جعفر عباس

ذبح اللغة العربية


[ALIGN=CENTER]ذبح اللغة العربية [/ALIGN] أكثر ما يمكن أن يلمسه أي زائر للدول الأجنبية، في الغرب أو في الشرق، هو مقدار تمسكهم بلغتهم الوطنية وحرصهم على الظهور بها في شتى مناسباتهم وممارستهم لشؤون حياتهم ومهامهم الرسمية وغير الرسمية، لا يتكلمون إلاّ بها، ولا يتعلّمون إلاّ بواسطتها، ولا يعلنون إلاّ بمفرداتها، يتفاخرون بها ويُعلون من شأنها ولايرضون أن تنازعها في المقام والمكانة أية لغة أخرى. كتبهم، لوحاتهم، استماراتهم، إعلاناتهم و”يافطاتهم” تنبيهاتهم، أرقام لوحات سياراتهم.. كل شيء عندهم لا يمكن أن تنفكّ صلته بلغتهم الرسمية والوطنية.
أما عندنا فإن الأمر يختلف؛ فبالرغم من أن اللغة الرسمية والوطنية هي اللغة العربية إلاّ أن الاهتمام بها جعلها تتراجع إلى المرتبة الثانية أو الثالثة أو تركوها نهشاً للخراب والضعف حتى صدق عليها قول شاعر النيل حافظ إبراهيم :
من يدخل إلى مجمعاتنا التجارية الكبرى سيشعر منذ الوهلة الأولى لزيارته عددا من المحلات والمطاعم و”كوفي شوب” أنه ربما في بلد غير عربي وأن الزوار والزبائن إنما هم من أصحاب العيون الخضراء والزرقاء من “العلوج” والإنجليز الذين لابد أن نكون كرماء معهم أكثر من اللازم، وأكثر مما يحتاجونه حتى لو قدّمنا لغتهم على لغتنا العربية في “المنيو” الجداري أو الورقي، بل حتى لو تخلصنا من العربية وأبقينا لغتهم الإنجليزية في هذا “المنيو” وهذا ربما هو الغالب والمعمول به الذي لا يثير حفيظة أحد ولا يستفز دعاة العروبة وحماتها.
على أن الأمر لا يقف عند حدّ المحلات التجارية في المجمعات والأسواق بل تنتقل آفته إلى بنوكنا التجارية الوطنية، زيارة واحدة لهذه البنوك في مقارها وكذلك في مواقعها الإلكترونية سيتبين خلالها مقدار الغبن الذي تعاني منه لغتنا العربية في هذه البنوك، عموم البنوك بما فيها بعض البنوك الإسلامية التي كان المأمول منها أن تُعلي من شأن لغة القرآن الكريم بدلاً من أن تذوب في بحر تغريب اللغة مع بقية البنوك.
وإذا تجاوزنا عن كل ذلك، وواسينا أنفسنا بأن ما ذكرناه يتعلق بالقطاع الخاص ممن يصعب إلزامهم، إذا صدقنا ذلك وحاولنا التبرير رغم صعوبة واستحالة الاقتناع به فإن بعض مؤسسات الدولة وشركاتها لا تعطي اللغة العربية الاهتمام الكافي ولا تضعها في المرتبة الأولى. واسمعوا إن شئتم – مثلاً- حينما تتصلون بطوارئ الكهرباء والماء، ما هي اللغة التي تستقبلكم أولاً وترحب بكم ابتداء: Thank you for calling the Authority of Electricity & Water وبعدها تأتي اللغة العربية “شكراً لاتصالكم بهيئة الكهرباء والماء” وأحسب أن مثلها ليسوا بالقليل، أول كلمة تسمعها من بدالتهم أو طوارئهم أو خطوطهم الساخنة سThank youس أو . Welcom
وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى مراجعة فليس صحيحاً أن ننزل بأنفسنا من قدر لغتنا، ولا أتصوّر أنه في مقدور أي مؤسسة ما في بريطانيا أو أمريكا أو اليابان أو فرنسا أو الصين أو إيران أو غيرها أن تخالف خدماتها لغتهم الأم أو تقدّم عليها لغة أخرى.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com


تعليق واحد

  1. تحياتي

    طيب ياجافر خلينا من مشكلة اللغة العربية مع ناطقيها سواء كان على مستوى الافراد او المجتمعات. فايه اخبار اللغة النوبية your mother tongue وما موقفك منها هل انت من انصار عدم تعليمها للاجيال النوبية الجديدة لانو ما منها فايدة اصلا من الاساس وانما تعتبر ارث وتراث لهذه القبيلة، والكثير من النوبيين خاصة الامهات لايحبذون الان ان يتعلم ابناءهم تلك اللهجة خاصة اولئك الذين هاجرا للكلاكلات والحاج يوسف ، والله رأيك مخالف في هذه المسألة فبالله كدى اتكلم لينا عن هذا الموضوع باسلوبك الجاذب. وقالوا الكلام بيولد الكلام.

    آفيالوغو