السودان

تاريخ السودان


يقع السودان بين غرب أفريقيا ودول الشرق مع اتصاله بالبحر الأحمر واحتلاله شطراً كبيراً من وادى النيل وكونه يربط بين أوروبا ومنطقة البحر المتوسط وأواسط أفريقيا جعله في ملتقي الطرق الأفريقية. وعلي اتصال دائم بجاراته. فنشأت علاقات تجارية وثقافية وسياسية بين مصر والبلاد السودانية منذ الأزل، وكان قدماء المصريين يسمونه” أرض الأرواح ” أو ” أرض الله ” عندما بهرتهم خيراته.

سكن الجنس النوبى قديما السودان في العصور الحجرية (8000ق م – 3200 ق م). واتخذ أول خطوانه نحو الحضارة. فقاموا بصناعة الفخار واستعمال المواقد والنار للطبخ. وبلاد السودان منذ سنة 3900ٌ ق.م. كان العرب يطلقونه علي المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا الممتدة من المحيط الأطلنطي غربـاً إلي البحر الأحمر والمحيط الهندي شرقـاً.

وفي عهدي الدولة الوسطي بمصر والدولة الحديثة احتل احمس جزءاً من السودان كان يطلقون عليه كوش. وأصبحت اللغة الفرعونية هي اللغة الرسمية. ولاسيما بعدما طرد “أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر الهكسوس من مصر. فاتجه إلي بلاد النوبة نحو السودان. ووصل “تحتمس الثالث” حتي الشلال الرابع. وإستمر الاحتلال لمدة ستة قرون. اعتنق بعض النوبة خلالها الديانة الفرعونية وعبدوا ألهتها. وكان ملوك الدولة الحديثة يعينون نوابـاً عنهم لإدارة الجزء المحتل من مملكة النوبة،. ولكن بعد الانتصار على المحتلين وطردهم تلاشت معرفة السودانيين باللغة الفرعونية ولاسيما أثناء مملكة كوش النوبية حيث ظهرت اللغة الكوشية. وكانت لغة التفاهم بين الكوشيين قبل ظهور الكتابة المروية نسبة لمدينة مروي التي تقع غلي الضفة الشرقية للنيل شمال قرية البجراوية الحالية. وكانت عاصمة للسودان ما بين القرن السادس ق.م. والقرن الرابع ميلادى.. عندما ازدهرت تجارة الصمغ والعاج والبخور والذهب بين الجزيرة العربية وبين موانئ السودان والحبشة. وكانت للسودان علاقات مع ليبيا والحبشة منذ القدم. وفي الأثار السودانية كانت مملكة مروي علي صلة بالحضارة الهندية في العصور القديمة. وكان الإغريق يسمون البلاد الواقعة جنوب مصر ” أثيوبيا وقال هوميروس عنها أن الآلهة يجتمعون في السودان في عيدهم السنوي.

السودان والإغريق والرومان:
وفي العهد المروي كانت العلاقات وطيدة بين السودانيين والبطالسة بمصر ولاسيما في عهد “بطليموس الثاني”. كما كانت العلاقـة وثيقة بين كوش واليونانين لدرجة ظهر ثأثير الحضارة الإغريقية في الأثار بمروي. وبعد غزو الرومان لمصر حاولوا الاحتفاظ بالحدود الجنوبية المصرية. ولم يعترف الكوشيون بحق الرومان في إقليم “روديكاشنوش” وبسطوا نفوذهم عليه بإعتباره جزء اً من بلادهم. وحاربوا الرومان عام 39 ق.م عندما ظهر جباة الضرائب لأول مرة في إقليم طيبة. حتى اضطر الإمبراطور ” دقلديانوس ” إلى إخلاء منطقة ” روديكاشنوس ” ونقل الحامية الرومانية من المحرقة إلي أسوان، وأقر أن يدفع أتاوة سنوية لأهل كوش مقابل عدم محاربتهم للإمبراطورية الرومانية. وتبين أثار مملكة مروي العلاقة الوثيقة بين الرومان والكوشيين، ولاسيما في فن العمارة.

التفاعل مع شبه الجزيرة العربية:
وكان بين السودان وشبه الجزيرة العربية والشواطئ العربية والإفريقيـة صلات قديمة عبر البحر الأحمر. حيث ازدهرت تجارة الصمغ والعاج والبخور والذهب بين السودان والحبشة من ناحية وبين موانئ الجزيرة العربية من ناحية أُخرى. ومنذ 2000 سنة ق.م. احتلت إمبراطورية الحبشة بلاد اليمن كما حدثت هجرات عربية من شبة الجزيرة العربية إلى أرض النوبة في شمال السودان.

السودان قبل التاريخ:
وأظهرت الحفريات الأثرية آثارا سودانية منذ حوالي عام 3100 ق. م. إلي 2000 ق.م. ونجد أن إنسان السودان اتخذ أول خطوة معروفة نحو الحضارة في أفريقيا بصناعة الفخار واستعماله. وكان هؤلاءالسكان، وهم سكان الخرطوم القديمة يعيشون في مجتمع متطور مقسم إلى حرف ومهن كما يظهر من آثارهم.

حضارة المجموعتين الأولى والثانية:
ولا يُعرف شيء عن السودان علي وجه التحقيق ما بين عامي 3800 ق.م. و3100 ق. م. ولكن توجد قبور في أماكن مختلفة ببلاد النوبة تمثل ثقافة لا تُعرف من قبل ويرجع تاريخها عام 3100 ق.م، ويطلق عليها ” حضارة المجموعة الأُولي “، ومن بين آثارها التي وُجدت في هذه القبور الأواني الفخارية والأدوات النحاسية.

وهناك كانت حضارة أُخري تُعرف” بحضارة المجموعة الثانية ” تلت ثقافة المجموعة الأُولي.

وفي الفترة مـا بين 2240 ق.م – 2150 ق.م ظهرت في بلاد النوبة حضارة تُعرف بثقافة عصر “المجموعة الحضارية الثالثة”.

الأسرة الكوشية التى حكمت الامبراطورية الفرعونية:
كاشتا هوا احد قادة الجيش الفرعونى وهوا كوشى الاصل وكان يحكم ولاية الكوشيين حتى تولى حكم الامبراطورية كلها (مصر والسودان حاليا)

