عبد اللطيف البوني

إذا ما قامت لاسمح الله!


[ALIGN=CENTER]إذا ما قامت لاسمح الله! [/ALIGN] المستشرق (جب) اتهم العقلية الشرقية بـ(التذرّر) وهذه من الذرّة، وهو يقصد أنّ هذه العقلية لا تستطيع رؤية الأشياء متكاملة إنما تقوم بتفتيت الشيء إلى ذرّات ثم تنظر في كل ذرّة على حدة؛ وبهذا لن تستطيع أن تنفذ إلى لب الأشياء، أي سوف تعوزها النظرة المتكاملة، ويمكن أن نكمل بالدارجية ونقول (تغرق في شبر موية). ويمكننا أن ندلل على صدق نظرة جب بما جرى في بلادنا في الأعوام الأخيرة، فنحن في السودان لو حاولنا أن نحدد أولوياتنا سنقول إنها السلام والوحدة والتنمية والديمقراطية ولكننا لن نستطيع أن نحملها كلها في سلة واحدة. ففي نيفاشا قدمنا السلام وجعلناه أولوية وهددنا به الوحدة، فتقرير المصير يعني إمكانية تقسيم السودان وبالدستور الانتقالي، وبالفعل تحقق السلام ولكننا نسينا الوحدة تماماً ولم نعمل لها جاذبة كانت أم غير جاذبة، لابل كان أحد الأطراف يعمل من أجل الانفصال في الفترة الانتقالية. والآن بعد أن وصلت الأمور منتهاها أو كادت عدنا نتكلم عن الوحدة التي فات قطارها كما قال باقان أموم أو أصبحت في الزمن الضائع كما قال سلفا. المشكلة الآن كما ذكر السيد الصادق المهدي في مقالة له نشرتها معظم صحف الخرطوم الأسبوع الفائت ليست في الوحدة أوالانفصال بل في الحرب أم السلام، فإصرار الحركة الشعبية على فرض مشيئتها وإصرار الوطني على فرض رؤيته ربما قاد البلاد للعودة للحرب مرة أخرى، وبهذا نكون قد خسرنا الوحدة وخسرنا السلام الذي من أجله هددنا الوحدة. وكل هذا لأننا أخذنا السلام كمفردة قائمة بذاتها وأخذنا الوحدة كمفردة قائمة بذاتها في مفاوضات نيفاشا (رحمها الله رحمة واحدة)، أو أن هناك جهة قد( دقّستنا) مستغلة عقليتنا المتذرِّرة. كل الدلائل تشيرالآن إلى أنّ الحركة الشعبية سوف سوف تعلن الاستقلال من داخل مؤسساتها الدستورية، وبالمقابل الخرطوم لن تعترف بهذا الاستقلال من جانب واحد اللّهم إلاَّ إذا كان هناك اتفاق (تحت تحت)، وفي هذه الحالة سوف تتجمع نذر الحرب فوق سماء السودانين وليس السودان الواحد. وبالتأكيد لن تكون مثل الحرب الأهلية السابقة لابل أخشى أن يطلق أهل الشمال على الحرب الأهلية السابقة (الحنينة السُّكرة)؛ ستكون حرباً بين دولتين متجاورتين، وسيكون قصفاً جوياً لكل المدن الشمالية والجنوبية، وسوف لن تكون الحرب البرية في الميل أربعين حول جوبا بل ستكون على طول الحدود في أبيي وفي كل كردفان الكيري والنيل الأبيض والنيل الأزرق. أما الإمداد فسوف يأتي للفريقين المتحاربين من كل أنحاء الدنيا فهناك متعهدو حروب دوليون ينتظرون هذه الفرصة على أحرّ من الجمر، وساعتها لن تكون هناك دولتان سودانيتان شمالية وجنوبية بل دويلات شمالية ودويلات جنوبية. يمكنك بل يمكنني أن أقول لنفسي (فال الله ولافالي) ولكن نظرة للعالم من حولنا تجعل مثل هذا السيناريو ليس خيالياً ولامستبعداً وما نموذج إثيوبيا وإرتيريا ببعيد، فالحرب بينهما جعلت الشعوب في البلدين تبكي على الحرب الأهلية. الصومال الذي أصبح الآن بدون دولة عشية الحرب الأهلية فيه كانت الأحوال فيه أحسن مماهي عليه في السودان، وفي لبنان قبيل الحرب الأهلية كان الناس يرقصون ويغنون ولم يكونوا متوجسين أو مكشرين كما نحن الآن. فإذن ياجماعة الخير يكفي أن تتجمع النذر فهناك من بيده عود الثقاب ليشعله من أجل سيجارته ثم يرمي به في (قش) السودان ثم يواصل تدخينه ويتفرج على دخاخين السودان، فيا جماعة الخيردعوا التذرّر، وانظروا للأمور نظرة أكثر شمولية، وابعدونا من شفير الهاوية الذي أوقفتمونا عليه.

صحيفة التيار – حاطب ليل- 15/6/2010
aalbony@yahoo.com


تعليق واحد

  1. يالبوني نعم وهذا حال الموقف اليوغندي الذي ينتظر هذه الفرصة ليدعم جنوب السودان الذي اصلاً لم يقصر معه في حربه الاهلية ضد الشمال وانت سيد العارفين فيوغندا ورئيسها الذي يطلق التصريحات السالبة للبشير له نوايا مبيتة فكثيراً ما صرح بها في مناسبات عديدة وكثيرا ما حرّض جنوب السودان علي الانفصال فهو القائل في العام 2000 في صحيفة نويفشن الصادرة في يوغندا يجب تقسيم السودان الي دولتين شمال وجنوب إن يوغندا تدعم الحركة الشعبية بكل ما اوتيت من قوة وطبعا من خلفها دول الاستكبار العظمي ياريت يابوني تجمع اشتاتك وتكتب حاجة عن الموقف اليوغندي الذي لاتلين له قاة (باللغة السودانية قناية) من دعمه لجنوب السودان طبعا كل بي ثمنه ومنتظرين ناس سلفا دفع هذه الفاتورة وغالية لان يوغندا لاتدفع بدون مقابل لوعذرا لان الموقف لايسعني لكتابة المذزيد وهناك الكثير في الجعبة وهلم جرة