نور الدين مدني

العم جاد الله

[ALIGN=CENTER]العم جاد الله [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]بعض الشخصيات العامة تبقى في الذاكرة والوجدان الذاتي والشعبي وان لم تربطك بها علاقة عامة أو خاصة، بل تشعر نحوها بحميمية تزيدها اقتراباً منك، تحس تجاهها بالألفة والراحة النفسية.
* العم جاد الله، كما أصبحنا نطلق عليه في السنوات الأخيرة احتراماً وتوقيراً له هو رائد صناعة السينما السودانية المخرج والمصور السينمائي المبدع جاد الله جبارة الذي رحل عن دنيانا الفانية إلى دار الخلود قبل يومين نموذج حي لهذه الشخصيات العامة التي لا تنسى.
* قبل ان يشتهر العم جاد الله بفيلمه المأخوذ من التراث الأدبي لأهل الشرق عن قصة الحب السودانية الأسطورية بين المحلق وتاجوج كان ملء السمع والبصر في مجال عمله لا تراه إلا والكاميرا معه.
* كان علماً بارزاً في ميدان التصوير الفوتوغرافي منذ أيام السينما المتجولة ووحدة الإنتاج السينمائي التي كانت تنتج الأخبار المصورة والافلام التوثيقية القصيرة التي كانت تعرض في السينما قبل بداية الفيلم، والتصوير الفوتوغرافي الذي كان يغذي الصحافة والأيام عندما كانتا في الساحة وحدهما بالصور التي تعين في اختيار الصورة الرئيسية في الصفحة الأولى.
* كنا نراه ونحن على مقاعد المتفرجين في الاحتفالات والمهرجانات خاصة ابان أمجاد الدورة المدرسية وهو يجوب أطراف الميدان مكان الاحتفال بكاميرته في حركة ويقظة دائبة لاختيار اللقطات الحية والمعبرة في حيوية لازمته حتى بعد ان تقدم به العمر.
* ذهبنا في رحلة عمل صحفية مع مجموعة من الصحفيين والمراسلين للصحف والوكالات الأجنبية إلى مدينة جوبا ابان الحرب الأهلية التي كانت تلقي بظلالها على الحياة في المدينة وتكتم أنفاسها منذ المساء الباكر أصر معنا على المبيت حتى صباح اليوم التالي رغم التحذيرات الأمنية التي طالبتنا بعدم التحرك من الاستراحة بعد المساء وحملتنا مسؤولية سلامة أنفسنا إذا نحن تجاوزنا هذه التحذيرات، ولكننا نفذنا رغبتنا في المبيت وخرجنا في صباح اليوم التالي في جولة ميدانية توقفنا فيها على بعض ما تبقى من مظاهر الحياة في المدينة وخارجها حيث وجدنا النساء والأطفال في أوضاع معيشية مأساوية.
* ظل العم جاد الله حريصاً على المشاركة في ورش العمل والمنتديات الثقافية حتى بعد ان فقد بصره، وكان يحتفي بوجودنا إلى جانبه ويصر على اسماع صوته في كل محفل وهو يحمل حلمه الذي ظل يلازمه كظله من أجل قيام صناعة للسينما في بلادنا.
* تغمد الله فقيد الوطن والثقافة جاد الله جبارة واسكنه فسيح جناته والهمنا وآله وذويه وتلامذته الكثر الصبر وحسن العزاء.
* إنا لله وإنا إليه راجعون.

كلام الناس – السوداني – العدد رقم 999 – 2008-08-25 [/ALIGN]