بعد نهاية عظمة مروي قامت ثلاثة ممالك نوبية. فكانت في الشمال مملكة النوباطيين التي تمتد من الشلال الأول إلي الشلال الثالث وعاصمتها ” فرس”. ويليها جنوبـاً مملكة المغرة التي تنتهي حدودها الجنوبية عند “الأبواب ” التي تقع بالقرب من كبوشية جنوب مروي القديمة، وهذه المملكة عاصمتها ” دنقلا العجوز “، ثم مملكة علوة وعاصمتها ” سوبا ” وتقع بالقرب من الخرطوم. وإتحدت مملكتا النوباطيين والمغرة فيما بين عامي 650- 710 م وصارتا مملكة واحدة. وصلت النوبة قوة مجدها في القرن العاشر الميلادي وكان ملك النوبة المدافع الأول عن بطريرك الكنيسة المرقسية بالإسكندرية. ولما إنهزم ” كودنيس ” آخر ملك علي مملكة دنقلا ” عام 1323 م، انتهت الدولة المسيحية. وبعد ذلك اعتنق السودانيون الإسلام. فتاريخ الفترة التي تمتد من القرن الثامن قبل الميلاد إلي القرن الرابع الميلادي، نجده في الكتابات التي تركها السودانيون علي جدران معابدهم بالشمال وفي الأهرامات كأهرامات جبل البركل ونوري التي بناها ملوك نبتـة ومروي، والأثار علي ضفتى النيل ما بين وادى حلفا وسنار وفي منطقة بوهين وفرس وعبد القادرو نبتـة ومروي القديمة وفركة وجنوب وادى حلفا والكوة وبكرمة بمنطقة دنقلة، وفي منطقة جبل البركل ومروي. والأهرام الملكية في البجراوية والحصون التي شُيدت في السودان في عصر إمبراطورية مروي وفي قرية الشهيناب علي الضفة الغربية من النيل وسوبـا بالقرب من الخرطوم، ودير الغزالة بالقرب من مدينة مروي الحديثة. وفي وادى حلفـا بعمارة غرب، وسيسي ” مدينتان محصنتان وفيهما معابد بُنيت من الحجر الرملى “.. وبجانب الأثار هناك ،توجدعدة كتابات لكُتاب رومان وإغريق إلا أن معظمها يعتمد علي الإشارة والتلميح كما أنها لا تعدو أن تكون أوهاماً.

السودان في التاريخ القديم:
يبدأ التاريخ الموثق عن السودان من حوالي 50 قرناً أي خمسة آلاف سنة، ومصادر هذا التاريخ :

النقوش النوبية في بعض جهات السودان.
الهياكل العظمية في المقابر النوبية.
الصناعات الحديدية والنحاسية المتطورة.
وكان من أهم ملوك النوبة في عهد استقلاله الملك (بعانخي) الذي حكم مملكة النوبة سنة 751 ق.م.. (حكم الامبراطورية الفرعونية والتي كانت تعتبر السودان احدى ولا ياتها)

ازدهرت العلاقة بين السودان واليونان في تلك الحقبة حتى حاول اليونان التغلغل في الأراضي السودانية في إطار توسعهم في الحكم، إلا أن السودانيين ردوهم على أعقابهم وحافظوا على استقلالهم السياسي.

السودان في القرن العاشر:
وفي القرن العاشر الميلادي كان السودان منقسماً إلى:

1. مملكة المقرة في الشمال وكانت دنقلا عاصمة لها.
2. مملكة علوة على النيل الأزرق وعاصمتها سوبا.
3. مملكة البجة في شرق السودان ومقر ملكها في هجر.
في عهد الظاهر بيبرس تم إرسال حملة للقضاء على مملكة المقرة المسيحية سنة 1276م. وهُزِمَ الملك داود، وكانت تلك الحملة من الحملات القوية حتى انهم استطاعوا أن يقلبوا الكنائس إلى مساجد. فاستمر التدفق الإسلامي جنوباً حتى جاوروا مملكة علوة التي كانت تدين بالمسيحية أيضاً، فتحالف العرب بقيادة عبد الله جماع مع الفونج وهاجموا علوة وكان أول هجوم لهم من بوابة علوة من اربحي حيث تعد اربجي الميناء الرئيسي لعلوة علي النيل الازرق كما هي حامية رئيسة لعلوة علي النيل الازرق وبعد معركة اربجي 1504 وانتصار الفونج دخلوا سوبا وخربوها خراباً مشهوراً حتى أُطلق المثل “خراب سوبا”. بانتصار الفونج وحلفائهم العرب في 1504 م بدأت أول سلطنة عربية إسلامية في السودان وكان سلطانها هو قائد الفونج في معاركهم “عمارة دونقس” وكان قائد العرب “عبد الله جماع” وزيراً له، وتم الاتفاق أن يكون السلاطين من الفونج والوزراء من العرب. دخل الدين الإسلامي إلى السودان في الشمال والشرق والغرب والوسط والقليل من المناطق الجنوبية، وانتشرت مع الإسلام اللغة العربية التي بدأت تسود البلاد وتختلط بالسودانيين حتى تكونت اللهجة السودانية الحديثة.

بعد فترة طويلة من المجد والعظمة ضعفت السلطنة الزرقاء (سلطنة الفونج) بسبب المعارك مع مملكة الفور على مناطق كردفان سنة 1748 التي أجهدت المملكتين عسكرياً واقتصادياً.

الغزو التركي 1820:
بعد استيلاء محمد علي باشا على مصر أراد أن يكون له جيشاً قويا بسبب الأطماع الأوروبية الهادفة إلى الاستيلاء على بلاده وخاصة بعد الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت الذي استمر من 1798 ولم ينتهِ إلا بالصلح الذي عقده الفرنسيون مع الإنجليز سنة 1802 ثم حاولت إنجلترا غزو مصر في 1807 لكن الاتراك ردوهم. فعمل الباشا جاهداً على أن يوسع رقعة حكمه شرقاً إلى الحجاز، غرباً إلى ليبيا وجنوباً إلى السودان ليضم هذه البلدان تحت إمبراطوريته حتى انه شمل في تهديده الإمبراطورية العثمانية شمالاً. بدأ بأراضي الحجاز فهاجمها في السنوات ما بين 1811 – 1818م وانتصر على السعوديين وبعدها اتجه غربا فأمّنَ حدوده الغربية حتى واحة سيوة سنة 1820.

لم يبقى له سوى تأمين الحدود الجنوبية، إن حملاته ضد الوهابيين شغلته عن ذلك سابقاً حتى أرسل وفداً يحمل في ظاهره الصداقة والمودة إلى سلطان الفونج في 1813 وكانت مهمة الوفد استقصاء الحقائق حول الوضع السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي والحربي. وقد حمل الوفد هدايا إلى السلطان تقدر قيمتها بـ 4 ألف ريال (كانت العملة السائدة في السودان في ذلك الوقت الريال النمساوي أو الإسباني أو المكسيكي) فرد السلطان الهدية بما يتناسب ورغبات الباشا ولكن أهم ما حمله الوفد في طريق عودته كانت التقارير التي تفيد ضعف السلطنة خاصة والسودانيين عامة بالإضافة إلى خلو السودان من الأسلحة النارية. رغم ذلك تأخر الغزو بعد ذلك عدة سنوات لأن الوهابيين لم تنكسر شوكتهم بعد. أراد محمد علي أن يكون جيشه حديثاً ومجهزاً بأحدث الأسلحة وبنظام وتدريب حديثين، لكنه علم أن جنوده لن يقبلوا هذا النظام بسبب عدم اهتمامهم وبسبب عدم رغبتهم في إطاعة الأوامر. فقرر أن يستجلب الجنود من السودان وكان هذا من الأسباب التي دفعته إلى الاستيلاء على السودان. كان السوداني بقامته العسكرية وشجاعته المعهودة من احسن الجنود. اشتهر السودان منذ القدم بأن أراضيه غنية ب الذهب وكان محمد علي في حاجة إليه لانفاقه على بلاده عسكرياً وصناعياً وحتى زراعياً.

