ما أقسى ترحال الحروف
لا تزاول خاطري كلماتك «بلهجتك الخاصة» عندما أتيتك وقد استجار بي أحد القراء في خصاصة، بادي الأمر وجدت في نفسي توجساً من الذهاب إلى مكتبك.. ولكني قلت لنفسي «يا بت باركيها».. دلفت إليك وما أسهل الدخول عليك.. جئتك في حاجة أحد القراء.. فما مهلتني وقلت لي «خليهو يجيني يا دكتورة»، فما أحوجتني لتنميق الكلام أو اجترار المقدمات، وما هي إلاّ أيام وجاءتني رسالة من ذلك القاريء يشكرك ويدعو لك..
ومرة أخرى تعود علي أطياف قامتك الشامخة بعد انتهاء «عيد أزمة الحمى النزفية» وقد قفيت في ديار الشمال.. أذكرك على مدخل مكتب مدير التحرير وأنت تشتكي من حمى خفيفة، تسألني إن كانت هي النزفية أم لا.. وكيف أنك قد ذبحت بيدك خمسة خراف.. و.. وحينها يبدو لي أنك لم تصدق نفيي لوجود هذه النزفية بتلك المناطق..
أخي جعفر لا نملك إلاّ أن ندعو لك الله أن يتقبل مقدمك قبولاً تقر به أعين أحبتك الأحياء والأموات.. ونحن نشهد لك بحسنات جمة ونتذرع بها عند الله أن تكون قاعدة تردف عليها المزيد المزيد..
أخي جعفر.. أكتب إليك اليوم وأعلم أن كلماتي هي جهد العاجز.. إن كان الموت هو حالة توقف الكائنات عن النمو.. فإنك تنمو بأعمالك ودعوات أهلك وصداقتك وكل من بارحتهم في هذه البسيطة..
أخي جعفر.. بكاك أهلك رجالاً ونساءً ولو كانت الدموع تعيد راحلاً لكنت ذلك العائد، وحتى لا ندخل من بوابة عدم الامتثال بهذا القضاء نقول: ربنا إنك أعطيت وإنك أخذت ولا حول ولا قوة إلاَّ بك.. ربًّ يسر عليه سؤال القبر ومحاصصة العذاب الذي يفزع منه حتى الأنبياء والمرسلون. ها أنت الآن قد وصلت منزلك في الآخرة ونحسب أنك تتهيأ لمنزلة الجنان إن شاء الله.. وكلنا على درب الموت راحلون «كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».. فقد تعجلت يد المنون واختطفتك واصطفاك الله باكراً.. نعم نحن نعرف أن هذا الكأس كلنا سنشرب منه ونتذوق «كل نفس ذائقة الموت».
أخي جعفر.. قد تقطعت بنا أسباب التواصل معك فقد سمعت خطو مشيعيك ذاهبين بعد أن أسلموك للبارئ.. وقد أسلموك لخير ديَّارٍ إن شاء الله.
أخر الكلام: أخي جعفر..
نروع ما نروع ثم نرمي
بسهم من يد المقدور آتِ[/ALIGN]
سياج – آخر لحظة – العدد 755
fadwamusa8@hotmail.com