جعفر عباس
الشيوعيون يخططون لقتلي مجددا
ثم طرحت لجنة المعتقل فكرة الإضراب عن الطعام مجددا؟ ما لكم؟ في إيه؟ ما الذي ينقصكم؟ في كل صباح تسلمكم ادارة السجن كميات مهولة من اللحم والبصل والطماطم حسب رغبتكم، ماذا تريدون؟ تزويد السجن بال”فانتا” عبر شبكة مواسير المياه؟ قالوا: نريد المطالبة بأسرة لأن النوم على الأرض فوق البرش والحصير لا يليق بالآدميين؟ ..نعم سرير لكل معتقل؟ ثم إنه من الثابت علميا ان النوم فوق البلاط يوفر الوقاية من آلام الظهر.. ولكن الشطح لم يتوقف عند ذلك الحد: سنطالب أيضا بتزويدنا بالصحف اليومية وأجهزة الراديو والتلفزيون!! قلت لهم:إيه رأيكم نطالب بالمرة بإقامة دار سينما داخل السجن؟ وتوظيف عشرات المختصين في المساج كي “يمسدوا” العضلات التي تيبست من طول الرقاد على البلاط؟.. كيف يسمى سجنا مكان يطبخ المقيمون فيه الأكل كما يشتهون ثم تأتيهم خدمات الإذاعة والتلفزيون والصحف ببلاش؟ وقلت لهم أيضا: لو حققوا لكم مطالبكم التعسفية هذه، فإن الحكومة ستتكبد الملايين للإنفاق على المعتقلين السياسيين لأن عشرات الآلاف من المواطنين سيتعمدون التحرش بالحكومة ليدخلوا السجن وينعموا بتلك الخدمات الفندقية، وبالتالي فإنها مطالب تعجيزية ستؤدي إلى هلاك نصف المعتقلين خاصة وان الشيوعيين يعشقون الإضرابات المفتوحة عن الطعام (سعاد ابراهيم احمد، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أضربت في أواخر عهد نميري عن الطعام لنحو ستة أشهر متصلة).
عقدت اجتماعا سريا لمريدي سي دي ابوالجعافر وقلت لهم: الشيوعيون هؤلاء يريدون تصفيتنا جسديا، والإضراب عن الطعام هذه المرة سيؤدي الى موت جماعي، ولابد من تحرك سريع لنزع الثقة من لجنة المعتقل كخطوة ضرورية لإفشال الإضراب.. وجلسنا على المسرح الواقع في الجزء الشرقي من قسم السرايا في السجن ورفعنا أيدينا بالدعاء على اللجنة: اللهم بدِّد شملهم وفرِّق كلمتهم.. يا لطيفا لم تزل، ألطف بنا مما نزل، وأخرجنا أحياء من هذا المعتقل.. ولم ننجح في طرح أي خطة معقولة لإجهاض الإضراب، وكانت أكثر الخطط عقلانية تلك التي تقضي بتصفية أعضاء اللجنة جسديا أو إلحاق إعاقات مستديمة بهم، ولكن جميع مريدي سي دي ابوالجعافر كانوا كحيانين، يفتقرون إلى الحد الأدنى من اللياقة البدنية.
وجاء يوم الإضراب المفتوح عن الطعام وطلبت “إعفاء”، فقالوا: هات شهادة تثبت انك تعاني من السكري او أي مرض “محترم”.. وشاركت في الإضراب.. واحتفظت بكامل قواي العقلية حتى بداية اليوم الثالث.. ثم خارت قواي العقلية والجسدية.. ووجدت نفسي أزحف على بطني صوب مكان تخزين ممتلكات مجموعتي على أمل ان اجد فيه ما يؤكل، ولم أجد غير كميات من السكر.. وأخذت لحسة.. والله خلال ثوان شعرت بالامتلاء، وبالنشاط الدافق ومع اللحسة الثانية كان الاحساس بالجوع قد زال، وهتفت في سري: يللا ليستمر الاضراب شهرا ونشوف مين اللي يتعب.. طالما هناك سكر فمرحبا بالنضال!!
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com
والله بلاش مافي داعي نشوف آخرك شنو