تحقيقات وتقارير

السودان وكارثة الغذاء العالمية القادمة

[ALIGN=JUSTIFY]بدعوة كريمة من الجمعية السودانية للأمم المتحدة حضرت مساء يوم الاثنين 4/8/2008م الندوة التي نظمتها الجمعية بالعنوان أعلاه وتحدث فيها د. التيجاني الطيب

إبراهيم.
بالرغم من اتفاقي مع د. التجاني في معظم ما ذكره إلا أنني أضيف بعض النقاط التي تأتي مكملة وليست متناقضة معه.
في تقديري أن الأسباب الرئيسة لأزمة الغذاء العالمي التي بدأت ملامحها بوضوح منذ العام الماضي وتتجه بخطوات صاروخية لتصبح “كارثة” حقيقية، يجب النظر إليها من ناحية زيادة الطلب على المواد الغذائية بمعدلات تفوق زيادة إنتاج المواد الغذائية… لماذا حدث ذلك؟
أعتقد أن هناك أسباب عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية متداخلة على مستوى العالم ولكن يمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
أولاً: إن الحديث هنا في هذا المجال عن الصين لا يعني الحديث عن دولة كما يتم الحديث عن السودان أو بريطانيا أو فرنسا وإنما الحديث عن حوالي ربع سكان العالم… وبالتالي ما يحدث من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية في الصين له تأثير قوي للغاية على العالم… فالازدهار الذي حدث في الصين بعد انتقال الصين من الاقتصاد الاشتراكي إلى الاقتصاد الرأسمالي الحر أدى إلى تغيرات حادة في سلوكيات المواطن الصيني حيث اكتسب المواطن الصيني خلال العقد الماضي عادات استهلاكية لم يكن يعرفها من قبل… وتحديداً تغير السلوك الغذائي للمواطن الصيني حيث أصبحت لديه قوة شرائية تمكنه من ذلك… وكل هذا أدى إلى تزايد الطلب على المواد الغذائية بمعدلات متصاعدة باستمرار بتصاعد القوة الشرائية وتطور العادات الغذائية للمواطن الصيني… فمثلاً قبل عقدين من الزمان لم يكن المواطن الصيني يتناول الخبز ويتناول الأرز فقط… أما الآن فهو يتناول الخبز والأرز… وهذا يعني زيادة الطلب على الأرز وعلى القمح معاً. في نفس الوقت الذي زاد فيه الطلب على المواد الغذائية في الصين حدثت هجرة كثيفة من الريف إلى المدن الصناعية التي شهدت ازدهاراً عظيماً وبالتالي تناقصت أعداد العاملين بالزراعة… أضف إلى كل ذلك فقد أصبحت الصين إحدى الدول المستوردة لبعض المواد الغذائية من الدول الآسيوية المحيطة بها.
كل هذه التغيرات التي حدثت في الصين مثلت إحدى الأسباب الرئيسية التي ساهمت في ظهور أزمة الغذاء في العالم.
ثانياً: إن التوتر السياسي الذي حدث في العالم منذ تسعينات القرن الماضي وتحديداً منذ احتلال النظام العراقي السابق لدولة الكويت مروراً بأحداث 11 سبتمبر 2001م وسقوط نظام صدام حسين ونظام طالبان وحتى الآن قد تسبب في توجيه إمكانيات مالية هائلة نحو القطاع العسكري والأمني سواءً أكان ذلك في الدول المتقدمة أو النامية أو المتخلفة… فكل دول العالم أصبحت تصرف مبالغ طائلة على التجهيزات العسكرية والأمنية التحوطية لمكافحة الظواهر السياسية الحديثة في العالم وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب. كل هذا الصرف تم على حساب الاستثمار في الزيادة النوعية والكمية للمواد الغذائية… فالهاجس الأمني الوطني الخاص بكل دولة أصبح له أولوية تتقدم على أولوية الغذاء.
ثالثاً: إن منطقة إفريقيا والشرق الأوسط هي أكثر مناطق العالم التي تشهد ازدياداً كبيراً في عدد السكان وبالتالي تزايد كبير في الحاجة للمواد الغذائية… ولكن في نفس الوقت تشهد هذه المنطقة تدنياً واضحاً في معدلات إنتاجية المواد الغذائية بسبب الاضطرابات السياسية وانعدام الرؤى التنموية الشاملة… فمعظم دول إفريقيا والشرق الأوسط قد تحولت إلى دول استهلاكية تعتمد على الغير في توفير المواد الغذائية… وبالتالي أصبحت إفريقيا والشرق الأوسط عبئاً ثقيلاً على العالم تشاركه بشراهة استهلاك ما ينتجه… فلا هي تنتج ما يكفيها من المواد الغذائية ولا هي تساهم مع الآخرين في تغطية نقص المواد الغذائية في أجزاء أخرى من العالم.
