جعفر عباس

رأس السنة والديسكو المُسْكِر


[ALIGN=CENTER]رأس السنة والديسكو المُسْكِر [/ALIGN] كتبت مرارا عن كوني لا أهتم بقدوم عام جديد،.. حاولت ذات سنة المشاركة في حفل رأس سنة، وكتبت عن ذلك أكثر من مرة، وما حدث بالاختصار الشديد هو أنني كنت وقتها طالبا في جامعة الخرطوم،.. وكان لي صديق من أولاد البندر، أي ابن مدينة، وكان أهله “مبسوطين” ويأتي الى الجامعة بسيارة بين الحين والآخر وكانت هذه من آيات الثراء الفاحش، لأن 90% من أساتذتنا لم يكونوا يملكون سيارات.. سألني صاحبي ذاك: أين ستحتفل برأس السنة؟ لم أشأ إعطاءه الانطباع بأنني “بلدي” وبأنه لم يسبق لي قط مجرد الانتباه الى حلول أي عام جديد فتذكرت أسماء بعض الأندية الراقية في الخرطوم وقلت له: إنني في حيرة.. لا أعرف أين سأذهب مع “الشلة”.. وفات عليّ ان صاحبي ذاك يعرف ان شلتي متنيلة بألف نيلة وأنه لم يكن بينهم من يميز بين راس السنة ومؤخرتها.. وإذا به يبتسم ويقول لي: سيبك من الحركات القرعة، وأنت مدعو الى حفل في النادي اليوناني، ووضع لي خارطة الطريق ولما اكتشف انني “ماحي” ولا أعرف تلك الضاحية الراقية التي يقبع فيها نادي الإغريق، اقترح ان نلتقي في مقهى في وسط الخرطوم ليصطحبني من هناك الى النادي وقال لي ما معناه: ستكون ليلة لن تنساها.. خواجيات يا ابو الجعافر… حاسب على قلبك.. وديسكو.. سألته وهل تشرب الديسكو؟ وهل يعرف أهلك انك سكرجي؟ انفجر صاحبي ضاحكا وشرح لي ان ديسكو تعني الموسيقى الصاخبة والرقص، وأضاف: مسكين يا ابو الجعافر لا تعرف الفرق بين الويسكي والديسكو.
وفي عصر الحادي والثلاثين من ديسمبر ذاك كنت قد استحممت ثلاث مرات وفركت جلدي عدة مرات حتى صار لوني فاتحا.. وألقيت كذا نظرة على لوازم الأناقة.. وأهم شيء هو أنني مررت بتجربة ارتداء رابطة العنق (الكرافتة).. وقفت أمام المرآة وصحت: يا أرض احفظي ما عليك، أو انهدي ما عليك قدي.. إيه الحلاوة دي؟ الكرافتة وجدتها عند زميل يعمل أبوه في السلك الدبلوماسي وحاول تعليمي كيفية ربطها وحلها فقلت له: اربطها وخليها زي ما هي وسأحشر رأسي ورقبتي فيها عند ساعة الصفر.. ثم انتبهت الى أنني لا أملك حذاء يناسب حالة “الأناقة” التي كنت أتأهب لها وبعد تقليب مقتنيات نحو عشرة من الزملاء حصلت على زوجين على مقاسي يصلحان للاستخدام الآدمي عند أحدهم
وانطلقت الى قلب الخرطوم قبل الموعد المحدد للقاء صديقي بنحو ساعتين، وبما ان وضعي المالي كان ممتازا حيث أنني كنت أحمل في جيبي نصف جنيه كامل (ولا تسلني: كيف يكون النصف كاملا؟).. اشتريت كأسا من الآيسكريم ولحسته في تأنٍ ليس فقط من باب التلذذ ولكن لتفادي سقوط بقعة منه على القميص او البنطلون.. وغابت الشمس وبقي على موعد حضور صاحبي نحو ساعة، فدخلت الجامع الكبير في وسط الخرطوم لصلاة المغرب.. وخرجت من الجامع فإذا بحذائي المستعار قد طار.. صرت أطوف حول مداخل المسجد متفقدا أقدام الخارجين ولكن مفيش فايدة.. دخلت الجامع مجددا وجلست فيه حتى انتهاء صلاة العشاء وبعدها طلب مني الحارس الخروج ليغلق الأبواب.. وخرجت “من فوق مثلك في القيافة ما في” ومن تحت حافي.. ودخلت متجرا يبيع شباشب البلاستيك وفاصلت في السعر (15 قرشا) ثم انتبه التاجر الى حالي وباعه لي بـ 5 قروش ومنذ يومها أدركت ان الله أراد بي وببنات الإغريق خيرا.. وحصل خير فقد عفا عني صاحب الحذاء رغم أنني أبديت استعدادا لدفع سعره على اقساط على مدى ثلاث سنوات بعد التخرج.

زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com


تعليق واحد

  1. تسلم يا أبو الجعافر ،،،، يا خطير

    حراميه المسجد الكبير ده منو زمنكم إنتو قاعدين إسرقوا في النعلات ،،، لا حوله ولا قوة إلا بالله ،،،،

    بس صراحه عملوا فيك فائده ،،،،

    ورب ضارة نافعه،،،،،

    وأن تكون أمي في مثل هذة الأشياء خيراً لك من أن تكون عالم بخفاياها، حفله رأس السنه وأعياد الميلاد مصائب ترزح بين الناس ،،،،

    والمشتهي الحنيطير إطير ،،،،