تحقيقات وتقارير

السودان والجنائية الدولية معركة الداخل وتحدي الخارج

[ALIGN=JUSTIFY]تباينت مواقف عدد من السياسيين والبرلمانيين والقانونيين المصريين والسودانيين إزاء تقييم الخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية لإدارة أزمتها الراهنة مع المحكمة الجنائية الدولية.
وبينما رأى البعض أن الحكومة لا تزال تصر على نمط الحشد الإعلامي الحماسي والخطاب الاستعلائي، اعتبر البعض أن الدبلوماسية السودانية نجحت في حشد مواقف دولية وإقليمية لصالحها وبدأت باتخاذ خطوات من شـأنها حل أزمة دارفور.
وشهدت الحلقة النقاشية التي استضافتها صحيفة الأهرام اليوم نقاشا ساخنا بين المشاركين أجمع فيه غالبية السياسيين على أن المعركة الحقيقية للخرطوم هي في الداخل وحل مشكلة دارفور وليس ما وصفوه بتحدي المجتمع الدولي.
واعتبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري أن التركيز الحالي على الدفوع القانونية أمر غير مجد، إذ يجري تطويعها لخدمة الأغراض السياسية التي تمثل العنصر الحاكم في الأزمة.

أهداف الحملة
وحدد مصطفى الفقي ثلاثة أهداف للحملة على الخرطوم تتمثل بإضعاف السودان وإرباكه عبر جعله في موقف المتهم، وتنفيذ مخطط التقسيم لتفتيت البلاد، إضافة إلى دق إسفين بين العرب والأفارقة بالحديث عن تطهير عرقي للسودانيين المنحدرين من أصول أفريقية.
واستعرض الفقي ثلاث رؤى تحكم تعامل الغرب مع الأزمة هي أن النظام السوداني استهان بالمشكلة حتى تفاقمت، وأنه سمح بتدويلها ولم يكن محايدا تجاه أطراف المشكلة، وأنه اتخذ موقفا حضاريا يناصر العروبة والإسلام على حساب البعد الأفريقي.
واقترح الفقي ثلاثة مسارات للحل تتمثل بقيام الحكومة بإجراء سلسلة محاكمات وطنية عادلة وشفافة وعلنية للمتورطين في دارفور أيا كانت مواقعهم (باستثناء الرئيس السوداني عمر حسن البشير)، والإسراع بحل سياسي للمشكلة، وتحسين صورة السودان في الخارج عبر تبني منهج ديمقراطي تعددي وعلماني.

ذراع سياسية
وفي تصريح للجزيرة نت على هامش اللقاء وصف عضو البرلمان السوداني عن الحركة الشعبية لتحرير السودان غازي سليمان المحكمة الجنائية بأنها ذراع سياسية غير ملزمة للخرطوم التي لم توقع على بروتوكول روما.
وِأشار إلى أن ما يروج له الغرب من مبررات قانونية هي مبررات واهية كون المحكمة لا تمثل جزءا من منظومة الأجهزة الدولية التابعة للأمم المتحدة.

انتقاد للخطاب
من جانبه انتقد رئيس مركز الدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الخطاب الحالي للحكومة السودانية ووصفه بأنه خطاب ذو طابع حماسي “لا يغنى ولا يسمن من جوع” ويعبر عن منهج “عقيم” اتبعته الأنظمة العربية وأدى بها إلى حالة التردي الراهنة.
وطالب عبد المنعم المشاط بضرورة التفرقة بين الدولة بمؤسساتها وأجهزتها والرئيس كشخص يسعى النظام إلى تأمينه على حساب مصلحة الوطن.

لجنة قانونية
من جهته دعا الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب إلى عدم التسليم بكل ما يقوله الغرب، والتعامل بندية مع أطروحاته ورؤاه، مشيرا إلى أن البرلمان الانتقالي العربي شكل لجنة قانونية لتقديم الدفوع أمام الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية.
وشكك عبد العظيم المغربي -بتصريح للجزيرة نت- في اختصاص مجلس الأمن بإحالة الموضوع إلى المحكمة الجنائية نظرا لأن الأخيرة ليست “ابنا شرعيا” للأمم المتحدة ولا تلزم قراراتها سوى الموقعين على بروتوكولها فقط.
وحذر من خطورة الكيل بمكيالين في قضايا العدالة الانتقائية التي تمارسها واشنطن لابتزاز الدول المناوئة لها.

تحرك شعبي
وبدورة اعتبر الأمين العام لحزب العمل المصري (المجمد) مجدي أحمد حسين أن القضية سياسية برمتها ولا أساس للأخذ بالاعتبارات القانونية.
وأشار إلى أن واشنطن رفضت تنفيذ أحكام دولية نهائية في السابق مثل القرار المتعلق بإدانتها في قصف موانئ نيكاراغوا وإسقاط طائرة مدنية في إيران.
وأوضح أن الرضوخ لهذه الآليات القانونية يعكس رضوخا سياسيا، داعيا إلى تحرك شعبي وتظاهرات ومسيرات للتنديد بهذا الحكم غير المسبوق في تاريخ العلاقات الدولية.
محمود جمعة-القاهرة :الجزيرة نت [/ALIGN]