فدوى موسى

الدرويش رحل!

[B][ALIGN=CENTER][SIZE=4][COLOR=darkblue]الدرويش رحل! [/COLOR][/SIZE][/ALIGN][/B] أحيا المكان بنفسه الحار.. حرك الوجدان بحالة الغرق التي تأخذه هناك بعيداً عن الخلائق لتعود به مرة أخرى إليهم «مدروشاً غرقاناً» هائم الأوصال، مليء الجوانب بالزهد عن هذه الفانية.. ترتع فرائضه رضاءً رغبة في خوض غمار «النوبة» التي لا يفيق منها إلا وهو في نوبة البحر الواقعي.. لم يكن في ذلك اليوم إلا «درويشاً» استثنائياً.. تفوح منه رائحة المسك الطبيعي وتتلألأ نظراته بنور خاص.. نور تقول اشعاعاته إنه في جسور للعبور ما بين دنياكم ودنيا أخرى.. تنتهي.. بسدرتها إلى منتهاها.. وعندما ضربت «النوبة» طار ما بين الحدود فضاءً.. علواً وهبوطاً.. ورأسه تكاد تسلم جوفها إلى جوف الهواء والمكان.. شفافاً في كلماته البسيطة.. «حي.. حي» تهزك منه نبرة الصدق والإحساس المضمن بأنه يوقع آخر نبضات «الدروشة» في الدنيا.. «تف.. تف وقع».. وحملته الأكف إلى هناك حيث لا يعود أحد.. إلى ما لا نهاية.. «الدرويش رحل!».

مجنزرات حزينة

الحزن لا يعرف الحدود.. فعندما يتأتى.. يجيء بكل آلياته الثقيلة لا يحتمل إلا أن يتذرع بالمجنزر والقاصم والقاذف.. لتصب في جوف الضحايا «بارودات» الوجع القاسي وفراق الأحبة العظام بعد ملتقى عزيز وجلد طويل.. ولكن هيهات أن تلغى من قاموس الحياة هذه «المجنزرة الحزينة».. يوم الحزن.. يوماً مختلف الساعات والدقائق والثواني.. وقمة الحزن أن تكتفي باحتباس خواطرك في سجون نفسك البعيدة وتجالس لواعج شوقك لماضٍ ذاهب.. تحت وطأة «المجنزرات الضاغطة».. وحزنك قد يذهب بك إلى عوالم زاهدة تبتغي أن لا تنظر إلى براعم الأمل التي تحتاج للري وللماء.. ماء الفرح المتوازن.. العصي على مشهدك الخاص.. أبكِ بكل «حرقة».. فالرماد أقل ما تخلفه من آثار مدمرة.. أبكِ بكل عنفوان ما تحتمل وتحتبس في حرارات مواقد أنفاسك الغائرة.. أبكِ ما دام البكاء «يفش احتقانك الزائد».

آخر الكلام:

لا تأبه لثوب «الدروشة» الذي ترتديه ما دمت في طريقك للعبور فوق الجسور.. لا تذكر أملاً طرحته وراء ظهرك ما دمت قد أوقدت المسارج واعتزمت الرحيل.. فالحزن القادم على ذهابك الخالد دفق من الوجع والألم المضمون.

سياج – آخر لحظة – 1319
fadwamusa8@hotmail.com