر في رمال المظهر ….!!
* نعم .. مظهر البيع فقط هو الذي يزعج الوزارة الإجتماعية وعاصمتها الحضارية وبعض الرومانسيين ، بيد أن جوهر البيع يزعج كل سوداني غيور على ( بنوت فريقو ) .. الجوهر أيتها الوزارة وليس المظهر فقط .. فالحضارة هي الإنسان ، والإنسان هو جوهر حدث اليوم وكل يوم .. وفى الجوهر تتجلى الأسئلة المزعجة التى من شاكلة ..أليس معيبا – على مؤسسات الدولة الإجتماعية والإقتصادية – أن تشمل قائمة الاتحاد التعاوني الحرفي بولاية الخرطوم إحصائية تقدر عدد بائعات الشاي والطعام – بطرق وأسواق العاصمة فقط – بعشرة الف إمرأة سودانية ..؟ لماذا العدد بهذه ( الضخامة ) ..؟.. ثم .. كم منهن أسرتها تحت مظلة التأمين الصحي ..؟.. كم منهن أسرتها تحت رعاية ديوان الزكاة ..؟.. كم منهن أسرتها تحت عناية المنظمات الخيرية التى تسد قرص الشمس كما ، وليس كيفا ..؟.. كم منهن وفرت لها وزارة الشئون الإجتماعية – ومؤسساتها – البديل الأفضل لبيع الشاى والطعام ، فرفضته ..؟.. على وزارة الشئون الإجتماعية أن تسأل ذاتها تلك الأسئلة بكل صراحة ، ثم ترد ردا إيجابيا بالعمل ، لا بالبيانات والخطب .. إذا أحسنت الوزارة الإجتماعية الرد الإيجابي فلن تحتاج الى إصدار قرار المنع ..وإذا لم تحسن ، فعليها أن تعيش الواقع ، ولا داعي لإعادة إنتاج نهج تلك الملكة إلتى أمرت شعبها بأكل الجاتوه ، حين ضن عليهم القدر بالرغيف .. !!
إليكم – الصحافة -الاربعاء 23/7/ 2008م،العدد5422
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]

تعليق واحد