خلال القرن الثامن عشر كانت الحبشة تشكل تهديداً للمصريين والسودانيين بتحويلها لمجرى النيل وخاصة بعد الأنباء التي أشاعت أن الإنجليز وأوروبا عامة مساندة لفكرة التحويل. أراد محمد علي أن يأمن هذا الأمر أيضاً باستيلائه على السودان، بالإضافة إلى ما في ذلك من زيادة للرقعة الزراعية لأراضيه. أراد محمد علي من السودانيين أن يكونوا على مودة مع الوالي لكن الأمر لم يكن كذلك إذ أن المماليك الذين هربوا من مكائده اتخذوا من شمال السودان موطناً لهم بالقرب من مملكة الشايقية، حيث أنشؤوا مملكة لهم كانت بمثابة طعنة في ظهر محمد علي، لذلك قرر أن يقضي عليهم خوفاً من أن تزيد سلطتهم ويسيطروا على السودان فيشكلوا خطراً على حكمه. كان محمد علي يرمي إلى استغلال تجارة السودان واحتكار حاصلاتها وتسويقها في السوق العالمية عن طريق مصر. من أهم صادرات السودان آن ذاك : العاج، الأبنوس، ريش النعام والجلود هذا بالإضافة للذهب الذي طالما اعتقد المصريون وجوده في السودان بكميات مهولة، كما أن السودان كان سوقاً جيداً للصادرات المصرية. وإذا حصرنا هذه الأسباب نجدها:

تأمين البلاد ضد الغزو الأوروبي باستجلاب الجنود من السودان. وبزيادة رقعة وعدد سكان بلاده.
الحصول على التمويل لدعم القطاعات المختلفة في مصر باستغلال الذهب والتجارة والحاصلات السودانية.
تامين مجرى النيل المصدر الوحيد لري الأراضي المصرية وزيادة المساحة الزراعية.
وجود المماليك في السودان.
بعد عودة الوفد المصري التركي الذي أرسله محمد علي باشا ما لبث أن قدم إلى مصر الشيخ بشير ود عقيد من قرية أم الطيور قرب عطبرة في 1816 وطلب من محمد علي أن يعينه على خصمه ملك الجعليين الذي أقصاه من مشيخته، اعتقد الشيخ أن الباشا سيساعده فأبقاه الباشا واكرم وفادته حتى أعد العدة لفتح السودان وأرسله مع الجيش سنة 1820، ثم عينه شيخاً على شندي في آخر الأمر بعد نزوح المك نمر إلى الحبشة. وأرسل أيضاً جيشاً آخر إلى سلطنة الفور ليستولي على كردفان ودارفور.

الحملة الأولى – الزحف إلى سنار يوليو 1820:
تولى قيادة الجيش الأول إسماعيل بن محمد علي باشا وضم الجيش 4500 من الجنود فيهم الأتراك والأرناؤوط والمغاربة (لوحظ عدم وجود أي مصري بين الجنود، إذ كان الجيش من المرتزقة الذين تعود الأتراك أن يجندوهم) وتسلحوا بالبنادق و24 مدفعاً. كان الباشا يعلم أن السودانيين يجلون علماء الدين أجلالاً عظيما فأرسل مع الجيش ثلاثة من أكبر العلماء وهم: القاضي محمد الأسيوطي الحنفي، السيد أحمد البقلي الشافعي والشيخ السلاوي المكي، وكان عليهم أن يحثوا الناس على وجوب طاعة الوالي ويتجنبوا سفك الدماء (لحرمتها) ويطيعوا الخليفة العثماني وواليه في مصر. ما أن ارتفعت مياه النيل في فيضان يوليو 1820 حتى اندفعت 3000 مركبة تشق النيل من أسوان متجهة جنوبا ومثل ذلك العدد من الجمال كان يسير على اليابسة تابعاً للحملة (يوجد عدم تناسق بين الأرقام الواردة عن هذه الحملة وعلى سبيل المثال عدد الجنود لا يتناسب مع عدد المراكب والجمال، لكننا نسرد الأرقام تماماً كما وردت في المرجع). وجد حكام شمال السودان أنفسهم ضعافاً أمام الحملة نظراً لتفرقهم إلى ممالك صغيرة، فسلموا الأمر إلى إسماعيل باشا. أما المماليك فهرب جزء منهم إلى الجعليين وسلم البعض الآخر نفسه إلى إسماعيل.

معركة كورتي نوفمبر 1821:
لم يقابل جيش إسماعيل أية عقبة حتى وصل الديار الشايقية الذين اعتزوا بسطوتهم على جيرانهم وثورتهم على الفونج. آثر الشوايقة الخضوع للحكم على أن لا يتدخل الباشا في شؤونهم لكن إسماعيل وضع شروطا كان أهمها هو تسليمهم الخيل والسلاح (الأبيض) وأن يفلحوا الأرض فلم يقبلوا بذلك وعزموا على القتال. بدأ النصر يلوح للشوايقة في بادئ الأمر إلا أنهم سحقوا بعد ذلك تحت وطأة السلاح الناري فانقسموا إلى مؤيد للموالاة بقيادة الملك صبير حاكم غرب الشايقية وإلى المقاومين الذين لحقوا بالمماليك في دار جعل، بقيادة الملك جاويش حاكم عموم الشوايقة في مروي. فمنح إسماعيل مكافأة لكل جندي يقتل شايقياً ويأتي بأذنيه دليلاً وكان من جراء ذلك أن عاد الجنود بعدد ضخم من آذان القتلى والأحياء لكن هذه القسوة محتها المعاملة الحسنة من عبدي كاشف أحد قادة جيوش إسماعيل حين أعاد الفتاة صفية بنت صبيرشيخ السواراب أحد ملوك الشوايقة التي كانت تؤلب الرجال وتثير فيهم الحماس ليستميتوا في قتالهم ضد الغزاة. انضم رجال الملك صبير إلى جيش إسماعيل برغبة منهم فساروا معه لإخضاع بقية الأراضي. وذهب الملك جاويش إلى المتمة حيث المك نمر لكن المك أبى أن يقبل التحالف معه فاتجه جنوباً إلى حلفاية الملوك الذين رفضوا أيضاً فهاجمهم بخيالته ثم اتجه شمالاً ليعلن عن رغبته في الانضمام إلى جيش إسماعيل. بانضمام الشايقية إلى الجيش الغازي كان لهم تاريخ جديد هو التعاون مع الأتراك والمصريين حتى قيام الثورة المهدية. وكانت نزعتهم هي أن يكونوا سادة مع السادة مهما كان الأمر بدلاً من أن يعيشوا كسائر الرعية، وربما كان حبهم للجندية هو أهم دافع لهم على السير في جيش إسماعيل. قرر المك نمر الإذعان للجيش الغازي فانضم للجيش فألحقه إسماعيل بجيشه ليضمن ولاءه. وسار الجيش حتى بلغ الحلفايا دار العبدلاب حتى جاء ملكهم الشيخ ناصر بن الأمين خاضعا للجيش فتركه سيداً على بلاده وأخذ ابنه ليضمن ولاء العبدلاب كما جعل من المك نمر ضماناً لولاء الجعليين وكان ذلك في 1821.

