جعفر عباس

طبعا لم تسمع بها

[ALIGN=CENTER]طبعا لم تسمع بها [/ALIGN] هل سمعت بـ “زَها”؟ قبل ان تستعين بصديق او بالجمهور، دعني أساعدك قليلا: هل سمعت بـ “زَها حديد”؟ شركة لإنتاج السيخ والهياكل المعدنية؟ محل عطور؟ معرض ملبوسات راقية؟ ورشة في المنطقة الصناعية؟ كل الأجوبة هذه خطأ!! زَها امرأة، فهل سمعت بها؟ لا، هي ليست مطربة او ممثلة وبالتالي فأنت لا تعرفها، مع هذا فقد اختارتها مجلة تايم الأمريكية، في عددها الأخير، ضمن أهم مائة شخصية تركت بصماتها على مسارات الحياة.. طبعا واضح من الاسم انها عربية أو من أصول عربية؟ عرفتها؟ ممثلة مكسيكية من أصل لبناني؟ لا يا حبيبي، تلك اسمها سلمى حايك!! طيب مطربة كولمبية من أصل لبناني؟ غلط فتلك اسمها شاكرة محمود ولكنك تعرفها كـ “شاكيرا”.
زها حديد ولدت في العراق عام 1950، ودرست فيه المراحل التعليمية حتى “الثانوية” ثم نالت بكالريوس الرياضيات من جامعة بيروت الأمريكية، وبعدها سافرت الى بريطانيا ووضعت بكالريوس الرياضيات تحت المخدة ودخلت الجامعة ودرست الهندسة المعمارية، ثم التحقت بمكتب متروبوليتان المعماري وعملت فيه لعامين، ولما اكتشفوا مواهبها الفذة جعلوها شريكا (وليس مجرد أجير)، وبحلول عام 1980 لم تعد بحاجة الى شركاء فأسست شركة زها حديد أركيتكتس (المعمارية) وصارت عضوا في هيئات التدريس بدرجة بروفسور في جامعات أوروبا وجامعة هارفارد الأمريكية، وهي الآن عضو في الهيئة المكلفة بإصدار أهم موسوعة في العالم هي “دائرة المعارف البريطانية/إنسايكلوبيديا بريتانيكا”، وفي نحو عشرين مدينة كبرى في العالم هناك بنايات بديعة الشكل صممتها ونفذتها زها، وفي عام 2004 نالت جائزة بريتزكر وهي ما يعادل جائزة نوبل في ميدان المعمار وكانت أول امرأة تنالها… ودخلت الآن مجال الديكور وصناعة الأثاث، ولكن بحسب الطلب.. يعني ليس أثاث أي كلام بل تطلب منها – مثلا – طقم جلوس بمواصفات معينة ليلائم بيئة معينة وبعدها – عشان خاطرك – تدفع القيمة التي لا تتجاوز نصف مليون دولار لكرسيين وكنبة
زها تحمل جواز السفر البريطاني منذ 40 سنة، ولو بقيت في العراق لربما كانت قد تعرضت للتصفية قبل عشرين سنة أو قبل خمس سنوات، ولو كتبت لها السلامة لربما كانت تدير محل كوافير أقيم على أنقاض إحدى المكتبات التي حرقها تتر القرن الحادي والعشرين في شارع المتنبي قبل سنوات قليلة: ماكو عندنا حريم تشتغل معمار وتوقف في الشوارع والساحات المكشوفة.. كلام مشابه قيل لأحمد زويل عندما طلب منحة للسفر الى الولايات المتحدة لنيل الدكتوراه من الجامعة المصرية التي كان يعمل بها: بلا منحة بلا بطيخ؟ ابن مين في مصر أنت يا سي أحمد؟ وهكذا سافر على نفقته الخاصة ومنحته جامعة أمريكية حق الدارسة المجانية ثم فتحت له مختلف الجامعات مختبراتها حتى نال جائزة نوبل في الكيمياء كـ “أمريكي”.
ولو لم يذهب الروائي السوداني الطيب صالح الى لندن لعاش ومات وهو حتة مدرس في قرى نائية، أو موظفا في قسم النفايات في إحدى “البلديات”!! لماذا؟ لأنه ترك الجامعة قبل الحصول على الشهادة الكبيرة، ولما ذهب الى لندن لم يسألوه عن “الشهادات” بل أجروا له اختبارات ومعاينات ومنحوه وظيفة في إذاعة هنا لندن وصار رئيس قسم الدراما بها، وصار روائيا عالميا بـ “جواز سفر بريطاني”!!.. ولو ذهب جعفر عباس الى استراليا أو فنلندا بدلا من دول الخليج لربما كان اليوم مديرا لشركة نوكيا للروبابيكيا، او مؤسسة المريخ لتعليب الفسيخ.. المهم وظيفة عليها القيمة، على الأقل، من حيث اللقب والمسمى بدلا من مسمى “عمالة وافدة”.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

تعليق واحد

  1. والله صدقت يا أبو الجعافر. لو ذهبنا إلي الغرب لوجدنا التقييم الذي نستحقه. لكن هنا في الخليج بعد أن بنيناه وطورناه أصبحنا عمالة وافدة بعد أن أفنينا عمرنا فيه. ;( وا