فدوى موسى

ذاكرة ناعسة

[ALIGN=CENTER]ذاكرة ناعسة [/ALIGN] حالة طفو.. تجعل الفرد منا خفيفاً على سطح الأحداث.. تارة تحس أن سوائل التفاصيل تتداول معك بكثافات مختلفة.. يوم تكون فيه ثقيلاً وتارة أخرى كما يقول البعض تصبح «ريشة الوزن».. صحوت في ذلك اليوم مثقلة الرأس مشوشة الذهن أنظر حولي في بلادة وذهول كما أنني أريد أن استوعب العالم حولي.. ورويداً رويداً بدأت استجمع واستدرك المحيط.. هذا هو المنزل.. هذه بنتي.. وأنا «فلانة الفلانية» ولحظات أخرى استجمعت فيها كل الخيوط وارتسمت صورة ذهنية كاملة.. وبقى تساؤل يؤرقني «هل يمكن أن تمر على الإنسان لحظات أو كسور من الثواني يمسح تفاصيل حياته ويصبح فاقداً للذاكرة ومن ثم تحدث له إعادة دمج مع حياته.. قالت لي صديقتي الطبيبة «هي لحظات ما بين الصحو والنوم» فقلت لها «يعني دا نعاس ساي».. فقالت «احتمال».. فهمهمت «إذن ذاكرتي ناعسة» بصورة دائمة..

عصافير قادمة..

.. «لاقاهو» في الشارع العام.. فسأله «أها جهزتوا حاجات رمضان.. الآبري والكركدي وحاجات العصاير البلدية.. و..» رد عليه «يا زول المرة دي.. رمضان حنعيشوا تمامة ساي.. حبة آبري من ناس أمي وحبة من ناس أمها.. ونجازف بقية الحاجات كده كده».. «يعني قرش ما حتطلعوا للشهر العظيم».. «يا زول أكان قدرت على اللحم والبلح وصينية الشارع ما خليت حاجة».. «يعني عندك علاج للأسعار المولعة دي».. «البنقدر عليه بنشتريهو والغالي متروك..».. وأدخله الحوار في سرحة طويلة مع غنم إبليس.. «يا ربي الماهية بتكفي الشهر دا.. صينية الشارع.. صينية جوه.. العصاير.. السكر والسحور.. والـ.. والـ.. فلم يجد إلا أن ينتهر غنم إبليس ويهمهم «استغفر الله.. علي الله.. مركب علي الله ما بتغرق.. ورمضان بخيره.. والله كريم علينا وعلى الكل.. الله يلعنك يا ابليس»..

آدم دمار..

الخريف حطم الأبواب.. هذه العبارة لها وقعها في الأحياء العريقة حيث المساكن الضيقة.. التي تعتمد مبانيها على المواد التقليدية.. السقوف البلدية الباردة، والحاجة للترميم الموسمي بـ«الرقيطا» والتراب تصبح لازمة للتعامل مع هذه البيوتات في فصل الخريف.. وهنا تبرز بعض الشخوص المحلية التي اعتدنا عليها في صراعنا مع آثار الأمطار غير الموجبة.. خاصة من يفتحون المصرف والمجرى أو يردمون «التروس».. أذكر هنا.. ذلك الرجل في حارتنا بمنطقة الجريف غرب الذي نفتقد أخباره الآن.. ربما يكون قد انتقل من الحي لآخر.. «آدم دمار» وهو الذي يقوم بهدم «الحيطان والغرف» خاصة في فصل الخريف عندما تتشرب وتميل عن مركز ثقلها.. وها هو الخريف.. وها هي الحاجة لوجود أمثال «آدم دمار» من أجل الإعمار.. فهل فطنت السلطات المحلية لهؤلاء في هذا الموسم وما أحوجنا لـ«دمارهم» الموجب في أحيان كثيرة.

اشتري وخزن..

أمونة في حراكها الرمضاني تؤمن بنظرية «الدكين» مما جعلها تستغنى عن غرفة كاملة من المنزل لتخزين البصل المجفف والشرموط والآبري والرقاق والسكر و.. و.. في هلع يجعلك تعتقد أن الشهر القادم العظيم كأنه شهر المحل والمجاعة.. بل المعروف عنها الشفقة وأنها تشتري وتخزن بصورة مزعجة جداً جداً.. فهل هذه ظاهرة صحية أم أنها تنافي النواحي الإيمانية والحكم المشروعية لهذا الشهر الذي يفترض أن يتعلم المسلم فيه الصبر والتعرف على إحساسات الجوع الذي يتلظى به الآخرون في ظل اضطرابات العالم منذ الأزل.. فهل تكسر «أمونة» الأهداف السامية لهذا الشهر بالشراء والتخزين والشفقة الزائدة.

آخر الكلام.:-حالة من الإحساسات الطاغية تجول بنا في ذاكرة فاترة تتعشم النوم.. والأمطار ورمضان على مقبل الأيام.. فهل يا ترى نشتري ونخزن أم نتركها على المركب.

سياج – آخر لحظة – 1240
fadwamusa8@hotmail.com