اجتياح سـنــار:
سار الجيش متجها نحو سنار عاصمة مملكة الفونج فأرسل إسماعيل إلى الوزير محمد ود عدلان الذين كان ممسكاً بزمام الحكم بدلاً من السلطان بادي السادس. وطلب إسماعيل باشا الولاء للخليفة العثماني فكتب له ود عدلان رسالته المشهورة: لا يغرنك انتصارك على الجعليين والشايقية، فنحن هنا الملوك وهم الرعية. أما علمت بأن سنار محروسة محمية، بصوارم قواطع هندية، وجياد جرد أدهمية، ورجال صابرين على القتال بكرة وعشية. كان ظاهراً أن ود عدلان لم يكن يعيش واقع عصره إذ أن جواسيسه أخبروه أن الجيش قوامه 186 ألف محارب (نلاحظ أن الجيش المتحرك من مصر كان 4500 جندي) حتى انه أخذ يطلب العون من الأولياء والصالحين بدلاً من تجنيد الجند من القبائل ومحالفة القبائل الأخرى ليستعد لمقابلة الجيش. تم اغتيال ود عدلان بسبب مشاكله مع أبناء عمومته قبل أن يصل إلى اتفاق مع الفور بشأن توحيد الكلمة لمحاربة الغازي. بدأ الأرباب دفع الله الوزير الجديد للسلطنة بالمفاوضات في ود مدني مع إسماعيل ونقل إليه رغبة السلطنة في الخضوع بعد أن أدرك أنه لا فائدة ترجى من المقاومة. لما اقترب إسماعيل من سنار خرج إليه بادي السادس (الذي كان شاباً في الخامسة والعشرين) مبايعاً وتنازل عن سلطانه لخليفة المسلمين في 13 يونيو 1821. هكذا انتهت سلطنة الفونج التي عاشت في ربوع السودان من عام 1504 1821م، بدخول الجيش في اليوم التالي دخول الغزاة المنتصرين وهم يقصفون البر ومن خلفهم سار السلطان السابق بعد أن عينه إسماعيل شيخاً على سنار ليجمع الضرائب ويسلمها للإدارة التركية المصرية.

الحملة الثانية – حملة كردفان ودارفور:
أرسل محمد علي جيشاً آخر بقيادة صهره محمد بك الدفتردار لضم غرب السودان إلى أملاك مصر. ولقد أمد الكبابيش وهي القبيلة التي تقطن بين مصر والمناطق الغربية للسودان والتي كانت تحمل البضائع من وإلى مصر من تلك المناطق أمدت جيش الدفتردار بما احتاج إليه من جمال لنقل العتاد إلى غرب السودان وكانوا خير دليل لتحديد أماكن الآبار ومناطق المعسكرات. سار جيش الدفتردار عقب انطلاق الجيش الأول وقبل أن يصل إلى الأبيّض عاصمة الفور أرسل إلى سلطانها محمد الفضل ينصحه بالتسليم فرد ود الفضل: أما علمت أن عندنا العباد والزهاد، والأقطاب والأولياء الصالحين من ظهرت لهم الكرامات في وقتنا هذا وهم بيننا يدفعون شر ناركم، فتصير رماداً، ويرجع إلى أهله والله يكفي شر الظالمين. لكن الدفتردار تقدم إلى كردفان دون أن يعترضه أي معترض فلما علم الوالي خرج بعسكره متجهاً شمالاً إلى بارا ليواجه الجيش الغازي.

واقعة بار 16 أبريل 1821م:
التقى الغزاة مع جيش المقدوم مسلم والي كردفان الذي عينه السلطان محمد الفضل، فاندفع جيش الأخير لا يظن سوى النصر (كما فعل الشايقية من قبل) لكنهم تفاجئوا بسقوط الجنود بالرصاص فعلموا أنه لا قبل لهم بعدوهم وهم يحملون السيوف والرماح. وهكذا انتهت واقعة بارا بانهزام الوطنيين وانتصار الغزاة فسقطت كردفان في يد الدفتردار قبل سقوط سنار في يد إسماعيل. لم يحاول السلطان المقاومة بل نزح إلى الفاشر ينتظر تطورات الموقف. لم يسر الدفتردار أبعد من الأبيّض لندرة المياه في تلك المناطق فأعلن محمد علي باشا عدم رغبته في فتح دارفور بل فكر في إخلاء كردفان والتنازل لأحد الملوك ليدفع الجزية إلا أن الدفتردار أقنعه بالعدول فعدل عن ذلك في 1822م.

مقـتل إسماعيل بن محمد علي باشا 1822:
بدأت الثورات تظهر في مختلف المناطق بسبب الازدياد المتواصل في الضرائب التي فرضها الأتراك على السودانيين إذ أن الضرائب السنوية للممتلكات كانت تقدر بنصف الثمن. فلما هدأت تلك الثورات بعد أن زاد الولاة في قسوتهم وزادوا في ضرائب الجهات الثائرة إذ أن الجزيرة زيدت ضرائبها من 35،000 ريال إلى 50،000 ريال وكذلك أراضي الجعليين.

وصل إسماعيل باشا إلى شندي في ديسمبر 1822 وأمر المك نمر والمك مساعد بالمثول أمامه وعند حضورهما بدأ الباشا بتأنيب المك نمر واتهامه بإثارة القلاقل ومن ثم عاقبه بأن أمره أن يدفع غرامة فادحة، الغرض منها تعجيزه وتحقيره (1000 أوقية ذهب، ألفي عبد ذكر، 4 آلاف من النساء والأطفال، ألف جمل ومثلها من البقر والضأن) واختلفت المصادر في الأعداد لكن اتفقت في استحالة الطلب. رد المك باستحالة الطلب فأهانه الباشا وضربه بغليونه التركي بإساءة بالغة أمام الحاضرين. حتى أن المك رفع سيفه فأوقفه المك مساعد وتحدث إليه ب اللغة الهدندوية (التي عرفوها عن طريق التجارة مع سكان البحر الأحمر) فأبدى المك رضوخه وأظهر خضوعه بأن دعا الباشا إلى العشاء وذبح له الضأن وهيأ له الحرس وأمعن في خدمته وأخبره أن الغرامة ستدفع في صباح اليوم التالي، أثناء ذلك كان الجعليون يطوقون الحفل بالقش من كل مكان مخبرين رجال الباشا أنها للماشية التي ستحضر وقبيل انفضاض الحفل أطلق الجعليون النار في القش فمات إسماعيل ورجاله خنقاً وحرقاً. نتيجة لذلك ساءت معاملة المغتصبين أشد الإساءة حتى أنهم قتلوا في إحدى المرات 30،000 من الجعليين العزل، استمر المك نمر في إغارته على الدفتردرا حتى بلغت خسائر رجاله عدداً عظيما بفضل السلاح الناري فهاجر المك ومعه عددا لن يستهان به من الفبيلةإلى حدود الحبشة حيث خطط مدينة أسماها المتمة أسوة بعاصمة الجعليين في الشمال ومكث هناك عدة سنين حتى مات.

