جعفر عباس

التعليم ديكور ليس إلا

[ALIGN=CENTER]التعليم ديكور ليس إلا [/ALIGN] في المنطقة الشرقية بالسعودية، التحقت سيدة متقدمة في العمر بمركز لتعليم الكبار، رغبة في محو أميتها بتعلم القراءة والكتابة، وفي نهاية العام قبل الماضي جلست للامتحان النهائي للصف الأول الابتدائي ورسبت، فاضطرت لـ “إعادة” السنة وجلست للامتحان مرة أخرى قبل أيام قليلة ورسبت، فما كان منها إلا أن توجهت الى معلمتها وأبلغتها بأنها ستأتي بأولادها ليضربوها ويدشدشوا عظامها، وبلغ الأمر مديرية التعليم فشرعت في إجراء تحقيق حول التهديد، وفي تقديري فإنه نظرا لكبر سن تلك السيدة فسينتهي الأمر بالقول لها: عيب يا خالة.. ولو عيالك سووها فسيدخلون السجن وستتعرضين أنت أيضا للمساءلة القانونية.
هذه امرأة فاتها قطار التعليم، ولكنها وبقرار شخصي قررت أن تنال حظا من التعليم.. برافو.. فعندما يكبر العيال ويغادرون “البيت الكبير” يحدث فراغ عريض في حياة الوالدين وتصبح القراءة خير وسيلة لنفي الملل،.. بعبارة أخرى من المؤكد أن هذه السيدة المسنة لم تسع لنيل قسط من التعليم للحصول على مؤهل أكاديمي تدخل به سوق العمل، وبالتالي فإن تهديدها لمعلمتها باللجوء الى العنف ما لم تعتبرها ناجحة، أمر يثير الدهشة والعجب.
ولكن إذا فكرت مليا في الطريقة التي ننظر بها الى التعليم بصفة عامة فإنك ستتفهم سلوك تلك السيدة العجوز: لا يهم أن يحصل عيالنا على “ترتيب” متقدم بأساليب ملتوية، بل هناك أولياء أمور لا يترددون في تقديم الرشوة للمعلمين إما لتحصين عيالهم ضد الرسوب أو لرفع درجاتهم حتى يصبحوا في “طليعة الناجحين”.. وسبق ان سمعت صديقا يشكو: لو مرشد الصف الحمار أعطى الولد 12 درجة كان دخل ضمن العشرة الأوائل!! سألته عن الترتيب الذي أحرزه ولده فقال: الثاني والعشرين.. قلت له ان مرشد – مربي الصف لا يملك صلاحيات تعديل درجات الطالب في الجغرافيا والرياضيات واللغة العربية الخ لأن تلك الدرجات تأتيه من مدرسي كل مادة على حدة، ويقتصر دوره على رصد مجاميع الدرجات وإصدار النتائج.. لم يقتنع بكلامي وأصر على أنه كان بمقدور مربي الصف أن يرفع درجات ولده هنا وهناك، كي يصبح من العشرة الأوائل!! عندئذ نشطت جينات التدريس الكامنة في عقلي وقلت له بكل ما أوتيت من وقاحة: ولدك هذا مستواه “‘وسط” والعشرة الأوائل في المدرسة ليسوا مبشرين بالجنة، وقد تخسر نصف درجة فيكون ترتيبك “الثاني”، وأنت حسبتها بالكمبيوتر واستنتجت ان ولدك تنقصه 12 درجة ليقفز من المرتبة الثانية والعشرين الى المرتبة العاشرة او الثامنة وهو لا يستحقها.. راجع نفسك واسألها: هل مربي الصف هو الحمار؟.
التعليم والدرجات عندنا دخلت أيضا سوق الفشخرة (التباهي): البنت جابت مجموع 449،. ما شاء الله عليها.. (اسم الله عليك أنت الذي تعرف أنها قضت شهرا كاملا وهي تزين طرحتها بالملخصات التي تسمى برشام).. وكما اننا نقترض أموالا فوق طاقاتنا الحقيقية لشراء الأثاث او للسفر في الإجازات أو لتنظيم حفلات الزفاف أو حتى “أعياد الميلاد”، فإننا لا نمانع في ان يقترض عيالنا درجات (عن غير استحقاق) من زملائهم او مدرسيهم.. ولهذا تفاجأ بأن ولد فلان الذي نجح بالعافية في امتحان الشهادة الثانوية (المساق الأدبي) عاد من بلد أوروبي غير مذكور في الأطلس حاملا بكالوريوس طب.. المهم هو “الشهادة” وليس محتواها لا يفوتكم مقال الغد عن التعليم ايضا.. ستأكلون “صوابعكم وراه”.. من شدة الغضب!

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com

تعليق واحد

  1. ابو الجعافر انت دايما ساخط تعال ابدلك انت اقعد عاطل في البلد دي وانا امشى قطر انشاء الله كناس