هذه حسب تقديري الشخصي أهم الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهور أزمة الغذاء العالمي… وأشير هنا إلى أن البعض قد أصبح يبرز مسألة استخدام بعض المواد الغذائية لإنتاج الطاقة كإحدى أسباب الأزمة… ومع احترامي لهذا الرأي إلا أنني أعتقد أن في الأمر مبالغة وتضخيم لمسألة ما زالت في مرحلة البحث والتجريب ولم تتجه الدول المتقدمة إلى ذلك كمصدر رئيسي للطاقة وتخلت عن المصادر الأخرى… فإذا نجحت البشرية في استخدام العلم والتكنولوجيا للاستغلال الأمثل لجميع الموارد الطبيعية والبشرية المتوفرة في العالم لإنتاج الغذاء لأصبح هناك فائض هائل من المواد الغذائية يتحمل مثل هذه الاستخدامات البحثية التجريبية… فكما ذكرت في مقدمة هذا المقال فإن الأزمة لا تتعلق باستخدامات المواد الغذائية وإنما بتدني معدلات إنتاج المواد الغذائية في العالم بالقدر الذي لا يتناسب مع الاحتياجات المتزايدة للغذاء من قبل سكان الكرة الأرضية.
السؤال الذي يتبادر إلى ذهن القارئ الآن في هذه اللحظة هو: أين موقع السودان من هذه الأزمة العالمية المتجهة نحو الكارثة؟
أقول أن السودان في قلب الأزمة… فالسودان إذا لم يتغير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي سيكون من الدول الأكثر تأثراً بالكارثة القادمة وقد يتعرض إلى اضطرابات ومجاعات بسبب أزمة الغذاء… كيف ولماذا؟
حسب تقديري الشخصي فإن العالم سيتوزع على أربع مجموعات هي:-
– المجموعة الأولى هي مجموعة الدول التي تنتج ما يكفيها من المواد الغذائية وما يفيض عن ذلك فتصدر إلى الدول الأخرى وهذه المجموعة ستتأثر إيجابياً بالأزمة حيث أنها ستستفيد من ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية.
– المجموعة الثانية هي مجموعة الدول التي تنتج ما يكفيها فقط من المواد الغذائية فلا تصدر ولا تستورد وهذه لن تتأثر مباشرة بالأزمة.
– المجموعة الثالثة هي مجموعة الدول التي لا تنتج ما يكفيها ولديها القدرة المالية لاستيراد ما ينقصها من الدول الأخرى بأسعار مرتفعة للغاية… وهذه دول تتأثر سلباً بالأزمة على المدى البعيد حيث أنها تدمر مستقبلها دون أن تدري فهي تهدر أموالاً طائلةً لشراء الغذاء خصماً على المستقبل دون أن تضمن الاستمرارية الأبدية لقدراتها المالية الهائلة.
– المجموعة الرابعة هي مجموعة الدول التي لا تنتج ما يكفيها من الغذاء وليس لديها المقدرة المالية لاستيراد المواد الغذائية من دول أخرى بأسعار مرتفعة… وهذه هي الدول الكارثية التي تتأثر تأثيراً سالباً بالغاً بالأزمة ومن المتوقع أن تشهد هذه الدول العديد من الاضطرابات السياسية والمجاعات كنتيجة لنقص الغذاء… والسودان بوضعه السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي الحالي يصنف ضمن هذه المجموعة… وإذا امتلكنا الإرادة الوطنية القوية والجادة للخروج من هذه المجموعة فعلينا أن نوفر المناخ المناسب لإنجاز عملية التنمية الشاملة… وأهم شرطين لتوفير المناخ هما الاستقرار السياسي والأمني داخلياً وتحسين صورة السودان خارجياً بخلق علاقات طيبة وممتازة مع المجتمع الدولي بجميع دوله ومنظماته الدولية والإقليمية السياسية وغير السياسية دون استثناء ومهما كانت الظروف المحيطة… بغير ذلك ستمثل كل الجهود والأموال التي تبذل الآن نوعاً من الحرث في البحر… وسنظل مهما فعلنا في قلب الكارثة القادمة.
ياسين حسن بشير :الاحدث[/ALIGN]