استمر الحكم الدفتردار العسكري للسودان واستمرت المجازر البربرية كما أن الجنود الذين لم يتسلموا مرتباتهم لمدة ثمانية أشهر بدءوا بالبطش والنهب ليجدوا متطلبات حياتهم، إلى أن ثار الرأي العام الأوروبي، فأمر محمد علي، الدفتردار بالعودة سنة 1824 محاولة منه إنهاء الحكم العسكري وإرساء نظام إداري أكثر إنسانية.

عند الدخول التركي عينت سنار عاصمة للسودان إلا أن أمطارها الخريفية وكثرت الأمراض فيها اضطرتهم إلى تغييرها إلى ود مدني إلى أن أتى عثمان باشا الذي خلف الدفتردار عقب عودته إلى مصر وأعجب بالمنطقة التي يقترن فيها النيل الأبيض بالأزرق فبنى قلعة ووضع فيها الجند سنة 1824 واتخذها عاصمة له. تلك كانت بداية مدينة الخرطوم التي ازدهرت وسكنها 60 ألف نصفهم من المصريين واليونان واللبنانيين والسوريين وأعداد من الأوروبيين. اهتم خورشيد باشا أيام حكمه 26-1838 بتحسين الخرطوم وإنشاء المنشآت كما شهدت الخرطوم في عهده نوعا جديدا من الحكم إذ امتاز بإشراك السودانيين في الحكم كما عين الشيخ عبد القادر ود الزين مستشاراً له، الذي ساعده بدوره في حل الكثير من مشكلات السودان وأهمها هجرة السودانيين إلى المناطق المتاخمة للحبشة والبحر الأحمر هرباً من البطش والضرائب، فأعفى المتأخرات وأعفى الفقهاء ورجال الدين ورؤوس القبائل من الضرائب فبدأت الوفود بالعودة.

التقسيم الإداري في عهد محمد علي:
بعد استقرار الأحوال قليلا في السودان قسم محمد علي البلاد على النظام الإداري التركي إلى 6 مديريات: دنقلا، بربر، الخرطوم، سنار، كردفان وفازوغلي (كما وردت في المرجع). ثم ضمت مديرية التاكا في الشرق فأصبحت السابعة. سنة 1834 أطلق محمد علي اسم الحكمدار لحاكم السودان وأعطيت له السلطات العليا الإدارية، التشريعية، التنفيذية والعسكرية. لكنه غير النظام سنة 1843 لتخوفه من الحكمدار أحمد باشا شركس (أبو ودان) الذي كان طموحا وأراد أن يستقل بالسودان عن طريق فرمان من الباب العالي التركي. واستبدل الحكمدار بالمنظم بعد وفاة أحمد باشا أبو ودان المثيرة للجدل. إلى أن أعاد الحكمدارية للسودان بسبب ضعف المنظم الذي عينه.

الخديوي عباس (48-1854):
اهتم عباس الذي خلف محمد علي باشا، اهتم بالنواحي الإدارية كثيراً وحاول معالجة الرشاوى وأعاد تقسيم المديريات وأدخل الطب الغربي إلى السودان لمعالجة الجنود والموظفين المصريين والأتراك، كما فتحت أول مدرسة لأبناء الموظفين في الخرطوم سنة 1853 على يد رفاعة بك الطهطاوي. وفد نشطت التجارة الأوروبية في السودان في عهده وساعد هو في ذلك بتخفيف القيود المفروضة وكان الكثير منهم يتاجر في الرقيق كما أن القناصل كانوا يتاجرون في العاج فكانوا يبيعون العمال مع العاج فور وصولهم للجهة المستوردة. أيضاً بدأت الحملات التبشيرية ل المسيحية في عهده سنة 1848 كما أرسل الكثير من الموظفين والمحاسبين الأقباط (كما فعل محمد علي باشا من قبل).

الخديوي سعيد (54-1863):
اهتم سعيد برفاهية وترقية الشعب السوداني كما حارب تجارة الرقيق وحاول تحسين النظام الإداري في السودان كما عمد إلى إشراك السودانيين في الحكم وأنشأ الحكومات المحلية وجعل الإدارة غير مركزية لتيسير عمل المديريات وسرعة تنفيذ مشاريعها، فألغى الحكمدارية مرة أخرى (مع الفرق الشاسع في السبب).. كما عزز مكانة مشايخ القبائل وجعلهم ينوبون عن المديرين في جمع الضرائب التي خففها عنهم بعد زيارته للسودان ومقابلته للمواطنين الذين شكوا له ثقل الضرائب على عواتقهم، فتقابل جشع المديرين(الذين اعتبروا السودان منفى لجمع الثروة) مع وطنية المشايخ مما أدى إلى إخفاق النظام اللامركزي الديموقراطي الذي أعطى السودانيين بعض الحق في إدارة وطنهم، فشاهد سعيد هذا الفشل الذي حاق بنظامه الإنساني الديموقراطي قبل وفاته فأعاد الحكمدارية للسودان. وفي سنة 1857 عُين أراكيل بك مديراًً للخرطوم فثار السودانيون على تعيين مدير مسيحي عليهم وطالبوا باستبداله إلى أن أرسل المدير عدد منهم لسجنهم في مصر إلا أنهم أعيدوا إلى بلدانهم.

