فدوى موسى

الجاب لي أخبارو

[ALIGN=CENTER]الجاب لي أخبارو[/ALIGN] أتلصص… أرهف السمع لعلي أعرف بعض من أخباره… فقد أضناني عدم الوصل… يقولون هو في بحبوحة العيش الرغيد وأنا ارتجي منه قليلاً من العطف والحنان.. ماذا دهى (عبدو) حتى يتنكر لكل تلك العشرة القوية المتينة… ألم يكن يوماً كل دنياي؟! ألم أكن أنا كل حياته؟! ما أقسى هذا المدعو «أبغض الحلال».. كنت أقنع نفسي دائماً بان ذلك ليس منه بل من ظروفه القاسية… لم أكن اهتم «للعشة» الفقيرة التي نقطنها مثلما يقطن الحمام… غرفة واحدة أشاركه فيها الحياة أنا وأمه وأخته وأبنة عمه التي جاءت للدراسة الجامعية… أما هو فكان مأواه حول هذه الغرفة مرتحلاً على اقدام «رمي الضل» اينما رمى الظل خطوطه كان (عبدو) متجولاً معه… كنت كثيراً ما اشفق عليه وأحس بانه «رقاق الشمس» قد رسم على وجهه كل مرارات الرهق.. دائماً ما أحس بشحوبة و«غبشته» وهو لا يقول إلا «بكرة تفرج».. عندما جاء مولودي الصغير انتابتني حالة من الأنانية.. كيف لهذا الصغير أن يجد العطف والاهتمام وابوه المحدود الدخل يتوزع الادوار بين قاطني الدار.. فلم أجد بداً من «الانتفاضة» على (عبدو) الذي لا يملك لي إلا أن أحتمل الحال أو التسريح بالاحسان.. ولأنني امرأة (غشيمة) لم يكن إلا هذا الخيار الأخير… ولكني ظللت أرقبه من بعيد تصلني النفقة البسيطة التي تكفلت بها ظروفه.. ولكن دوام الحال من المحال… كم أحسست بالضيق عندما عرفت انه تزوج ابنة عمه التي تخرجت في تلك العيشة وفتح الله عليها بوظيفة مرموقة كانت بها سنداً لعبدو.. الذي بلا شك لم ينس انه يحسن نفقة ابنه.. ولكني اليوم اتلصص.. وأرهف السمع لعلي أعرف أخباره… وكلما جاء من قبله أحد أجزلته الشكر.. فقد كان (عبدو) طيباً وحنيناً ولكن هي الظروف والأقدار التي لا نملك إلا أن نقر بها.

*آخر الكلام

لم أعرف أنني كنت أملك تلك الثروة الغالية إلا بعد أن فقدته ولكني كسبت أباً رائعاً لهذا الصغير ومازلت اتلصص وأرهف السمع

سياج – آخر لحظة – 1228
fadwamusa8@hotmail.com