فدوى موسى

حسرة عامة!


[ALIGN=CENTER]حسرة عامة! [/ALIGN] ما بال الناس يضمرون خلاف ما يظهرون.. ويرتدون أثواباً هم لها ناكرون.. تراهم كباراً ولكنهم أصغر مما تتخيل.. قد تُفاجأ بنوع العقلية التي تفكر أمامك.. هل حقاً هؤلاء هم الكبار في بعض المجالات .. فلا تملك إلا أن تعقد حاجبي الدهشة.. إن كان هؤلاء هم من يُرتكز عليهم في ما يلي بعض الأمور فماذا بالآخرين.. صمت رهيب.. أحياناً كثيرة نكتشف أن الرجل الهمام مجرد بالونة.. «شكة دبوسة» تفرغها من هوائها فتتكور وتنكمش البالونة «المطرشقة» على خواء ولا تملك إلا أن تتعجب كيف وصل هؤلاء لهذه المرتبة الرفيعة وتهمهم في داخل نفسك «إن في الأمر إنة.. إنة» وعلة «الإنة» أن بعضاً من محاباة ووساطات وتفضيل تؤدي لجلوس الرجل غير المناسب في مكان أكبر من مقامات جلوسه وهكذا تنهار كثير من قيم العمل ويضمحل الانجاز ويكثر الغبن وينزوي القادر على الانجاز بعيداً ويرمق كل مجريات الأمور بحسرة تتحول مع الأيام إلى أوجاع عضوية تنتقل من الجانب الأيمن للأيسر ومن المصران إلى «قطع الألم في الحشى والمصارينا…» ثم تبرد الجمرة في كانونها ويصبح هذا المغبون من ذوات الدم البارد جداً وهكذا تتقاصر القامات وتبرد حمأة النشاطات في عروق المهمين والقادرين على العطاء.

*الخروج على القوالب

أحياناً كثيرة تراود بعضنا الرغبة القوية للتمرد والخروج عن «العلب والقوالب الجامدة» التي صبته الظروف فيها أو عرض مادته إليها.. هل إيمانناً بالأقدار لا يعصمنا من التضجر والتذمر مما وصل إليه الحال.. فماذا جنينا من الركون إلى الألوان الرمادية ودوننا الأبيض والأسود ولكنا لا نملك الشجاعة التي تقودنا إلى الصراط المستقيم فنسلك الطرق غير المعبدة التي تحتاج لجهد ضائع بلا مردود.. كثيراً ما نظن أننا بذلك نتفادى المواجهات الساخنة التي أحياناً تجعل حياتنا صفيحاً من النار المحرقة.. لا تتناسب وتداولنا مع الحياة.. إذن لابد من قليل نفاق.. ولا داعي لأن نفاجأ بأن لكل واحد ممن نعرفهم أكثر من وجه من لون حجم ومن وزن.. فهل يجدي التمرد والخروج عن القالب الصلب لمادة الناس الهلامية جداً.. دعنا نقول إننا ارتضينا ما ارتضينا من الاستسهال والهوان والاذعان.. فأحياناً إذعاننا لمن هم دوننا باب من أبواب اللامبالاة الحياة وخروج سالب عن القوالب.. ولكن لابد أن تنكسر القوالب القديمة عندما تفرض مادتنا عن حجم القوالب… فهل انكسرت و«تدشدشت» وخرج المارد من قمقمه القمئ الباهت الملامح..

* البكاء المضحك

قد تتخيل أن الميت المسجى قرب قبره.. الذي يتبادر الدافنون لاعداده.. تتخيل أن كل من حوله حزينين لذهابه الابدي بينما الأمر يختلف.. فالهواتف الجوالة تمارس الرنين الصاخب والنغمات الفرحة تعطيك الإحساس أنك في وسط حفل صاخب.. و«الركشات» على أطراف المقابر تمارس الموسيقى العالية التي تعطيك الحس بأن القبور ستنفجر رقصاً وحراكاً.. «فتنتهر ابليس».. وتستجدي الرحمة لقريبك المسجي في ذلك «العنقريب- عنقريب الجرتق للموت».. إلى ان يصطف المودعون ويقيموا عليه الصلاة وقوفاً ويهيلوا عليه التراب ولسان حال بعضهم.. «الترابة في خشمك».. ليعودوا بذلك (العنقريب) إلى بيت البكاء فتزيد وتيرة الصياح دليلاً على أن هذا الذي حمل المرحوم قد أكد بعودته خالياً ألا عودة ولا وجود لمرحومك من جديد. فتندمج النسوة في ضيافة المعزين والمعزيات ومن ثم يبدأ الحديث يحلو من بعد الجفاف والبكاء.. فتقل وتيرة صوت البكاء وتعلو الأصوات الضاحكة المتآنسة فيما يشبه البكاء الضاحك.. أو قل «البكاء الكوميدي..» والله يرحم المرحوم.

آخرالكلام:- لا تتحسروا كثيراً ولا تحزنوا على ضيق القوالب أو عدم الرضاء بها مادام «نهايتها ردميات وكيمات تراب..» مع ايقاعات الموبايلات والركشات فقد أضحى الكل غير مبالٍ.. (ودمتم)

سياج – آخر لحظة – 20/10/2010
fadwamusa8@hotmail.com