إسماعيل باشا الثاني (1863 – 1879):
عمد إسماعيل إلى تغيير النظام الإداري كلياً نظراً لكثرة الأخطاء والمساوئ، واهتم بإدخال التعليم فأنشأ العديد من المدارس الابتدائية في المدن الكبرى كالخرطوم ودنقلا ،الأبيّض، بربر وكسلا وكانت مفتوحة للسودانيين الراغبين في ذلك بالإضافة لأبناء الموظفين المصريين (هذا إلى جانب الخلاوي التي انتشرت في مختلف بقاع السودان والتي تتفاوت في أهميتها حسب شهرة المشايخ والفقهاء وكان إسماعيل باشا يساعد هذه الكتاتيب بدفع مرتبات شهرية للشيوخ)، اهتم الباشا إسماعيل أيضاً بقطاعي الزراعة والمواصلات (من سكك حديدية، مواصلات نهرية، تلغرافات). كما أراد التوسع جنوبا وغرباً وشرقاً فاتفق مع الرحالة الإنجليزي صمويل بيكر على أن يخضع له حوض ومنابع النيل مقابل مرتب سنوي كبير، وكانت تلك بداية دخول الإنجليز إلى السودان الذين كثر عددهم كمسؤولين وموظفين. نجح صمويل في إخضاع مساحة شاسعة من الجنوب تحت حكم الخديوي بعد معارك ضارية مع القبائل في تلك المناطق. إلى أن ترك صمويل البلاد مخلفاً حقد المواطنين بسبب وحشية تعامله، فخلفه الضابط الإنجليزي تشارلز جورج غردون، نجح غردون في مهمته أكثر مما فعل صمويل بيكر لأنه كسب ود العديد من القبائل وحارب تجار الرقيق، إلى أن قام رجل مغامر من أبناء الجيلي وهي منطقة تابعة لنفوذ الجعليين في ذلك الوقت، وهو الزبير باشا رحمه برحلة إلى الغرب، فاختلط مع التجار ودخل معهم واستطاع أن يجمع ثروة بسبب ذكاءه وكون جيشه الخاص إلا أن استولى على منطقة بحر الغزال وكوّن أول ولاية إسلامية هناك وأسقط سلطنة الفور 1874 التي استمر حكمها ما يقارب ثلاثة قرون، أسقطها بمساعدة الحكومة المصرية التي تولت فيما بعد حكم هذه المناطق. تخلى غردون عن منصبه كحاكم على مديرية الاستوائية وعاد إلى بلده فاتصل به الخديوي مرة أخرى واقترح عليه أن يكون حكمدار السودان مضافة إليه الأراضي الجديدة بعد التوسع في الحكم فوافق على ذلك في 1877. عمل غردون على إيجاد طريقة فعالة لمحاربة الفساد في الحكومة ومحاربة تجارة الرقيق، إلا أنه واجه العديد من الثورات منها تلك التي أقامها الزبير باشا لأنه فتح المنطقة الغربية من ماله الخاص ولم تعوضه الحكومة المصرية عن ذلك، بدأ بتأليب الفور عليهم ليحاولوا إعادة سلطنتهم فخرج السلطان هارون بجيش في أوائل 1879 من جبل مرة فتواجهوا مع قوات لحكومة وقُتل السلطان وهزم جيشه وبذلك أخمدت تلك الثورة. اضطربت أفكار غردون بعد أن أصبح حكمدار السودان وكانت تجارة الرقيق ومحاربتها هي شغله الشاغل فأراد أن يقضي عليها في أقصر وقت ممكن لكن الرقيق في البيوت السودانية لم يرغبوا في ترك أسيادهم فاتفق غردون مع الملاك على أن يسمح لهم بتملكهم مدة 12 سنة وأن يكون للحكومة الحق في التدخل في شؤونهم إن دعت الحاجة وأعطى كل منهم مستندات تفيد ذلك وسجل أسماء وأوصاف الرقيق لضمان عدم التلاعب في القرار. اضطربت بقية الأحوال في عهده وارتفعت الضرائب وساءت .

الثورة المهدية وحروب الاستقلال:
ولد السيد محمد احمد بن عبد الله المهدى في لبب إحدى الجزر المجاورة لدنقلا في 1844، كان شغوفاً بالعلم الشرعي منذ صغره، رغم أن والده وإخوانه اشتغلوا ببناء المراكب، فالتحق بعدة خلاوي بدأها بكرري ثم الخرطوم ومن ثم عاد إلى الشمالية، وضع محمد أحمد رغم حداثت سنه أسسا للحياة وكان يحاسب نفسه في كل صغيرة وكبير فنشأ هكذا حتى إذا ما بلغ شبابه تاقت نفسه إلى التصوف، فالتحق بأحد شيوخ الطريقة السمانية (محمد شريف نور الدائم) في 1861، وعمل على الالتزام بنهج المصطفى في كل صغيرة وكبير فكان يحمل الحطب لأصحابه كما عاونهم في حمل اللبنات عند البناء وكان كثير التهجد والبكاء حتى عجب منه شيخه وزملائه، وامتلأ قلبه إيماناً وورعا ونسكاً فرضي عنه شيخه فمنحه الأستاذية بعد 7 أعوام من الدراسة، بعد ذلك انتقل محمد أحمد إلى الجزيرة أبا فوجد فيها غاراً فالتجأ إليه وأخذ يتعبد الله في هذا الغار وبعد أن أخذ نصيبه من الخلوة والخلود لذكر الله جعل وقته للتعليم فاشتهرت مدرسة ذلك الشاب الورع وحمل الناس إليه الهدايا لينفقها على تلامذته وتبركوا بزيارته وسكنت نفوسهم برؤيته لصلاحه وتقواه. لم تنقطع صلات محمد أحمد بشيخه محمد شريف فكان يزوره كلما سنحت الفرصة وفي إحدى زياراته رآه يسمح للنساء بتقبيل يده فهاله الأمر وأفصح عما في ضميره طالبا منه الاعتراض على تلك العادة، ثم ما لبث أن رأى أستاذه يسمح بالطبل والغناء في احتفال لختان أنجاله، فاعترض عليه فتسبب في حرج لأستاذه فاستشاط الشيخ غضباً على تلميذه، ولم تفلح محاولات محمد أحمد في الاعتذار وطلب العفو.

علم محمد أحمد أن طريقه إلى إعادة الإسلام إلى سيرته الأولى يتطلب منه أن يحتل مركزاً دينياً مرموقاً فذهب للشيخ القرشي خليفة الطريقة السمانية في ذلك الوقت وجدد البيعة ومن ثم اتجه إلى الغرب يزور رجال الدين هناك وكان الناس يلقونه بالحفاوة فقد عرفوا فيه التقوى والورع. ما لبث الشيخ القرشي قليلا حتى مات فاشترك تلاميذه في دفنه وأقاموا عليه قبة كما جرت العادة في البلاد عندما يموت مشايخ الصوفية، وهناك أثناء الدفن التقى برجل يدعى عبد الله التعايشي، كان عبد الله مأخوذا بشخصية محمد أحمد وعلمه وكان هو الآخر مأخوذا بذكاء عبد الله رغم قلة علمه، أصبح الاثنان صديقان وأخذه محمد أحمد معه إلى جزيرة أبا وهناك أسر الشيخ إلى تلميذه وصديقه أنه أصبح يرى الرسول وهو يقظان وأنه أخبره أنه المهدي المنتظر كان ذلك في مارس 1881 ما يوافق ربيع الثاني 1298 هـ وكانت نهاية القرن 13 الهجري، كما فعل النبي أخبر المهدي أصحابه وخاصته وأهل بيته وأسر أيضاً إلى خاصة تلاميذه وبايعه تلاميذه على نصرة المهدية ومنذ ذلك الوقت سمي كل من ناصره بالأنصار كما سمى النبي أهل يثرب عندما بايعوه.

رأى المهدي (جرت العادة أن يسمى محمد أحمد بالمهدي بغض النظر عن الإيمان بكونه المهدي المنتظر أم لا) أن يجدد زيارته لكردفان وكان يرى فيها خير مكان لنشاط ثورته وهناك أسر لرجال الدين بأمره بدأ المهدي بالجهر لدعوته بعد عدة أشهر وكان يأمر بالجهاد واتباع سنة المصطفى r فكتب إلى كل الفقهاء وزعماء القبائل كما كتب للحكمدار في الخرطوم ونصحه أن يبايع، أرسل الحكمدار أحد معاونيه للمهدي ليتبين الأمر لكن جهوده لم تفلح في أن يوقف الرجل عما بدأه، فهدده بقوة الحكومة لكنه لم يرضخ.

الواقعة الأولى أبا 1881:
جهز الحكمدار جنوده لقتال المهدي تحت إشراف أبو السعود الذي أرسله من قبل إلى المهدي نزل الجنود إلى جزيرة أبا واعتقدوا أن مجرد ظهورهم سيرد المهدي عن أمره لكن المهدي باغتهم بالهجوم مع رجاله بأسلحتهم البسيطة، فقتل معظم الجنود وفر البقية عائدين إلى الخرطوم حاملين معهم نبأ أول هزيمة للحكومة منذ الاحتلال المصري التركي، وكانت الواقعة في 17 رمضان وهو التاريخ الذي يوافق غزوة بدر التي كانت أول انتصار للمسلمين في عهد النبي عليه السلام.

