تحقيقات وتقارير
بين سوء التخطيط وضعف التنفيذ : الطرق بالـخرطوم.. صيانة بلا نهاية!
مدير الطرق بولاية الخرطوم أكد لـ«الأهرام اليوم» أن الميزانيات المرصودة لأعمال الصرف الصحي والكهرباء ذات الصلة بالطرق تفوق ميزانية هيئته، لذلك لا يستطيع تحمل تلك الأعباء!
مدير عام الطرق بولاية الخرطوم: فقدنا السيطرة على توصيلات المياه والصرف الصحي وهما من أسباب تصدع الشوارع!
انتظمت الخرطوم في الآونة الأخيرة ثورة في مجال سلفتة الطرق، لكننا نندهش عندما نلاحظ أن عمليات الصيانة لا تنتهي والنتيجة طرق غير معبَّدة وتخطيط ضعيف وحوادث متكررة وميزانية ضخمة تُرصد هنا وهناك ووزارة عاجزة عن تصحيح المسار، وضع يطرح عدداً من التساؤلات؛ لأن الطرق المعبّدة هي أهم ركائز البنيات التحتية الأساسية للتقدم. ما هي أسباب تراجع الجودة في هذا المجال؟ ولماذا لا تُطبّق المواصفات العالمية على طرقنا؟ ولماذا لا يخضع الأسفلت للمواصفات؟
{ أين التخطيط.. وأين الرقابة؟!
لا يهم أن تكون طبيباً لتلاحظ أن الوصفة الطبية غير فعالة أو موسيقياً لتعرف أن اللحن نشاز أو نجاراً لتدرك أن الخشب رديء وكذلك ليس مهماً أن تكون مهندساً لتعرف أن الطرق المسفلتة في السودان تعاني من ضعف التخطيط والتنفيذ والدليل ما يراه الناس بأعينهم، فكم من طرق حديثة تُعبَّد سرعان ما تتهشم وتتصدع وتغطيها الحفر والمطبات لتصبح كأنها قطع من البسكويت. وكم من طرق تكشف لنا الأمطار أن لا تصريف بها وينتهي فيها الأسفلت بجفاف المياه، وكم من شوارع حُفرت بعد أن عُبِّدت ليس لشيء فقط لإقامة إشارات مرورية أو عمود كهرباء أو ما شابه! وهنالك طرق أنشئت تتوسطها فتحات (منهولات) الصرف الصحي ولا ندري إلى أين تقود وسرعان ما تجد أن أغطية هذه الفتحات تكسرت بل اختفت مخلفة وراءها فوهات قاتلة لا تراها أعين السائقين ولا المارين، مما يجعلنا نتساءل: أين مهندسو الطرق وأين التخطيط وأين الرقابة؟!
{ المركبات وإدارة المرور
«الأهرام اليوم» التقت بالمستشار عثمان البلال، أحد المهندسين المشرفين على رصف وسفلتة شارع الستين، الذي تحدث عن تصميم الطرق قائلاً: التصميم هو إعداد إنشائي وهندسي لتحمل أوزان المارة عليه خلال العمر الافتراضي دون الحاجة إلى إزالة كلية لمكونات الطريق وإنما يفترض فقط القيام بالصيانة الدورية الضرورية للحفاظ على الطرق بصورة مُرضية لمستخدميها، وواصل: ومن الأسباب التي تؤدي إلى دمار الطرق زيادة المركبات ونوعها، أي الترلات الكبيرة ذات الحمولات الثقيلة التي لم تُدرج في الحساب عند تصميم الطرق؛ إذ يعتمد التصميم على التعداد الذي يجري للمركبات المستخدمة للطرق ويبنى عليه التصميم، مع وضع نسبة زيادة سنوية خلال العمر الافتراضي التصميمي للطريق، عليه يلزم على إدارة المرور تعيين شوارع بعينها للشاحنات الكبيرة وتجهيز هذه الطرق بالكيفية المُرضية لتتحمل الأحمال الثقيلة.
