نور الدين مدني
غلبة السوق
* ابتداء من الذرة والدخن والبلح وحتى الليمون الذي لايتعزز إلا في شهر رمضان المبارك لأنه مشروب الغالبية العظمى من المواطنين الذين لا يستطيعون شراء الفواكه أو العصائر الجاهزة ولا حتى اعداد المشروبات المحلية التي اصبحت تكلفة أعدادها غالية مثل الحلومر والآبري، ولم يسلم الكركدي من زيادة السعر.
* صحيح ان بعض أسباب زيادة أسعار هذه السلع اقتصادية، اي انها مرتبطة بحركة الانتاج والسوق ولكن للأسف ايضاً هناك عوامل أخرى دخيلة بعضها مرتبط بالعقلية الاستغلالية لمواسم البيع وبعضها مرتبط بالعقلية الاستهلاكية للانسان السوداني.
* هكذا تضيع المعاني الدينية والانسانية والاخلاقية لشعيرة الصيام في الشهر المبارك بتحول موائد رمضان في كثير من الأسر إلى موائد للطعام والشراب البزخي التفاخري.
* مللنا الحديث عن زيادة الأسعار ونعترف كما اعترف زعيم سياسي كبير بأن (السوق غلبنا) وكذلك الذين فرضوا علينا تطبيقاتهم الجائرة لسياسة السوق الحر وتوابعها من الخصخصة وآثارها السالبة، ولكننا ونحن على مشارف هذا الشهر العظيم لابد أن نلفت الانتباه لهذا الانفلات الموسمي لأسعار حاجات رمضان.
* ونذكر أيضاً بأن حكمة صيام هذا الشهر الجوهرية إلى جانب تزكية النفس والسمو بها في عالم الروح والبعد عن الشهوات المادية في نهار رمضان الإحساس بالفقراء والمساكين والاحسان اليهم، وليس الاكثار من تناول الطعام والشراب بعد الإفطار لان ذلك يحول الصيام إلى انقلاب في مواعيد الأكل والشراب وبأكثر من الاستهلاك الطبيعي اليومي بعيداً عن المعاني والقيم والممارسات التعبدية التي يجب تنتظم حياتنا في رمضان.
* ولنجعل من صيامنا لهذا الشهر الفضيل فرصة لمراجعة عاداتنا الضارة التي نقلع عن تعاطيها طوال نهار اليوم في رمضان لنحاول التخلص منها نهائياً وهذا أمر ممكن، ويحتاج إلى إرادة وعزيمة يمكن ان نودع فيها وإلى غير رجعة التدخين أو الصعوط.
* هكذا يمكن ان نحسن استغلال استعدادنا لهذا الشهر المبارك، ليس بالعقلية الاستهلاكية الغالبة للأسف وإنما بالعودة إلى ينابيع حكمة الصيام والأجواء الروحانية والقيم والمعاني والممارسات التي نحن في أمس الحاجة إليها في ظل غلبة الحياة المادية الخانقة.[/ALIGN]
كلام الناس – السوداني – العدد رقم 1000 – 2008-08-26