واقعة راشد ديسمبر 1881:
راشد بك أيمن كان مديراً على فشودة وكانت جبال النوبة التي لجأ إليها المهدي بعد المعركة الأولى جزءاً من مديريته، أراد راشد أن يفاجئ المهدي بهجوم سريع لكن أثناء تحركه مع جنوده الـ 420 رأتهم سيدة تدعى رابحة الكنانية وكانت من مريدي المهدي فأسرعت إليه تواصل الليل بالنهار حتى أبلغته، فباغت المهدي راشد ورجاله قبل أن يصلوا إليه ولم يصبح الصبح حتى صار راشد بك جثة هامدة ومن حوله جثث جنوده إلا من فر منهم ليبلغ الخرطوم بالمجزرة.عزز هذا النصر اعتقاد الناس بالمهدي إذ اعتبروا ما حدث معجزة، هذا بالإضافة إلى أن مدير كردفان حاول الهجوم أيضاً لكن صوت الطلقات التي كان يطلقها رجال المهدي ليلا أرهبه فهرب بجنده فاعتبر الناس هذه من الكرامات أيضاً. أرسل الحكمدار إلى مصر لطلب المدد لكن مصر أيامها كانت مشغولة ب الثورة العرابية ولم يستطع أحمد عرابي إرسال أية إمدادات إلى السودان لتخوفه من هجوم الإنجليز في أي وقت، هكذا حصل المهدي على مزيد من الوقت لمضاعفة قوته وزيادة أتباعه.

واقعة الشلالي مايو 1882:
أرسل الحكمدار 6100 جندي بقيادة يوسف باشا الشلالي وانضمت إليه كتائب من الأبيّض، أرسل المهدي إليهم 2 من أتباعه إلا أن الشلالي أمر بتقطيعهم حتى الموت، وعندما وصل الشلالي إلى قدير المنطقة التي يقيم فيها المهدي بدأت المعركة في الصبح الباكر والتحم الجيشان ولم تنتهي المعركة إلا بانتهاء جيش الحكومة، وكان هذا هو النصر الثالث للمهدي وحصل في هذه المعركة على الكثير من العتاد والأسلحة النارية بسبب كثرة الجيش. زاد عدد الثوار على الحكومة بسبب البطش والضرائب فانضموا بدورهم لحركة المهدي وبدءوا يتذكرون ما فعل الدفتردار.

تاريخ السودان الحديث – تسلسل زمني:
1899-1955: السودان تحت الحكم البريطاني-المصري المشترك.

1956: استقلال السودان وبداية الحكم الوطني.

1958: الجنرال إبراهيم عبود يقود انقلابا عسكريا ضد الحكومة المدنية المنتخبة حديثا في بداية العام.

1962: اندلاع الحرب الأهلية في الجنوب بقيادة حركة التمرد “أنيانيا”.

1964: ثورة أكتوبر/تشرين الأول التي أطاحت بعبود وقيام حكومة وطنية برئاسة الصادق المهدي.

1969: الرائد جعفر محمد النميري يتزعم الانقلاب العسكري المعروف باسم “ثورة مايو”.

1971: إعدام قادة الحزب الشيوعي السوداني بعد قيامهم بانقلاب ضد النميري.

1972: أصبح الجنوب منطقة حكم ذاتي، بموجب اتفاق أديس أبابا للسلام بين الحكومة وحركة “أنيانيا”.

1978: اكتشاف النفط في منطقة بانتيو في جنوب السودان.

تطبيق الشريعة
1983: الرئيس جعفر محمد النميري يعلن تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد. وفي نفس العام نشبت الحرب الأهلية في الجنوب بين القوات الحكومية والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة العقيد جون قرنق بعد أن قسم النميري الإقليم الجنوبي إلى ثلاثة أقاليم مخالفا لقانون الحكم الذاتي للجنوب المعمول به بموجب اتفاق أديس أبابا عام 1972.

1985: اندلاع ثورة شعبية ضد حكم النميري عرفت بانتفاضة أبريل وانحاز فيها الجيش إلى جانب الشعب وتأسس مجلس عسكري مؤقت لحكم البلاد برئاسة الفريق عبد الرحمن سوار الذهب.

1986: فوز حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي في انتخابات ديمقراطية وتشكيل حكومة ائتلاف برئاسته.

1988: الحزب الاتحادي الديمقراطي -بزعامة محمد عثمان الميرغني- شريك الائتلاف يصيغ مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق، لكنه لم يكتمل.

1989: العميد عمر حسن البشير يقود انقلابا عسكريا ويستولى على الحكم، وفي العام نفسه يتم في مصر تشكيل تجمع وطني سوداني معارض يضم 13 حزبا.

1993: حل مجلس قيادة الثورة بعد تعيين عمر البشير رئيسا للجمهورية.

1995: الرئيس المصري حسني مبارك يتهم السودان بتورطه في محاولة اغتياله في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا.

ضربة أميركية
1998: الولايات المتحدة تشن هجوما على مصنع للأدوية في الخرطوم بزعم أنه يصنع موادا للأسلحة الكيميائية.

1998: إقرار دستور جديد وافق عليه أكثر من 96٪ من الناخبين في استفتاء.

1999: الرئيس البشير يحل المجلس الوطني السوداني (البرلمان) ويعلن حالة الطوارئ عقب صراع على السلطة مع رئيس البرلمان حسن الترابي. وفي هذا العام أعلن السودان أنه بدأ للمرة الأولى تصديره للنفط، وفي نفس العام عاد الرئيس الأسبق جعفر محمد النميري إلى الخرطوم.

2000: اجتمع الرئيس البشير لأول مرة مع زعماء المعارضة في التجمع الوطني الديمقراطي بالعاصمة الإريترية أسمرا. عاد بعدها زعيم حزب الأمة الصادق المهدي إلى السودان مما فسر على أنه بداية لانفراط عقد التجمع الديمقراطي المعارض. وأعيد انتخاب البشير لفترة رئاسية أخرى في انتخابات قاطعتها أحزاب المعارضة الرئيسية.
2001 :
شهد هذا العام العديد من الأحداث المهمة من أبرزها:

– اعتقال الأمين العام المؤتمر الشعبي العام الشيخ حسن الترابي بعد يوم واحد من توقيع حزبه المؤتمر الشعبي مذكرة تفاهم مع الجيش الشعبي لتحرير السودان الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان.

– فشل مباحثات نيروبي للسلام بين الرئيس البشير وزعيم المتمردين جون قرنق.

– رفع مجلس الأمن لعقوبات رمزية كان قد فرضها على السودان عام 1996 تضمنت حظرا على سفر الدبلوماسيين.

