جعفر عباس

الانتحار هربا من الطاغية الجبار


[ALIGN=CENTER]الانتحار هربا من الطاغية الجبار [/ALIGN] كان ف. البالغ من العمر 15 سنة، طالبا في السنة الثانية بالمرحلة الثانوية في بلد عربي شقي (سقط حرف من هذه الكلمة ولم ينتبه المصحح للأمر!!)، وقبل نحو اسبوع، تشاجر ف. مع أخيه الأصغر وضربه، فما كان من الأخ المضروب، إلا أن هدده بأنه سيبلغ “بابا” بالأمر، فهرب واختبأ في عشة قريبة من المنزل، ثم تناهى إليه صوت والده المزمجر، فخارت قواه الجسدية والعقلية وأتى بحبل وشنق نفسه من على شجرة وانتهت بذلك مسيرة حياته.
حتى لو تعرض الإنسان لهجوم من أفعى كوبرا أو نمر، فإنه لا يستسلم ويدافع عن نفسه، وقد يدرك ان المعركة خاسرة فيحاول الهرب، ولكن الأطفال والصبية لا يدافعون عن أنفسهم عند تعرضهم لهجوم من أحد الوالدين،.. قد يهربون تفاديا لمزيد من الضرب، ولكن الغالبية تعتقد ان التصدي لأحد الوالدين خلال التعرض للضرب، نوع من العقوق وقلة الأدب، ولهذا فإن الوالد ے- مثلا – قد ينادي على أحد عياله، ويعرف الأخير أن المناداة بهدف إنزال عقوبة جسدية به، فيلبي النداء (ولو على مضض).. ولكن ما من شك في أن الطالب ف. هذا فكر في حاله واستنتج ان الموت سيكون أخف وطأة من تحمل العذاب الذي سيتعرض له على يد والده.. بالتأكيد لم يكن استنتاجه سليما وصحيحا، ولكن الإنسان وفي لحظات الهلع والضعف يفقد القدرة على التفكير المنطقي، وبالتالي حسب ف. ان ما كان ينتظره من عقاب على يد والده أقرب الى الموت أو هو الموت بعينه.
كل الاخوة في كل البيوت يتشاجرون بين الحين والآخر: لأن أحدهم خطف حلوى من الآخر، أو حول أي قناة تلفزيونية ينبغي مشاهدتها، أو لأن فلان أخذ قلم علان، وتكون الغلبة في مثل هذه المشاجرات للأكبر أحيانا، وللأصغر إذا كان ذا حلق كبير ومن النوع الذي يستخدم سلاح الصراخ بكفاءة.. ولكن إذا وجدت اخوة يتشاجرون بعنف، ويضربون بعضهم البعض بقسوة، فإن مرد ذلك في غالب الأحوال أن الوالدين أو احدهما عنيف باللسان واليد.. ويعتقد بعض الآباء أن البطش بالعيال والقسوة المفرطة عليهم تجعلهم حسني الأدب ومنضبطين سلوكيا، ما يفوت هذا الصنف الغبي من الآباء هو أن الأسرة مجتمع مصغر.. مثلا قد تلجأ حكومة ما الى الحديد والنار لتخويف الشعب، ولكن الشعوب المقهورة تنتفض حتما وتنقلب على جلاديها، والشخص الذي يعيش في مناخ منزلي يتسم بالرعب والضرب والسب لن يتحمل كل ذلك الى الأبد.. قد يصبح بلطجيا ويمارس التنفيس بالاعتداء على الآخرين خارج البيت، وقد ينقلب على الأب الباطش.
تحضرني واقعة كتبت عنها أكثر من مرة عن أب كان ميسور الحال وبخيلا وفظا غليظ القلب، ولزم هذا الأب سرير المستشفى بعد إصابته بجرح في ساقه وهو مصاب بالسكري، واستعصى الجرح على العلاج بسبب الغرغرينا، وظل حاله في تدهور مستمر،.. وكان كلما زاره عياله في المستشفى انهال عليهم بالشتائم، لأنهم “أهملوا” أمر تجارته بحجة ممارضته، وذات يوم استدعى الطبيب الابن الأكبر للرجل وقال له: يؤسفني إبلاغك بأن حالة أبيك غير مستقرة.. سنظل نعالجه ليومين آخرين ولو لم يبرأ الجرح بدرجة أو بأخرى فنضطر الى بتر ساقه.. فقال الابن: إذا لم يبرأ الجرح، دعك من الساق، وابتره هو نفسه.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com


تعليق واحد

  1. عمو انا اعتقدت من خلال العنوان الهروب من الجبار او الطاغية فتحت الصفحة ولكن فهمت الموضوع المكتوب عن عقوبات الاباء للابناء … كنت قايلو عن الطاغية اسياس الاريترى

  2. اعتقد ان مايقوم به المدعو اسياس افورقي في حق الشعبين الارتري والسوداني كبير جدا ولا بدة من وقفة جادة من قبل الشعوب بعد ان لفظه المجتمع الدولي لتقطرسه في الفاضي الا الحكومة السودانية اللتي تايد هذا النصراني الحاقد الذي اذاق الشعب الارتري سوء العذاب والنكال اللهم انكل به كما نكل بالشعب الارتري , اما الحكومة السودانية فلا بدة من مراجعة مواقفها السياسية تجاه الحكومة المنبوذة لان التاريخ لايرحم ولانه فعل الكثير ضد السودان . ودامت العلاقة بين الشعبين قوية ومتينة اللهم امييييييييييييين