تعليق واحد

  1. 1- الحكومة تعفي المزارع من اي رسوم جباية وزكاة وضرائب
    2- الحكومة تساهم في معيشة الفلاح الاعتيادية بأن تنشئ مدارس زراعية بالمجان لابناء الفلاح
    3- الحكومة تهتم بتطوير وشق الترع والمصارف وابتكار نظم الري
    4- الحكومة تنشر الوعي الزراعي والفلاحي كما قامت تونس بذات التجربة منذ عشرات السنوات
    5- الحكومة تقيل أو توقف كل موظف بوزارة الزراعة يكون نفعي حتي الوزراء انفسهم لكي لا يكون عندنا مرتشون ونفعيون لمصالحهم الخاصة ولنا في مصر موعظة بوزيرها السابق للزراعة (والي)
    6- منع منعا باتا استخدام او استيراد او الاتجار بالاسمدة الفاسدة والمبيدات الكميائية لان ارض السودان اصلا خصبة ولا تحتاج اي اسمدة وذلك للاتي
    – استخدام الطفرات الزراعية الغير رشيدة تؤدي بالتبعية الي اختلال هرموني بالجسم وقد ينشاء عنة امراض نحصدها تباعا كالفيروسات الوبائية بالكبد و ارتفاع معدل السرطانات في المواليد والنساء وايضا لظهور الجيل الثالث من البشرية بان يكون غير معروف هل المولود ذكر أم انثي او العكس او الجيل الرابع
    – المبيدات والاسمدة بدون رقابة فهي تؤدي بالتبعية الي خلق مستثمرون لا يهمهم سوء المال ويجب ان يتم تدريب كادر ذو قطاع عريض من الشباب في نفس ذات التخصص الكميائي والزراعي والبيولوجي لتوجيههم بالرقابة علي الواردات عبر منافذ الدولة والرقابة الصارمة لاستخدامها في كل مزرعة علي حدة بالنسب المحددة عالميا
    ولنا في التجربة الكثير من البحوث ولكن اذا ابدت الحكومة فعلا اهتماما بخلق خبراء زراعيين ستحل المشكلة
    – عدم اتباع اي من قواعد الهندسة الوراثية الزراعية الجديدة لان اتباعها محمود في حال استخدامها حاليا اما بعد عشرين سنة من تطبيقها فتكون هناك الكوارث ويجب وضع المستقبل امام نصب اعيننا كما قال لسان العرب ( زرعوا لناكل وزرعنا ليأكلوا)

    الامر شاق جدا اذا اردنا ان نرجع الي مجدنا بان نكون زراعيين ومن لم يقراء التاريخ جيدا فيجب ان يعرف ان قبل ان يكون هناك عملة عالمية كانت العملة الوحيدة هي القطن الذي اشتهر بة ارض النيل الخصيب ولهذا تم استعمار القطر المصري بما يضمة الجانب السوداني علي مر العصور لكي يؤمنوا الغذاء والكساء ولكن الان بعد تبدل الحكومات واجهاض صناعة زراعة القطن وجلاء بورصات القطن اتجة العالم الحديث الي استخدام الالياف المصنعة بديلا عن القطن لتغطية سوق الملبوسات العالمية
    ودخلت زراعة الكتان كبديل وفير عن القطن واختفي المزارع علي مستوي اراضي النيل او بالاحري فالمزارع الاصلي قد توفي من جراء مطرقة الحكومات الهاملة لماضيها العريق وسندان تبوير الاراضي الزراعية الي حضر واهمال الجانب الزراعي رويدا رويدا الي ان وصلنا لحالنا هذا
    ولا ننسي اننا من يحتاج للغذاء فمن يملك صناعة قوتة بنفسة فهو الاقوي
    وايضا اشير الي ان الاستفادة من التجارب العربية قبل الاجنبية سيجنبنا خطر محدق قادم
    القمح والاستيفيا بديل القمح وباقي المنتجات الزراعية والحيوانية هي مستقبلنا فلما نتركة ونستورد من الخارج ما يكفي لسد الرمق
    وأحذر من مغبة الجوع القادم وعندما تأتي المصيبة دائما نبداء التفكير للتحرك فيهلك من يهلك ويبقي من يبقي والله اعلم وحسبي الله ونعم الوكيل