جعفر عباس

الزوج بخطة خمسية


[ALIGN=CENTER]الزوج بخطة خمسية[/ALIGN] هناك عادات وتقاليد كثيرة تقيم لها مجتمعاتنا وزنا، ولكنني – شخصيا – أتعمد الخروج عليها، أو أمتثل لها على مضض، وليس من الشطط القول بأن بعضنا يضفي قدسية (زائفة طبعا) على عادات سخيفة وبلهاء، ويعتبر الخروج عليها مجلبة للعار والشنار (رسم الكمبيوتر خطا أحمر تحت كلمة “مجلبة” رغم أنها صحيحة ولم يفعل الشيء نفسه مع كلمة شنار التي لا أعرف شخصيا معناها!)، لدينا عادات في منتهى الغباء في الزواج والعزاء في الأموات.. خذ مثلا ما يحدث عندنا في السودان عندما يموت شخص ما.. لنفترض ان عائلة ما فقدت كبيرها وعائلها ومن كان يكسب لها القوت.. يأتي المئات لتقديم العزاء على دفعات، وطوال عدة أيام يظل أهل المتوفى يوفرون الطعام والشاي والقهوة لجحافل المعزين.. إطالة البقاء في بيت العزاء واجب وتتعرض للعتاب واللوم إذا مكثت فيه ربع او ثلث ساعة.. ينال الشكر والثناء من يبقى في بيت العزاء ساعات متصلة أما الذي يأتي الى بيت العزاء عدة مرات على مدى ثلاثة أيام (مثلا) فإنه يصبح مضرب الأمثال بأنه “صاحب واجب وما قصر معنا لما مات المرحوم”.
سليمان الربعي شاب سعودي ظل يتزوج طوال السنوات الثلاث الماضية (الرجاء من الأستاذ المصحح ان يترك الجملة السابقة في حالها).. لم يكن يتزوج بامرأة جديدة كل سنة أو بضعة أشهر بل ظل يتزوج بنفس الفتاة، وحسب إفادته لصحيفة عكاظ فإنه كتب كتابه على الفتاة من دون ان يكون المهر المطلوب متوفرا لديه، فقالوا له: لا تحمل همّا.. المهر بحسب العرف القبلي هو كذا ألف ريال، وتقديرا لظروفك وكون راتبك الشهري لا يزيد على 1800 ريال (480 دولارا) فسنسمح لك بسداد المهر بالتقسيط المريح وبعد سداد آخر دفعة، نقول لك ألف مبروك وبإمكانك ان تأخذ زوجتك الى بيتك لتعيشا كزوجين.. حتى الآن نجح سليمان في سداد قسطين وعليه ان يدفع 15 ألف ريال، و …. بالرفاء والبنين.. يعني العرف والعادات القبلية في بلد أهله شديدو التمسك بتعاليم الإسلام تقف حائلا دون أن يعيش سليمان مع زوجته طوال السنوات الثلاث الماضية وربما عليه الانتظار 24 شهرا آخر على الأقل، فيكون قد أكمل مراسم زواجه في خمس سنوات
وحقيقة الأمر هي أن كل مجتمعاتنا الحضرية والبدوية تشهد الكثير من السخف باسم العادات، وربما كان سليمان الربعي محظوظا لأن المهر الذي اتفق عليه كبار قبيلته وقريته ليس ضخما (بل شاءت الأقدار أن يكون هو مهدود الدخل – رجاء للمصحح مجددا ترك “مهدود” في حالها).. ففي المدن صارت موضة ان كل “عائلة” تفبرك لنفسها منظومة من العادات للأفراح والأتراح.. تطلب الزواج من واحدة من عائلة الجعافرة العبسية فيقولون لك: على بركة الله .. بس عادتنا ان يدفع العريس عربونا قدره 20 ألف دولار نظير “حجز” العروس باسمه، ثم يأتي بموكب يتألف من خمسين شخصا على الأقل من أهله لطلب يد البنت الجعفرية العبسية رسميا ونقيم لهم حفلا ضخما فخما على نفقتنا، على ان يدفع العريس مبلغ 30 ألف دولار كتأمين لا يسترد.. وليس من عادتنا التشدد في المهر.. سنقبل بأي مبلغ لأن بنتنا ليست بضاعة.. فقط على العريس ان يأتيها بمجوهرات زنة نصف كيلو من الذهب الأصفر عيار 21 قيراط ومثلها من الذهب الأبيض المتوسط.. ويتحمل نفقات حفل الزفاف في فندق فشخروت ماريوت لأن كل أعراس العائلة تقام هناك.. وهلمجرا.
يا جماعة والله عندنا أطنان من العادات التي كثير عليها ان توصف بـ”الجاهلية”.. ولدينا تشكيلة من العبارات الخائبة نسميها حكما وأمثالا شعبية، ولولا خوفي على سلامتي لشرشحتكم وشرشحت عاداتكم وحكمكم وأمثالكم الواحدة تلو الأخرى.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com


تعليق واحد