مطامع في دارفور..الأجندة بالتفصيل :استراتيجية امريكية-اسرائيلية وطموح فرنسي
ويقول الباحث العسكري جوزيف السوب في تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية إن هناك تنسيقًا كاملاً بين المخابرات الأمريكية و«الموساد» الإسرائيلي ومتمردي دارفور بهدف زعزعة الاستقرار في الإقليم ونشر الفوضى في السودان، من أجل دفع المجموعات السكانية المختلفة إلى مغادرة أراضيها ليقال إن الحرب الأهلية أدت إلى بث الرعب والخوف في صفوفها.
وأشار جوزيف في تقريره الذي جاء تحت عنوان «أهداف الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط» إلى أن الولايات المتحدة نجحت بالفعل في أولى خطواتها واستطاعت أن تجبر الأمم المتحدة على اتخاذ قرار بنشر قوات في دارفور.
ورجح الباحث ان مهمة هذه القوات ، هي نشر بطاريات صواريخ أرض ـ أرض باتجاه السد العالي في مصر وبعض المدن الكبيرة في ليبيا والشمال الأفريقي، وغلق الحدود الشمالية للسودان منعًا لأي تسلل قد يحدث من مقاومين أو إسلاميين مصريين.
وتوقع أن تكون الخطوة الثانية محاولة سحق الجيش والمقاومة السودانية عبر العديد من الخطط ومن ثم إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة جديدة موالية للأمريكيين من المتمردين لبث الخلافات بين السودان والدول العربية والإسلامية ودول جنوب وغرب أفريقيا لتتفرغ بعد ذلك القوات الأمريكية في شحن البترول السوداني إلى الولايات المتحدة وكذلك شحن خام اليورانيوم إلى معاملها الحارة ومفاعلاتها النووية، والأهم من ذلك تحويل جزء من مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق مد أنابيب بأقطار كبيرة جدًا إلى أماكن مختلفة في إسرائيل.
ويحذر الخبير الفرنسي من أن هذه الخطة ربما تتسبب في اندلاع حرب ضخمة بمنطقة الشرق الأوسط ستكون إسرائيل طرفا فيها، وتوقع في حال نشوب صراع بين الدول العربية وإسرائيل أن تحدث كارثة لن يستطيع أحد أن يعرف مداها.
ولا يستبعد كثير من المحللين والخبراء المستقلين في أوربا عموماً وفرنسا على وجه الخصوص أن تقوم الولايات المتحدة بمزيد من المغامرات في المنطقة لتحقيق مجموعة من الأهداف الخاصة بها وبإسرائيل، وفي مقال نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية سابقا، مضى دوا سيزار الخبير السياسي والعسكري إلى ترجيح أن تقوم الولايات المتحدة بغزو مصر من أجل التحكم في موارد نهر النيل وصرف حصص المياه وفق ما تريد، وبغرض إثارة التوترات بين الطوائف الدينية والقوى السياسية لتكرر سيناريو العراق من جديد.
وأشار إلى أن وقوع مصر في الأسر الأمريكي يعني أن الدول العربية كافة ستكون في قبضة الولايات المتحدة، وبذلك ستتغير شكل الخارطة السياسية وتصبح الدول العربية تحت راية العلم الأمريكي.
ورأى المحلل الفرنسي أن نشر قوات تابعة للأمم المتحدة في دارفور هي خطوه بمثابة غطاء يمنح الشرعية للولايات المتحدة لدخول السودان واستعماره من أجل الاستفادة من ثرواته البترولية وخاصة في الإقليم الذي قدرت فيه الآبار البترولية المكتشفة حديثًا بالأنهار وأيضا خام «اليورانيوم» الذي تم اكتشافه وأصبح مطمعاً للكثير من الدول التي يدخل هذا الخام في أنشطتها.
وقال سيزار إن احتلال السودان من بين طموحات الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي يريد أن يضع العالم الإسلامي بين فكيه وقد حاول أكثر من مرة أن يغزوه بحجة أن السودان يأوي الإرهابيين وينظم معسكرات لتنظيم القاعدة، واستطاع أن يوتر العلاقات بين الخرطوم ومعظم الدول العربية والإسلامية.
ويبدو أن فرنسا تسعى الى إضعاف المد الاسلامي وزحف اللغة العربية في غرب افريقيا بالاضافة الى أن اقليم دارفور يمثل المهدد الوحيد لأمن تشاد واصبح السودان أخيراً هو الذي يتحكم في تغيير انظمة الحكم التشادية، لذلك فإن فرنسا تخشى ضياع ثرواتها البترولية وتقويض جهودها الثقافية التي تبذلها في المنطقة، خصوصا أن السودان في عهد حكومة الانقاذ اصبح مركز اشعاع اسلامي للدول الافريقية والآسيوية وحراكاً لغوياً كاسحاً لكل اللغات الافريقية حيث اكثر من تسعين دولة افريقية وآسيوية توفد طلابها للدراسة في السودان.مما ساعد الافارقة لتعلم اللغة العربية السودانية التي تعد الاقرب الى اللغة الفصحى التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاسلام. وهذا مايؤدي الى توتر العلاقات بين فرنسا ومستعمراتها القديمة أو رعاياها.
الياقوت محمد عبدالقادر :الراي العام [/ALIGN]