الطاهر ساتي

الجفلن خلهن ، اقرع الصندوق

[ALIGN=CENTER]الجفلن خلهن ، اقرع الصندوق ..!! [/ALIGN]

ما كان على رأس الحدث أن يكون خبر فحواه أن البرلمان أجاز قانون الأمن الوطني بأغلبية المؤتمر الوطني الميكانيكية ، أوكما قالت الصحف ..نعم الخبر صحيح ، ولكنه لايصلح بأن يكون رأس الحدث ، بل ذاك ذيله ..حيث إن رأس الحدث هو الخبر الذي يشير بأن وفدا رفيعا من الحركة الشعبية توجه إلي قاهرة المعز يوم السبت الفائت ، فيه باقان أموم وياسر عرمان ، أحدهما الأمين العام للحركة والآخر رئيس كتلتها البرلمانية ..هذا وذاك غادرا إلى القاهرة قبل أربع وعشرين ساعة – فقط لاغير – من موعد عرض أهم وأخطر قوانين مرحلة التحول الديمقراطي ، قانون الأمن ، على نواب البرلمان ..!!
** ثمة أسئلة مهمة قد لاتخطر على أذهان قصار النظر السياسي الذين يمشون على أرض بلادي بالهتافات و( الكواريك فقط لاغير) .. أسئلة من شاكلة : أي الأمرين كان مهما لباقان وياسر – ولكل الذين يرتدون الديمقراطية جلبابا – يوم الأحد الفائت ، زيارة القاهرة أم مقارعة نواب المؤتمر عند إجازة قانون الأمن ..؟..وهل الصدفة هي التي أوجدت رئيس نواب الحركة بالقاهرة ، في ذات اللحظة التي كان فيها القانون يجاز بأمدرمان ..؟.. وهل الصدفة هي التي أبعدت أمين عام الحركة إلى القاهرة ، في ذات اللحظة التي كانت تبحث فيها استفهامات الإعلام عنه بالخرطوم للإجابة عما يحدث لقانون الأمن ..؟
** وهل كان الأفضل والأهم لرئيس نواب الحركة ، أن يوثق للتاريخ موقفا رافضا لقانون الأمن تحت قبة برلمان أمدرمان ،أم يدع نوابه تحت لظى تلك القبة ويغادر إلي القاهرة ..؟..باختصار ، وبدون لف ودوران : هل زيارة ياسر و باقان للقاهرة في هذا التوقيت ، مهمة للغاية أم هي زيارة بما تشبه الهروب من واقع ( مطابخ الشراكة الذكية ) ..؟؟ .. تلك أسئلة رغم أهميتها لن يقف عندها قصار النظر السياسي الذين يظنون بأن كل ما يلمع : ديمقراطية أو ديمقراطي ..وهؤلاء لايعلمون بأن للشمولية أيضا لمعانا وبريقا أقوى وأنصع من لمعان وبريق الديمقراطية، خاصة حين تطبخ بواسطة الأيدي الإفريقية الماهرة في مطابخ أمريكية حديثة صنعت – في نيفاشا – لإطعام الشعب السوداني وقواه المعارضة طعاما غير دسم ، اسمه ( الحكم الثنائي ) ..الشعب يتذوق طعم هذا الطعام غير الشهي منذ خمس سنوات ، ولكن للأسف قواه المعارضة تفتقر حتى إلى ( حاسة الشم ) ..!!
** المهم ..ماحدث لقانون الأمن لم يكن مفاجئا ، وقلت فيما قلت – قبل المسيرة بيوم – في هذه الزاوية إن الحركة الشعبية ليست حريصة على الديمقراطية وقوانينها المهمة : ( الأمن والنقابات والإجراءات الجنائية ) ..ولكنها حريصة على قانون الاستفتاء فقط لاغير، وإنها تساوم المؤتمر الوطني بطريقة ( هذه بتلك )، وأقترحت ناصحا قوى المعارضة بأهمية البحث عن درب آخر – غير درب الحركة الشعبية – يؤدي إلى إجازة تلك القوانين المهمة بما يرضي الديمقراطية التي تتوجس منها الحركة الشعبية ذاتها ..أوهكذا كان يشير الواقع السياسي غير المخفي ، ولكن كلام الواقع في هذا السودان الحبيب دائما وأبدا كما كلام القصير ( ما مسموع ) ..ضجيج تلك المسيرة كان عاليا ، لذلك حجب كلام الواقع السياسي عن آذان المتحالفين مع الشريك الذكي ، بل الذكي جدا..وكيف لايكون ذكيا من ينظم مسيرة كل متحالف فيها يبكي جهرا ( ليلى قوانين الديمقراطية ) ، بيد أنه يبكي فيها سرا ( ليلى قانون الاستفتاء ) ..؟؟
** نعم، رفض نواب الحركة إجازة قانون الأمن ، ولكنهم عند عودتهم إلي البرلمان كانوا يعلمون بأن لشريكهم أغلبية ميكانيكية ستجيز القانون بلا تعديل .. علما بأنهم حين توجسوا من استخدام تلك الأغلبية في قانون الإستفتاء ، اتفقوا خارج البرلمان على وضع قانون لايعدل في البرلمان ، وهذا ماحدث .. فلماذا لم يحدث لقانون الأمن ماحدث لقانون الاستفتاء ..؟.. سؤال لن يخطر على الأذهان التي كانت متحالفة ..!!
** على كل حال ، الجفلن خلهن – يا أحزابنا المعارضة – وأقرعي الواقفات ، أي صناديق الاقتراع .. فالبكاء أوالتباكي على ماحدث لقانون الأمن وغيره في مطابخ اللجان المشتركة – ومجلس وزراء الشراكة – غير مجدٍ ، فالأجدى هو النظر عاجلا ومليا إلى حيث صناديق الاقتراع ..وذلك بالرهان على تحالف منطقي لا يفكر في طرفي ( الحكم الثنائي ) ..هذا وذاك بهما من الخبث السياسي ما لن تستطيعوا معه صبرا أو تحصدوا منه فوزا ..كلاهما – يا أيها الطيبون – وجهان لعملة واحدة اسمها النهج الأحادي الذي شكل سابقا ( سلطة مشتركة )..وما لم تتعظ قوى المعارضة وتنتبه ، فإن ذاك النهج قد يشكل لاحقا ( سلطة منتخبة ) ..!!

الصحافة الثلاثاء 22/12/2009 العدد 5925
tahersati@hotmail.com

تعليق واحد