زهير السراج

أسباب الحسد السوداني..!!


[ALIGN=CENTER]أسباب الحسد السوداني..!! [/ALIGN] استاذنا الصحفي الكبير سيف الدين عبدالحميد كتب مفسرا الحسد السوداني:
من مفارقات التركيبة النفسية للشخصية السودانية تلك الأريحية التي تبلغ أحياناً مبلغ الحاتمية التي تستوجب التغني لها (وننحر خرزة الشايل لضيفنا هوية).. هذا في حالة ان كانت هذه النفس الأريحية “لازمة الواطة” وبعيدة عن مظنة السلطة والتسلط.
حتى إذا ما ولجت هذه النفس الأمارة ميادين التنافس وحلبات الصراع السياسي والرياضي والتجاري وغيرها استثارت تلك الصفة الذميمة من تحت الطبقة النفسية السفلى، وهي في الحقيقة صفة كامنة في انتظار من وما يستثيرها، واختلاف درجاتها في النفس اختلاف مقدار لا اختلاف نوع، تتحكم فيه عوامل كالتربية والدين والاستقامة الخلقية، بيد أن هذه العوامل تعتبر مجرد كوابح ذاتية داخلية للحسد الكامن كمون الظلم في هذه النفس والذي قال عنه المتنبئ قديماً:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلمُ
وكذلك الحسد الذي لا تجد له علاجاً كما يقرر المتنبئ نفسه حين يقول:
سوى وجع الحساد داو فإنه إذا حلَّ في قلبٍ فليس يحولُ
وأقرر أننا شعب حاسد، ولأن الحسد صفة معنوية فإنها لا تقتصر على الحضر دون الريف ولكن لأن مجالات التنافس الحضرية أقوى فإن أوجاع الحسد تبدو أقوى وأكبر!
إذا أخذنا أمثلة ساذجة لذلك نجد في الحلبة السياسية من قال في الزمان الغابر لخصمه السياسي (والله إذا كان سيدك فلان أدوهو “سير” ــ لقب Sir ــ يكون سيدي فلان أدوهو الجلد كله)..!!
وفي الحلبة الرياضية يتحدث احدهم بمرارة مفقوعة: (والله لو لعب الفريق الفلاني مع إسرائيل أنا أشجع إسرائيل).
أما في ميدان التجارة فحدث ولا حرج: (والله تعرف فلتكان الهسع عمل ليهو عمارة ده، كان شغال عتالى في سوق البصل) !!
إن سر الحسد وبقية الصفات الذميمة في الشخصية السودانية هو كونها شخصية نمطية خارجة من ظلمات السلطنة الزرقاء مشبعة بكل عقد التخلف حتى وإن تمظهرت بمظهر حضارة الآخرين، بل إن هذا التمظهر ما زادها إلا زهواً طاؤوسياً زائفاً، ويظهر ذلك جلياً عندما تؤول للفرد السوداني السلطة ــ أياً كان مستواها ــ فيبدو للآخرين حاملاً ثالوث الهاءات الاستبدادية: هامان/هولاكو/هتلر، وتراه يمد لسانه لبني وطنه ويقول لهم “شوفوني” وهى مكمن الداء.
حكى لي أحد قدامى المعلمين أن زعيماً لقبيلة سودانية كان يجلس على مقعدٍ عالٍ وينادي على أفراد قبيلته فيجلسون القرفصاء أمامه صامتين، ثم يبتدر كلامه بالتحذير والتخويف بعبارته الثابتة: (اسمعوا يا ناس وحياة الله “العلاني عليكم” كان عملتو كدي أو كدي حأعمل فيكم كدي وكدي…)..!!
هذا ولما تفشى داء الحسد والتحاسد وسط المجتمع لم يعدم أفراده أن يضربوا له الأمثال: عين الحسود فيها عود، ماذا يفعل الحاسد مع الرازق، يحسد القرد على…، وفلان عينو حارة… الخ.

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
2/9/2010


تعليق واحد

  1. لك التحية أستاذ زهير وأنت تضع أصبعك في مكمن العلة ، وتعري بكل واقعية هذه الكذبة التي كذبناها وكنا أول المصدقين لها ، بأننا شعب نسيج وحده (وما في زول بشبهنا) ونحن الساس ونحن الراس …. وما إلى ذلك من كذب و ادعاءات . الحسد وكما هو معلوم للجميع هو تمني زوال نعمة الغير ، النعم بكل أنواعها من مادية أو معنوية ، تصور أخي القارئ الكريم ! والأمر عند البعض لا يتوقف عند التمني فقط ، بل تجدهم يجدون أيما جد ويفعلون كل ما في وسعهم لنزع نعمة من نعم الله عليك !!! آن الأوان لنفيق من غيبوبتنا ونصحوا من أواهمنا ، وإن لم نعترف بأننا ناس ( وهم ساكت ) فلن نستطيع أن نعالج هذه الأمراض التي انتشرت بيننا 😡

  2. التحية للأستاذ الصحفي سيف الدين عبد الحميد ولك الأستاذ زهير السراج … المقال وعلى قصره يلفت الأنظار إلى ظاهرة اجتماعية ومرض نفسي آخذ في الانتشار في وسط الشعب السوداني ،،، و الحسد ( معلوم للجميع أنه تمني زوال نعمة الغير ) يحمل بين طياته درجات متفاوتة من الأنانية وحب الذات و الحقد و الكراهية ، وهي صفات لو اجتمعت في الفرد الواحد لصح نعته بأنه مريض وغير سوي ، أما أن تجتمع هذه الأمراض في شعب فالمصيبة أعظم ، ولعل واقع أمتنا اليوم الملئ بالتخلف و التردي في كل نواحي الحياة المادي منها و المعنوي ، خير برهان على أنّ داء الحسد قد استشرى في جسد الأمة السودانية فأقعدها عن اللحاق ببقية الأمم وبدلاً عن صرف الهمم في العوالي من القضايا و الانشغال بعظام الأمور
    أخذ كبيرنا يحسد صغيرنا و غنينا يحسد فقيرنا ، وما نسمعه من حكاوى عما يدور في ردهات قصور كبار القوم من دسائس ومؤامرات – أضاعت أموال وأوقات العباد في الفارغه-
    ما نسمعه من تلك الحكاوى أعاد إلينا ذكريات دويلات ما بعد الخلافة الراشدة وعهود انحطاط الحضارة الاسلامية ، وذلك بسبب التنافس غير الشريف على الوظائف وتولية أمور العباد لمن لا يصلح لذلك ،،، ونحن الذين نعيش في المهاجر لسنا ببعيدين عن هذه الأدواء التي يبدو أنها قد صارت عابرة للقارات وتحل أينما حل سوداني ، وما نسمعه كنا في الماضي عن سلوكيات بعض العرب في دول الاغتراب ، صرنا نمارسه بطريقة أكثر احترافية فيما بيننا ولكأننا قررنا أن نبدأ من حيث انتهى الأخرون ، وفي هذا المقام يطول السرد و التفصيل .
    شكرا لك أخي القارئ (على طولة البال ) والصبر على قراءة هذا التعليق .