– الرئيس الأميركي جورج بوش يعين السناتور جون دانفورث مبعوثا خاصا للتوسط في محاولة إنهاء النزاع السوداني، وفي الوقت نفسه مددت واشنطن العقوبات التي فرضتها من جهتها على السودان لسنة أخرى مشيرة إلى سجلها في دعم الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.

– الحركة الشعبية لتحرير السودان تتهم الحكومة بقصف جبال النوبة على مدى ثلاثة أسابيع، وعدت ذلك خرقا لهدنة توسطت فيها الولايات المتحدة بهدف السماح للمساعدات الإنسانية بدخول المنطقة.

طريق السلام
2002: خطت السودان خطوات مهمة على طريق السلام وكان أبرز ما شهده هذا العام:
– توقيع الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في نيروبي اتفاقا لوقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر في جبال النوبة التي تعتبر أحد المعاقل الأساسية للمتمردين.

وبعد خمسة أسابيع من محادثات كينيا وقعت الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان بروتوكول مشاكوس لإنهاء الحرب الأهلية وبموجب هذا الاتفاق توافق الحكومة على منح الجنوب الحق في تقرير المصير بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات. وفي المقابل يوافق متمردو الجنوب على تطبيق الشريعة الإسلامية في الشمال.

– التقاء الرئيس عمر البشير والعقيد جون قرنق لأول مرة بعد وساطة من الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني.

– موافقة حكومة البشير والحركة الشعبية على وقف لإطلاق النار طوال فترة المفاوضات.
– تعثر المفاوضات بسبب المخصصات الحكومية ووظائف الخدمة المدنية، واتفاق الجانبين على مراقبة وقف إطلاق النار.
2003 :
– استؤنفت مع بداية هذا العام مباحثات السلام بين الحكومة السودانية والمتمردين في نيروبي، فالتقى الرئيس البشير والعقيد جون قرنق للمرة الثانية في كينيا وخلال محادثات السلام التي رعاها الرئيس الكيني مواي كيباكي توقع الزعيمان انتهاء الحرب بينهما مع منتصف الصيف.

– توقيع الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقا أمنيا يسمح بدمج القوات في مناطق معينة متنازع عليها ويحتفظ الطرفان بقوات مسلحة منفصلة في المناطق الأخرى. وتستمر المفاوضات حول القضايا السياسية والاقتصادية.

– إطلاق سراح الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي بعد ما يقارب ثلاث سنوات من الاعتقال في محاولة لتهدئة الوضع التوتر الداخلي قبل الإقدام على توقيع اتفاق السلام النهائي.

– حث وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي حضر إحدى جولات التفاوض بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في نيفاشا بكينيا المتفاوضين على التوصل إلى اتفاق سلام شامل مع نهاية عام 2003، والطرفان المتفاوضان يصرحان بأنهما يأملان في ذلك إما بنهاية عام 2003 أو بداية عام 2004.

أزمة دارفور
2004: في هذا العام وقعت عدة أحداث:
– يناير/كانون الثاني: الجيش السوداني يتحرك ضد تمرد في إقليم دارفور غرب البلاد، وتتحدث تقارير عن لجوء مئات الآلاف من سكان الإقليم إلى تشاد المجاورة.

– مارس/آذار: موظف أممي يقول إن ميليشيات الجنجويد المدعومة من حكومة البشير تقوم بعمليات “قتل منهجي” ضد المواطنين غير العرب في دارفور.

– مايو/أيار: حكومة الخرطوم ومتمردو الجنوب يوقعون بروتوكول تقاسم السلطة كجزء من اتفاق سلام ينهي الصراع. وجاء الاتفاق عقب اختراقات سابقة بشأن تقسيم الثروة النفطية وغير النفطية.

– سبتمبر/أيلول: الأمم المتحدة تقول إن الحكومة في الخرطوم لم تنزع سلاح الميليشيات الموالية لها في دارفور، ويجب عليها قبول مساعدة خارجية لحماية المدنيين. أما وزير الخارجية الأميركية كولن باول فوصف عمليات القتل في دارفور بأنها إبادة جماعية.

اتفاقية السلام
2005:
– يناير/كانون الثاني: الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان توقعان اتفاق السلام والذي تضمن وقفا دائما لإطلاق النار وتفاهما حول اقتسام السلطة والثروة.

– وفي هذا الشهر أيضا اتهم تقرير أممي الحكومة والميليشيات بتنفيذ إساءات ممنهجة في دارفور، لكن الأمم المتحدة توقفت عن إطلاق اتهامات تتعلق بارتكاب إبادة جماعية.

– مارس/آذار: مجلس الأمن الدولي يجيز عقوبات ضد من ينتهكون وقف إطلاق النار في دارفور. وصوت المجلس أيضا بإحالة المتهمين بارتكاب جرائم حرب بدارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.

– يونيو/حزيران: الحكومة توقع مع التجمع القومي الديمقراطي المعارض في المنفى اتفاق مصالحة يسمح للتجمع بالعودة والمشاركة في الحكم.
وفي هذه الفترة جرى إطلاق سراح الشيخ الترابي المعتقل منذ مارس/آذار 2004 بتهمة التآمر لتدبير انقلاب.

– 9 يوليو/تموز: زعيم المتمردين السابق جون قرنق يؤدي اليمين الدستورية نائبا للرئيس السوداني. ويجري توقيع دستور يعطي حكما ذاتيا واسعا للجنوب.

– 1 أغسطس/آب: مقتل قرنق في تحطم طائرة، ويخلفه سلفاكير ميارديت في جميع مناصبه، وتشهد الخرطوم اضطرابات بين الشماليين والجنوبيين في أجواء الحزن على رحيل قرنق.

– سبتمبر/أيلول: تشكيل حكومة الائتلاف الوطني التي تسمح للجنوبيين في اقتسام السلطة.
– أكتوبر/تشرين الأول: تشكيل حكومة الحكم الذاتي في الجنوب وذلك تماشيا مع بنود اتفاقية السلام الشامل، وتدار الحكومة الجنوبية من قبل المتمردين السابقين.

أزمة دارفور
2006:
– مايو/أيار: وقعت الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان الفصيل الرئيس المتمرد في دارفور اتفاقا في أبوجا بنيجيريا، لكن الفصائل الأخرى المتمردة رفضته وواصلت القتال.

– أغسطس/آب: رفض السودان نداء من الأمم المتحدة لإحلال قوة لحفظ السلام في دافور بدعوى أن ذلك يهدد السيادة.

– أكتوبر/تشرين الأول: طرد السودان ممثل الأمم المتحدة جان برونك. وفي الشهر التالي مدد الاتحاد الأفريقي فترة تواجد قواته لحفظ السلام في دارفور ستة أشهر أخرى.

جرائم حرب
2007:
– أبريل/نيسان: السودان يعلن قبوله حلول قوة أممية لحفظ السلام تعزز القوة الأفريقية في دارفور.

– مايو/أيار: المحكمة الجنائية الدولية تصدر أمرا بالقبض على الوزير السوداني أحمد هارون وأحد قادة الجنجويد موسى هلال بتهمة ارتكاب حرب بدارفور. ويعلن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش عقوبات جديدة ضد السودان.

– ديسمبر/كانون الأول الحركة الشعبية تستأنف مشارك