وبصفته من المشرفين على شارع الستين ذكر أن العيوب الموجودة بالشارع سببها الرئيسي مكونات طبقة الأساس التي توضع مباشرة تحت طبقة أو طبقات الأسفلت، لذا فالاهتمام بهذه الطبقة مهم جداً وضروري للغاية للحصول على طريق قادر على تحمل المركبات المارة فوقه، وقال إن الأسفلت المستخدم في السودان يتطلب أن تجرى له اختبارات بالمنشأ بحضور مندوب مؤهل من السودان قبل جلبه وهذا لأن بعض (البيتو متين) به شمع وآخر به رماد معدني ومواد أخرى مضافة تقلل من قدرته على التماسك، لذلك ننصح بابتعاث مندوبين مؤهلين لمراقبة اختبارات الجودة بالبلد المصدر، بالإضافة إلى ضرورة التأكد من سلامة الخلطة الأسفلتية ومعاينتها ومعايرتها قبل الشروع في الخلط، واستدرك قائلاً: ننصح الاستشاريين بتوخي الحذر عند اختيار المهندس المشرف على الخلطة الأسفلتية بمقدرته على المتابعة اللصيقة لمراحل تصنيع الخلطة ونقلها وفرشها ودكها للتوصل إلى النتائج المُرضية.
{ سوء تخطيط
وفي ذات السياق، التقت «الأهرام اليوم» بالمهندس نزار فتح الرحمن، الذي أشرف على رصف عدد من شوارع الخرطوم فتحدث قائلاً: إن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انهيار وتكسر الطرق في السودان هي عمليات توريد التربة من منطقة الى أخرى مما يؤدي إلى عدم تجانس التربة المرحّلة والتربة الموجودة أصلاً وتأتي بعدها عملية المندلة التي غالباً لا تتم بالطريقة الجيدة ولا تخضع للاختبارات المعملية للتربة ولذلك تخلق فراغات في التربة وعلى ضوء ذلك تسير العربات على الأسفلت مما يحدث هبوطاً في الطريق جراء الفراغات الموجودة في التربة تحت الأسفلت ولذلك يتكسر الأسفلت ويبدأ من حفرة صغيرة وتكبر تدريجياً إلا أن تعيق عملية السير، هذا بالإضافة إلى أن عرض الطريق في السودان لا يتعدى الـ(10) أمتار؛ (7) أمتار أسفلت و(1.5) متر منها على حافتي الطريق (باركنج) ويكون عرض الحارة الواحدة (3.5) أمتار خلاف الدول الأخرى التي يكون فيها عرض الحارة الواحدة (3.75) أمتار، لذلك فإن المشكلة بأكملها تتمثل في ضيق الطرق بسبب كثرة المباني وسوء التخطيط، هذا باعتبار أن عملية تخطيط الطرق في السودان غير مستقبلية. وأكد المهندس نزار في حديثه أن هذا يمكن أن يوصف بالقصور العام وعدم الكفاءة، لذلك يأتي التخطيط هزيلاً والتنفيذ ضعيفاً والمراقبة لا وجود لها من الأساس.
{داخل وزارة البنى التحتية
مدير عام هيئة الطرق بوزارة البنى التحتية؛ عبد القادر همت، قال في حديثه لـ«الأهرام اليوم»: إن المواصفات التي تتبعها الهيئة لرصف الطرق هي مواصفات عالمية ونحن نطبّقها حسب ما هو متاح لدينا في السودان، بالإضافة إلى وجود معمل للمختبرات الإنشائية يعد من أكبر المعامل في السودان. وعن المواد المستخدمة محلياً مقارنة بالعالمية، قال: «نحن في السودان نختلف عن بقية البلدان الأخرى ويرجع هذا إلى وجود الخرسانة العادية وفي البلدان الأخرى يستعملون، على سبيل المثال، الحجر المكسور ونحن هنا لا نستعمله إلا نادراً لارتفاع سعره، وواصل: الأسفلت أيضاً له مواصفات معينة ونستورده من بلدان بعينها كإيران والسعودية. وعن سرعة تصدع الشوارع وتكسيرها بعد سفلتتها في وقت وجيز أرجع همت السبب إلى عدة أمور أهمها عدم مقدرة الوزارة على تغيير كل الخدمات الموجودة تحت الأرض؛ فمهندس الطرق أسرع من الماء والصرف الصحي في القيام بعمله وبعد أن ينتهي المهندس تظهر هزة من الأرض وتنفجر المياه سواء مواسير أو صرف على سبيل المثال فيحدث خلل في الشارع، فالعيون تظهر بعد انتهاء المهندس من عمله وليس أثناء العمل. وتساءل همت قائلاً: لماذا يحدث الخلل في الشوارع الداخلية فقط بخلاف الدائرية والخارجية؟ وواصل حديثه: الماء والصرف الصحي والكهرباء سبب رئيسي في إلحاق الضرر بالشوارع، في تقاطع «ود البشير» مثلاً قُدّرت تكاليف تغيير أعمدة الكهرباء بمليار و(250) مليون جنيه والصرف الصحي كلف ملياراً و(55) مليون جنيه، علماً بأن ميزانية الوزارة لهذا العام قُدّرت بـ(503) ملايين جنيه، فهذه ميزانيات ضخمة جداً لا يمكن لوزارة البنى التحتية أن تصطحبها معها، ومضى مواصلاً: لذلك نحن لا نقدرعلى القيام بعمل مصارف لكل الشوارع لأننا لم نصل حتى الآن إلى المرحلة التي يمكن أن يجري فيها مصرف أمطار موازياً لكل شارع. وعن اختراق شركات الاتصالات والكهرباء والمرور للشوارع بعد صيانتها ذكر أن هنالك عقوبات توقع على كل من يحاول كسر الشارع بعد رصفه، وواصل: الجهات الوحيدة التي فقدنا الكنترول عليها هي الماء والصرف الصحي؛ لأنها تتبع لنا. وعن طبقات الأسفلت والطريقة الصحيحة للقيام بها ذكر قائلاً: إن سفلتة الشوارع لا بُد أن تتم على مرحلتين: طبقة أولى وطبقة ثانية والزمن الفارق بينهما يقدر بستة أشهر لمعرفة العيوب التي قد تظهر لاحقاً، وذكر أن أغلبية الشوارع من المفترض أن يكون الأسفلت المقام عليها 14س/م ولكنها الآن لا زالت في طور المرحلة الأولي والأسفلت المقام عليها 5س/م، كمثال شارع الستين وشوارع أخرى ولكن في ما بعد كل تلك الطبقات سيتم عمل الطبقة الأخرى فوقها وتصبح 14س/م. وعن سبب تأخير المرحلة الثانية قال: هناك ظروف تمر بها الوزارة، بالإضافة إلى ضيق الزمن وعدم وجود ميزانيات كافية أدى إلى تأخير عمل المرحلة الثانية.
{ شارع الستين
وعن تصميم شارع الستين والحوادث المتكررة فيه قال هنالك حارتان تقومان بتمرير المركبات دون توقف وهذا كان باعتبار أن الشارع هو شارع مرور سريع ولم تكن رغبتنا أن يكون هذا الشارع داخلياً ولكن الفكرة انهزمت نتيجة للحوادث المتكررة والاحتجاجات السكانية، بالإضافة إلى أن الاستعمالات الكثيرة ودخول العربات الصغيرة والركشات التي كانت ممنوعة من الأساس بهذا الشارع أدت إلى تكرار الحوادث به. فالعيب في شارع الستين لم يكن تصميمياً بقدر ما كان متعلقاً بالتقاطعات والإشارات واختلاف الفكرة من مهندس إلى آخر، ولهذا حاولنا معالجة الخلل فيه بعمل إشارات ضوئية وتقاطعات. وعن الخلل الإنشائي للشارع قال إنه من ضمن الشوارع التي لم تكتمل مراحلها بعد.
صحيفة الأهرام اليوم
المهندسين يعملون بدون رقابة وبدون ضمير وبدون مخافة الله في المقام الاول والمراقب زيرو
بس احسن نخاف من الله الحي الذي لاينام
الغريب في الامر ان كل من يتحدث من مختصين ومسئولين كلهم يتحدثون عن ماهو صحيح وعن المفترض ان يكون مبعدا بذلك نفسه عن المسئولية عما حدث فياتري من سوف يكون امينا علي هذا الشئ ومن هو المختص المنوط به تنفيذ الصحيح من هذا الأمر فكل من هو مصنف ضمن سلسلة المسئولية يخلص نفسه ياتري من هو المسئول اهو المواطن المغلوب علي امره الذي وثق بهؤلاء (علمهم ووظفهم واوكل اليهم امره وسلمهم الامانة ليصبح في النهاية هذا المسئول ديكا من الديوك التي تصدح في الفضاء وهي لاتميز ااصبح الصبح ام غربت الشمس