جعفر عباس

التطبيع مع العدو، ولا النفقة

[ALIGN=CENTER]التطبيع مع العدو، ولا النفقة [/ALIGN] لم ولن يخطر ببالي أن أتزوج بأخرى، تكويني النفسي يرفض ذلك: زوجة واحدة تكفيني، وبصراحة فإنني أحس بأنني لا “أعدل” حتى مع الزوجة الواحدة فكيف يكون حالي مع اثنتين؟ والعدل الذي أعنيه يقوم على دعائم كثيرة من بينها تخصيص وقت للتآنس مع الزوجة ومساعدتها على قضاء حوائجها، بما في ذلك تخفيف الأعباء المنزلية عنها.. ولكن لو قال الطبيب إن حصول زوجتي على فستان او حذاء جديد من اختياري وعلى ذوقها، مسألة حياة او موت بالنسبة إليها، لقلت لها: كل نفس ذائقة الموت، وأعاهدك أنني لن أدخل ضرة لك في البيت حتى لو سبقتيني الى القبر.. بس أروح السوق معك؟ يفتح الله! الصيدلية؟ ممكن، العيادة والمستشفى؟ بالتأكيد! ولكن السوق.. أنا اختار لك شيئا، وانت تقرري ما إذا كان يناسب ذوقك أم لا؟ إنسيه .. مستحيل.. ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، فأنا اختار ملابسي الجديدة خلال خمس دقائق مرة كل ثلاث سنوات، وهي تختار ملابسها بعد جولة تستغرق خمسة أيام كل ثلاثة أشهر.
أمامي الآن حكاية مصري اسمه ابراهيم عبد السلام، من منطقة دار السلام بالقاهرة تزوج باثنتين، وانتهت الزيجتان بالطلاق، وحسب صاحبنا أن الطلاق سيريحه من وجع القلب والنقنقة والملاسنات، ولكن هيهات، فمع الطلاق بدأت القضايا المتعلقة بالنفقة، واكتشف ابو خليل ان النفقة أعلى كلفة من إعاشة الزوجتين وهما في ذمته، فأنت تستطيع ان ترفض لزوجتك أي طلب متعللا بعدم القدرة وقلة الإمكانات: جيب ربع كيلو لحمة وخضار ورز أغديك فتة ما حصلتش! منين يا دلعدي .. اعملي فتة بشوربة ماجي، فتفوض الزوجة أمرها لله و”تدبر” أمورها بشكل أو بآخر، ولكن “النفقة” لا فكاك منها بالأعذار او العين الحمراء، ووجد ابراهيم نفسه محاصرا بأحكام قضائية تلزمه بدفع نفقة لطليقتيه، وبما أن موارده كانت محدودة فقد عجز عن الوفاء بالتزاماته وصار ملاحقا بالمزيد من القضايا!! تعمل إيه يا أبو خليل؟ قرر الهرب من القاهرة،.. بس تروح فين؟ أيوه.. وجدتها.. مفيش مناص ومفيش خلاص من النفقة والملاحقة القضائية إلا باللجوء الى إسرائيل.. وهكذا هام ابراهيم في صحراء سيناء طويلا إلى أن وجد نفسه قريبا من السلك الشائك على الحدود الإسرائيلية بالقرب من معبر رفح، وبينما هو يبحث عن نقاط الضعف في السياج الشائك “كمشوه”.. اعتقله رجال الأمن المصريون.
واتضح لسلطات الأمن المصرية ان ابراهيم يعاني من اضطرابات نفسية جعلته عاجزا عن التفكير والسلوك العقلاني.. وسؤالي هو: هل الزواج باثنتين هو الذي ذهب بعقله، أم أن ما ترتب على طلاقه لهما هو الذي أصاب عقله بالخلل؟ من ناحيتي اعتقد ان الإجابة هي ان الزواج باثنتين هو الذي أدى إلى خلخلة صواميل وبراغي مخ ابراهيم ومن ثم تدهور صحته الجسدية والنفسية! ثم كان قرار الطلاق بالجملة من دون حساب العواقب فوجد نفسه ملزما بدفع فاتورتين لامرأتين.. وعندها صاح: العين بصيرة واليد قصيرة! عليك نور.. هذا هو بيت القصيد: العين بصيرة.. العين بصباصة.. العين تزوغ.. وكلما فعلت العين ذلك على الرجل ان يستخدم عينه للبصبصة في جيبه ثم يتساءل: هل لدي القدرة على إعالة زوجتين؟ ويجب أن يكون الرجل أمينا مع نفسه عند الإجابة عن السؤال حتى لا يضطر الى اللجوء الى اسرائيل فيكون كالذي خاف من فأر فقفز فوق الجدار وعاش بقية العمر وفي ظهره كذا مسمار!!

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

‫2 تعليقات

  1. الموضوع حقيقة شيق ورائع – ويخلي الواحد يجدد فرامله ( الكوابح) حتي ما يرجع وراء وتكون طلاق وغرامه وسجامه – وكمان مايمشي قدام ويدفع بالمساومه ما ياتي بعدين بالندامه\ والشكر والتحيه موصوله للاستاذ ابو الجعافر